الجزائر

ذكرى المولد النبوي بحي القصبة العتيق... ‏الكل مجند للاحتفال بعيد عظيم عظمة صاحبه



وقعت جمعية الراشدية بشرشال اسمها بالذهب في الساحة الأندلسية الجزائرية ليمتد حضورها إلى التكوين حفاظا على هذا الإرث الموسيقي الوطني، إضافة إلى مجال البحث من خلال استغلال ما يكتنزه شيوخ مدينة شرشال...
''المساء'' التقت السيد لعريرونة محمد رئيس الجمعية وكان هذا الحوار...
- إلى ماذا يعود سبب حضوركم في كل المناسبات؟
* الحضور أمر مهم لكل فنان أو جمعية، ليثبت أنه موجود وليكون دوما مع الجديد، فالمشارك في المناسبات يبحث ويجتهد ليقدم الجديد، أما إذا غاب واستمر غيابه فسيركن إلى ما يختزنه ويكتفي بمهمة الاجترار. كما أن الحضور يقرب من الجمهور ويخلق عند الفنان التواضع، فجمعيتنا مثلا لا ترد دعوة حتى ولو كانت من طالب جامعي يناقش رسالة تخرج في الموسيقى الأندلسية لنرحل من شرشال عن طيب خاطر ونحضر معه التخرج بتقديم وصلات مثلا تترجم مضمون مذكرته، وهكذا في مختلف المناسبات الوطنية والمحلية والخاصة.
- الراشدية من الجمعيات العتيقة في الجزائر، كيف كانت ظروف تأسيسها؟
* تأسست الراشدية سنة 1932 بمدينة شرشال، المعروفة بأنها من حواضر الجزائر ومن قلاعها الثقافية والحضارية، في البداية كانت الراشدية عبارة عن مدرسة قرآنية لتحفيظ كتاب الله العظيم وكانت تابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين...
تحولت الراشدية سنة 1976 إلى جمعية طربية أندلسية، علما أن هذه الفترة وما قبلها كان فيها النشاط الموسيقي الأندلسي شبه غائب، خاصة من حيث حضور الجمعيات، عكس الزمن الحاضر الذي تشهد فيه بلادنا نهضة موسيقية أندلسية رائدة وأصبح الأندلسي فنا جماهيريا.
- هل تنشط الراشدية في مجال التكوين الموسيقي؟
* بالطبع، لنا تجربة لا بأس بها في هذا المجال وأصبحنا مدرسة للتكوين الموسيقي تحوي 5 أقسام بها حوالي 160 طالب من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، يؤطر هؤلاء أساتذة موسيقى مختصون وشيوخ الأندلسي وفق برنامج علمي مدروس ومحضر منذ بداية الموسم الدراسي، وقد اكتشفنا الكثير من المواهب والقدرات التي تبشر بمستقبل مشرف لفن الأندلسي ببلادنا.
- ماذا عن حضوركم القوي والمتواصل في المهرجانات المقامة عبر التراب الوطني؟
* نحرص كل الحرص على المشاركة في هذه المهرجانات التي أصبحت تسير من يوم إلى آخر نحو الاحترافية والعلمية، فحضورنا لا يعني فقط تقديم وصلات غنائية أندلسية وكفى أو اللهث فقط وراء جائزة ما إن وجدت، ولكن الأهم في هذه المهرجانات هو أنها تتيح للجمعيات فرصة البحث والتنقيب في التراث الأندلسي، ناهيك عن اللقاءات المقامة التي ينشطها أهم الباحثين والأكاديميين والشيوخ.
' لكل مهرجان خاصيته، فهناك من يعتني بطابع ''الحوزي'' أو ''الكلاسيكي'' أو ''العروبي'' أو ''المصنع'' أو غيرها من الطبوع، وقبل المشاركة علينا البحث والإلمام بكل تخصص سنشارك من خلاله.
- ماهي مراجعكم في هذه البحوث؟
* مرجعنا الأول والأخير هو شيوخ مدينة شرشال، منهم اسماعيل حاكم مؤسس الراشدية وقبله الشيخ المغراوي والشيخ سالمي رحمهما الله، والآن الشيخ محمد العنابي الرئيس الشرفي للراشدية وعميد الأندلسي في شرشال الذي نتوجه إليه لتحضير برامج مشاركاتنا، سواء من حيث الموسيقى أو الأداء أو النصوص والأبحاث التاريخية الخاصة بكل طابع، في الحقيقة نعتبره تراثا متحركا لا يقبل إلا أن يستغل، خاصة وأنه لا يبخل علينا ويحثنا كشباب على الحفاظ على هذا التراث كما ورثناه من التاريخ، وأحيانا نستمتع بأدائه، علما أن صوته الحنون يشبه صوت الشيخ المحفوظ، خاصة في طبع ''العروبي''.
- كيف تجدون واقع الموسيقى الأندلسية اليم بمدينة شرشال؟
* الواقع الأندلسي عندنا على ما يرام وتشهد الساحة الشرشالية في السنوات الأخيرة نهضة غير مسبوقة ما يجعلها من قلاع هذا الفن في الجزائر، فهي أمينة على ''الصنعة'' باعتبارها إرث الأجداد، ويكفي أن بشرشال اليوم 3 جمعيات أندلسية كلها لها الحضور القوي والمشرف كجمعية ''القيصرية'' مثلا.

تشتهر الأسر ''اللمدانية'' بعادات وتقاليد ورثتها منذ القدم، جعلتها تتميز عن الولايات الأخرى؛ فهي تمتاز بالتنوع والثراء والخصوصية مشكلة بذلك فسيفساء من الأطباق المحلية لا تقاوم من حيث الشهية، معبرة تارة عن أصالة سكان المدية وتارة أخرى عن معاصرة المجتمع الجزائري، ورغم التشابه الحاصل في التنظيم الاجتماعي لسكان ولاية المدية، إلا أن هناك تباينا وتمايزا في تحضير الطبق ذاته من منطقة لأخرى، على غرار بني سليمان، البرواقية، قصر البخاري وتابلاط ولعل أشهر الأطباق التي تختص وتتزين بها المائدة اللمدانية، الخليع، العصبان، الطبيخة، دشيشة المرمز، هذه الأخيرة التي تتزين بها الموائد في رمضان.
يتميز إقليم الولاية بالتدرج والتباين في المناخ والنبات، كما أنها تعد منطقة فلاحية بالدرجة الأولى، حيث تكثر فيها حقول القمح والشعير وأشجار التفاح والكروم، إضافة إلى تربية المواشي من أغنام وأبقار ودواجن، معروفة ببرودة شتائها الذي كان له تأثير كبير على تنوع مأكولاتها الشعبية؛ فالعائلة اللمدانية تدخر في فصل الصيف كميات هامة من مشتقات الحبوب كالكسكس والمحمصة والدشيشة والبركوكس، لتقاوم بها برد الشتاء إلى جانب الخليع أو اللحم المجفف بالملح، أما عن الخضروات والفواكه فسكان المدية يعتمدون على طريقة التصبير، كتصبير الطماطم والفلفل والزيتون ويجعلون من الفواكه المتنوعة على غرار التفاح، الإجاص، التين، المشمش والعنب مربى يغنيهم عن المربى المعلب الذي يباع في الأسواق.
ومن أشهر الأطباق التي تختص وتتزين بها المائدة اللمدانية نجد طبق شطيطحة بالمخ والذي يحضر بمخ الخروف والطماطم والثوم وحبات من البيض، إضافة إلى طبق دشيشة المرمز والتي تقدم كشربة في رمضان لا يمكن للعائلة اللمدانية الاستغناء عنها طيلة 30 يوما، كما أن دشيشة المرمز تحضر بطريقة ثانية جافة بالسكر والزبدة بعد طبخها مع قليل من الماء، تستخرج من حبوب الشعير، كما تشتهر المنطقة بطبق ''التبيخة'' وهي أكلة مفضلة لدى الكثير من العائلات تحضر بالفول والأرز على شكل حساء يكثر استهلاكها خلال فصل الربيع، إلى جانب هاته الأطباق هناك طبق مشهور وهو العصبان الذي يستهلك في الشتاء بكثرة وبالأخص في المناسبات كحفلات الزفاف وعيد الأضحى، والعصبان عبارة عن قطع صغيرة من الكبد والرئة وقليل من التوابل والثوم والطماطم تجمع في قطع من معدة الخروف وتخاط وتطهى وتقدم ساخنة على شكل كريات تشابه حبة البرتقال، أما في بعض المناطق الأخرى على غرار مدينة تابلاط، بني سليمان؛ فالعصبان يحضر بطريقة مغايرة، حتى أن اسمه يتغير من العصبان إلى الدوارة أو البكبوكة بنفس المكونات ويعتبر طبقا رئيسيا دون منازع.
ومن الأطباق التي تشتهر بها المدية طبق ''البلبول'' الذي يقال إن أصوله تركية وهو عبارة عن خبز يابس يهرس ويفتل على شاكلة الكسكس مع الزعتر ويمزج بالسكر عند التقديم وزيادة على ما ذكر من أطباق؛ فهناك طبق العصيدة الذي ينصح بتقديمه للأطفال الصغار، خاصة في الأشهر الثلاثة الأولى، فهو صحي وهو عبارة عن سميد يتم طبخه في الماء وعندما يجف تضاف له الزبدة والسكر ويقدم ساخنا ويكثر استهلاكه في فصل الشتاء مع تساقط الثلج.
عند الحديث عن الأطباق التي تشتهر بها المدية، لابد من ذكر الطبق الذي لا يمكن أن تتخلى عنه العائلات اللمادنية يوم الجمعة، ألا وهو الكسكس بمختلف أنواعه وطرق تحضيره؛ فهناك كسكس بالمرقة البيضاء والحمراء، والمسفوف بالجلبانة وكذا الكسكس بالفول الذي يستهلك بكثرة في فصل الربيع وهناك الكسكس الأسود المصنوع من دقيق الشعير الذي ينصح بتناوله لمرضى المعدة والقولون بتأكيد من الأطباء، طبق الروينة التي تصنع خالصة من القمح الصلب الذي يطحن ويغربل ويضاف له السكر والماء وتأكل بطريقتين إما ''مسفوفة'' أو على شكل خليط بالماء أو زيت الزيتون وتحضر في ''الوعدات'' لدفع السوء حسب المعتقدات، كما تمنح للأطفال من حفظة القرأن عند ختم حزب أو أحزاب من كتاب اللّه.
تضاف إلى هذه الأطباق مجموعة من الحلويات التي تتفنن في صنعها أنامل المرأة اللمدنية وهي، المقروط، الغريبية، الصامصة، التشاراك والبقلاوة ولعل هذه الأخيرة تعد من أشهر حلويات الأتراك خاصة وأنهم اتخذوا من عاصمة الولاية قاعدة خلفية لحماية دار السلطان بالعاصمة.
على غرار مناطق الوطن؛ فالمدية تشترك معهم في عدة أطباق كالبغرير، خبز المطلوع، المسمن أو المعارك، الخفاف أو السفنج، إلا أن هذه الأطباق ونتيجة تغير الذهنيات ودخول مأكولات عصرية إلى المجتمع اللمداني، بدأت تزول تدريجيا خاصة بعد وفاة كبيرات السن، إلى جانب عزوف نساء اليوم عن تحضير مثل هاته الأطباق نظرا للوقت الذي تستغرقه في التحضير وكذا عدم معرفة البعض الآخر لطرق تحضيرها.

كشف استطلاع قامت به ''المساء'' أن الكتاب لم يعد من أولويات الأسرة الجزائرية، وأن هذه الأخيرة لا تخصص لشراء الكتب أي ميزانية، وإنما يكون اقتناؤها له بمحض الصدفة، في الوقت الذي أكد فيه بعض أصحاب المكتبات أن الأوفياء للكتب لا يشكلون إلا ما نسبته 20 من القراء.
يرجع البعض تراجع الإقبال على شراء الكتب إلى عاملين أساسيين؛ أحدهما يتعلق بمحدودية استيراد الكتب للجزائر، والآخر إلى غلاء الطبعات المتوفرة بالسوق، وهو العامل المرتبط أساسا بالعامل الأول.
إذ كشف قائمون على مكتبات بالعاصمة أن الكتاب لم يعد من أولويات المجتمع الجزائري إلا في حالات قليلة؛ مثل الحاجة إلى إجراء البحوث أو كتب مساعدة لدراسة الأطفال، وأقل بقليل الكتب المتخصصة، أما بالنسبة لكتب المطالعة بما فيها التاريخ والأدب العربي أو الأجنبي، فهي قليلة للغاية، ''تجلب ما يزيد عن 60 بالمائة من الكتب من لبنان والأردن ومصر، لذلك فإن أسعارها مرتفعة بعض الشيء من تلك الكتب، ما تكون في علم النفس وعلم الاجتماع والكتب العلمية والطب والقانون وكتب التنمية البشرية. ولكن بالنسبة للإقبال، فإنه قليل جدا، إذ تسجل أيام طويلة لا نسوّق فيها كتابا واحدا، تشير مكتبّية من ''الراشدية'' بالعاصمة، فيما تتحدث مسؤولة العلاقات العامة بذات المكتبة أن ''ربات الأسر يبحثن بشكل عام عن كتب حول المواضيع النفسية والسلوكية للأطفال، مثل الغيرة بين الأخوة أو حول النطق السليم عند الأطفال وطرق الانخراط في المجتمع، ومواضيع أخرى عديدة ولكنها تختص عموما بالأسرة. أما الرجال، فإنهم يبحثون خصوصا عن الكتب المتخصصة مثل الطب والقانون وكتب التنمية البشرية، أما كتب التاريخ فإن فئة المتقاعدين هم أكثر إقبالا عليها، وتظهر أسعار الكتب كحاجز أمام اقتناء كتب الأدب خصوصا، إذ يتراوح معدلها ما بين 220 دج إلى 2200 دج، وإذا كانت فئة طلاب الجامعات من أكثر الفئات ترددا على المكتبات، إلا أنها الأقل شراء لذات السبب''.
الكتب اليوم نادرا ما يشترونها، وأكثر الكتب مبيعا اليوم هي كتب الطبخ والأبراج وقصص الأطفال، تقول مكتبية أخرى بمكتبة بساحة أودان بالعاصمة، وتضيف: ''شباب ما فوق العشرين يقرأون الروايات الرومانسية، ولكنهم يمتعضون كثيرا من أسعارها المتراوحة ما بين 200 إلى 600 دج. أمّا الإقبال على الكتب السياسية والثقافية فهو من نصيب من هم فوق الأربعين، طلاب الجامعات من جهتهم يبحثون عن الأدب العالمي المترجم مثل روايات باولو كويلو وأمين معلوف، ولكننا نشير إلى أن الإقبال يبقى ضعيفا جدا. ولكن أتوقع أن يعود الناس لمطالعة الكتب يوما ما، لأنّهم سيكتشفون من تلقاء أنفسهم بأنّه لا غنى عن الكتاب''.
ومن المواطنين، قالت ربة أسرة في حديث لها مع ''المساء'': ''إن الكتب غالية الثمن والأفضل أن نشتري بثمنها حاجيات الأسرة الكثيرة ومستلزمات المدارس''، وأضافت: ''يتضمن التليفزيون مئات القنوات المهتمة بكل شيء، وهذه ثقافة مجانية بذاتها، فلماذا لا بد أن نهتم بالكتاب تحديدا''.
قالت أخرى في هذا الخصوص، إنها حاولت كثيرا تنمية حب الكتب والمطالعة لدى أبنائها ولكنها لم تفلح، فحاولت أن تشجعهم على شراء كتب يختارونها بأنفسهم، فلم تلق أي تجاوب منهم والسبب تأكيدهم أن كتب الدراسة تكفي خاصة مع ضغط الدروس وكثافة البرامج.
ولكن الصورة ليست دائمة متشابهة، فقد أكدت إحدى الشابات الموظفات أنها تشتري الكتب خاصة الكلاسيكية للمطالعة دون ملل،''لا أشتري الكثير من الملابس والماكياج والأحذية، ولكنني أشتري الكتب، أملك شهية مفتوحة على القراءة، ولا يمكنني تفويت زيارة المكتبات كلما سمحت الفرصة. أملك مكتبة خاصة بي في غرفتي تحتوي ما يزيد عن مئة كتاب، ناهيك عن الكتب التي أستعيرها من المكتبات أو من عند الأصدقاء''.
كذلك يؤكد مواطن مهتم بجمع الطوابع البريدية أن الكتاب بالنسبة إليه أساسي ولا يمكن ربطه بالحدود أو بالزمن. يقول: ''في سنوات شبابي، كنت أقرأ كتابين في اليوم إذ كانت الكتب متوفرة وفي المتناول، واليوم بفعل تقدمي في السن وقصر بصري، فإني أقرأ كتابين في الأسبوع الواحد. وأريكم هذين الكتابين في الفن التشكيلي أشتريتهما قبيل يومين، وكلفني الواحد منهما 2200 دينار، ولكني رأيت نفسي مجبرا على اقتنائهما لقيمتهما العالية. كما أشير أنني أنشأت أولادي على هذا الأمر وحتى أحفادي كذلك. وأعتقد أن ثقافة الكتاب تغرس في الطفل مثل الصلاة والاحترام، وإذا تناست الأسرة أهمية ذلك في التربية، فإنه من الصعب سؤال الشباب بعدها لماذا لا تطالعون أو لماذا لا تشترون كتبا. كما أنني أعتقد أن قلة معارض الكتب عامل آخر يؤثر سلبا في تمسك الناس بالكتاب. فأنا أذكر أنه في سنوات السبعينات والثمانيان، كانت تقام أسابيع ثقافية في كل مدينة، تقوم أساسا على معارض للكتاب، أما اليوم فإن الأسابيع الثقافية تهتم أكثر بالرقص والفولكلور الموسيقي، ولهذا ينبغي إعادة النظر في إقامة معارض الكتاب وجعلها دورية مع توفير مختلف العناوين في عديد المجالات حتى يسمح لشرائح واسعة اقتناء ما يشبع فضولها في القراءة''.

كان حفل تخرج بكل المقاييس المعروفة: العرض، الأسئلة والأجوبة، القلق، تشجيع الأولياء، أناقة الطلبة، صرامة الأساتذة المناقشين، الزغاريد، الحلوى والمشروبات، بعد الإعلان عن حصول كل المتخرجين على درجة ''الامتياز''. وهي الدرجة التي يستحقها هؤلاء لان كونهم مصابين بالتريزوميا، لم يمنعهم من خوض تجربة هي الأولى من نوعها، وتتمثل في تكوين دام ثلاث سنوات حول رسكلة الورق القديم، فاستحقوا بذلك الامتياز والشهادات المسلمة لهم، في انتظار تجسيد حلم إنشاء ورشة تحقق لهم الإندماج المهني الحقيقي.
''صالح حمادة''،''أمال بوحبال''، ''عبد النور باشوش''،''ياسمين سادات''، ''محمد أمين مزاري''،''فضيل أبركان''،''محرز بوقرة''، أسماء المتألقين في حفل تخرج أول دفعة من المكونين في اختصاص رسكلة الورق القديم الذي تشرف عليه الجمعية الوطنية للإدماج المدرسي والمهني للمصابين بالتريزوميا، والذي نظم مؤخرا بدار الشباب ''حسان حساني'' في بوزريعة.
وتوج حفل التخرج وتسليم الشهادات للطلاب، ثلاث سنوات من التكوين الذي تم على مستوى الجمعية تحت إشراف السيد توفيق بو السعد نايت قاسي أو ''الشيخ توفيق''، كما يناديه طلابه، بمساعدة السيدة مريم.
وتم التكوين على مراحل، وشمل برنامجا ثريا حول كل مايتعلق برسكلة الورق القديم، من الناحيتين النظرية والتطبيقية، فضلا عن تربص تطبيقي بمجمع ''تونيك'' للورق.
وتداول الطلبة المتخرجون على المنصة واحدا تلو الآخر، لعرض فحوى البرنامج الذي درسوه باللغتين العربية والفرنسية -كل حسب اختياره- كما حاولوا بإصرار كبير الإجابة عن أسئلة لجنة المناقشة تحت رئاسة ''الشيخ توفيق'' الذي رغم صرامته ،إلا أنه تمكن من تخفيف حدة القلق التي راودت الطلبة وهم يعرضون قدراتهم لأول مرة أمام الملأ.
وجاء الإعلان عن منح ''الامتياز'' للجميع نظير المجهودات الجبارة التي بذلوها طيلة هذه السنوات، مصدر فرحة وافتخار لكل الأولياء الحاضرين لاسيما الأمهات اللواتي يعتبرن بشهادة الجميع المدرسة الأولى التي يتعلم من خلالها الطفل التريزومي أولى خطوات الإندماج في المجتمع.
فلكل أم حكاية تختلف في التفاصيل لكنها بالتاكيد تتشابه في عدة نقاط، أهمها الصدمة عند اكتشاف إصابة الطفل بأعراض التريزوميا، والجهل بطريقة التعامل معه، ثم محاولة الأم وإصرارها على إخراج الطفل من أي عزلة قد يفرضها عليه المجتمع، والبحث في كيفية جعله فردا منتجا وفعالا وإيجابيا.
سألنا عبد النور عن رأيه في التكوين الذي تحصل عليه، فلم يتردد في الإجابة بالقول: ''درسنا بطريقة جيدة مع المعلم توفيق الذي اعتنى بنا كثيرا، واليوم أنا سعيد لأنني أنجزت هذه الأعمال، كما تعلمت العزف على آلة الناي، وأمارس المسرح''.
سألنا السيد نايت قاسي عن تجربته في تكوين هذه الدفعة، فاعتبر أن عمله كمرب متخصص في المرضى المصابين بالتخلف العقلي طيلة عشرين سنة، أعطاه الخبرة اللازمة في التعامل مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن التحاقه بالجمعية مكنه من الاستفادة من تربص حول الرسكلة لمدة 15 يوما بفرنسا. ومن هنا جاءت فكرة تحويل رسكلة الورق القديم من مجرد نشاط إلى تكوين حقيقي يكلل بشهادة تمنحها الجمعية، وهذا بغية توفير دعم للمتربصين من أجل تشجيعهم على الإندماج المهني.
ويضيف محدثنا: ''لاحظنا أن هناك من المصابين بالتريزوميا من يقرأ ويكتب، وهناك من لم يكن له الحظ للتعلم، لذا حاولنا تبسيط التكوين حتى يكون متاحا للجميع، وركزنا على الجانب التطبيقي لنمكن المتربصين من إدراك الجانب النظري، ولاحظنا كيف أن بعضهم ممن لايقرأ ولايكتب تمكن من سرد كل البرنامج الذي تلقاه طيلة هذه السنوات، إنها أول دفعة وإن شاء الله تكون هناك دفعات أخرى، ولكن ما أتمناه أن لانقف عند هذا الحد، وأن تسمح هذه الخطوة بالذهاب نحو خطوات أهم، لاسيما إنشاء ورشة تسمح لهم بإنتاج وتسويق أعمالهم، وهذا ممكن لكن يحتاج الأمر فقط لمرافقة دائمة ودعم''.
من جانبه، أكد رئيس الجمعية الوطنية للمصابين بالتريزوميا محمود عمورة على أن أهم نداء يوجهه بعد نهاية التكوين هو للمهنيين، قائلا: ''لاتخشون على هذه الفئة لأنهم أثبتوا اليوم أنهم قادرون على أن يذهبوا بعيدا في مسار الإدماج المهني ويمنكهم أن ينخرطوا في عالم الشغل في مناصب عمل تناسبهم، وهكذا يستقلون بأنفسهم ويخدمون المجتمع، ولكن يجب تضافر جهود الجميع''. وأشار في السياق إلى وجود مشروع مع ''تونيك'' لتربص تطبيقي لمهنة مكيفة مع المصابين بالتريزوميا داخل المؤسسة-.

تعود هذه السنة في مثل هذا اليوم المبارك ذكرى مولد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وهي الذكرى التي اعتاد المسلمون منذ قرون على الاحتفال بها بتلاوة السيرة العطرة لمولده عليه الصلاة والسلام، وذكر الله وإطعام الطعام والتصدق بالصدقات حُباً في النبي المصطفى وإحياء لسيرته العطرة. لكن مثل هذه العادات تقلصت كثيرا وطغت حاليا مظاهر إحياء هذه الذكرى الكريمة بالمفرقعات التي أطلقت عليها أسماء على نحو''الشيطانة'' و''التي آن تي'' وغيرها من الأسماء والأشياء المبتدعة التي تضر أكثر مما تنفع..
كانت مظاهر الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في القصبة العتيقة، أقدم أحياء العاصمة الجزائر، تبدأ قبل حوالي شهر من حلول المولد النبوي، فتقوم النساء بتزيين المنازل والشرفات بباقات الياسمين التي تكون زينة للناظرين، بينما يلفت نظر المار عبر أزقتها الضيقة أنها معبقة بروائح الطيب والبخور المنبعثة بكثافة من المنازل ومحلات الأدوات التقليدية المنتشرة هنا وهناك. ومن تلك العادات أيضا تحضير الأطباق والحلويات التقليدية فيما يعرف بالوزيعة مع ترديد المدائح النبوية والصلاة والسلام على النبي محمد، والأهم إشعال الشموع على شرفات المنازل وفي أسطح البنايات.. تلك هي أبرز ما كان يميز احتفالات الجزائريين بذكرى المولد النبوي الشريف خلال الحقبة العثمانية، والتي ما يزال بعض  من تلك العادات ثابتة إلى اليوم، وتدخل ضمن تقاليد مجتمعنا في أحياء هذه العادة أو تلك، بحسب الأستاذ والباحث في تاريخ الجزائر القديمة ومسؤول الاتصال بقصر عزيزة بالقصبة السيد محمد بن مدور في لقاء خاص مع ''المساء''.
عادات مستمرة منذ العهد العثماني
يقول الأستاذ الذي طرحنا عليه موضوع الاحتفال بالمولد النبوي في أقدم حي بالعاصمة المرتبط اسمه بأجمل عادات الجزائريين وأرقاها وهو القصبة، فراح يسترجع عادات قديمة بتفاصيلها بما يوحي لك وكأنه عايش تلك اللحظات وذلك الزمن الجميل بتقاليده العريقة.
سرد علينا محدثنا تفاصيل إحياء الجزائريين لذكرى خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام بأيام طويلة قبيل اليوم المبارك فقال:''لقد وقع تحول كبير فيما يخص الاحتفال بذكرى المولد النبوي بين الأمس البعيد واليوم، ولكن ما تزال بعض المظاهر موجودة، ومنها إشعال الشموع على الشرفات وفي الأسطح، وهي العادة التي كانت سارية في العهد العثماني لدى الأسرة الجزائرية، بحيث كانت تقوم النساء بإشعال الشموع بأيام قبيل موعد المولد النبوي، ويضعنها على أسطح البنايات حتى تغدو القصبة في الليل كالنجوم المتلألئة في السماء، وكن كذلك يشعلن الشموع على عتبات المنازل 24 ساعة قبيل ذكرى المولد، هناك تقليد يقام في هذه الذكرى الشريفة أيضا وهو قيام العائلات بذبح ثور، ثم تقام عادة الوْزيعَة على جميع السكان، وكذلك على عابري السبيل والمحتاجين وغيرهم، وللأسف هذه العادة زالت تماما إلا في مناطق معزولة بالوطن وبين أسر محددة، وهذا المسح للعادات المتوارثة عن الفترة العثمانية جرى بعد الاحتلال الفرنسي والتفريق الذي وقع بين الأسر والعائلات. وكانت كذلك من بين المهام الموكلة للنساء والصبايا، إعداد الحلويات التقليدية ومنها التشاراك العريان، وحلوى الطلية وطبعا إعداد الكسكسي، وهذا بعد طلاء المنازل''.
ويسترسل الأستاذ بن مدور حديثه عن إحياء عادات القصبة العتيقة في إحياء المولد النبوي بالحديث عن عادة جلب الماء لكسر عين الحسود من ثلاثة منابع للماء في اليوم قبيل المولد الشريف، فكانت تقصد النسوة المقابر لزيارة الموتى وكانت العادة تقتضي منهن حمل الماء لسقي قبور الموتى، ولكن الماء لا بد أن يجلب من ثلاث عيون ماء وهذا أساسي إذ تقوم بملء الدلاء من المنابع الثلاثة، ثم يقسم الماء المملوء إلى نصفين؛ الأول يُرش به البيت أثناء عمليات التنظيف والشطف والحكمة منه إبعاد العين والحسد، والنصف الثاني لسقي القبور، ومن عيون الماء المعروفة والتي ما تزال موجودة عين سيدي عبد القادر الجيلاني، وعين سيدي عبد الرحمان وعين سيدي امحمد الكبير، أما المقابر فكانت موجودة خارج أسوار القصبة. وهذه الأسوار أيضا كانت تُطلى بالأبيض من الداخل.
ويوم المولد تقوم النساء بارتداء اللون الأبيض ثم يقصدن الزوايا؛ كزاوية سيدي عبد الرحمان، ويقمن بما يسمى ''الحضرة'' للذكر والترتيل والصلاة على النبي، ويأخذن الخبز المحضر بالبيت مع التمر لتوزيعه على الحضور بالزاوية، وبعدها يقوم القائمون على كل زاوية بذبح ثور أوكباش لتحضير الكسكسي وتوزيع الأطباق على الجميع، ومنهم بابا سالم الذي كانت تعهد له مهمة جمع المال والصدقات من المحسنين، ومن بعدها يقوم الأعيان بتوزيع الصدقات على المحتاجين. 
ولم تكن مهمة إحياء مولد خير الأنام موكلة للنساء دون الرجال، فهذه الذكرى كانت بمثابة عيد عظيم المعنى والكل مجند لإعداد الاحتفالات به، ومن بين مهام الرجال نذكر إعادة طلاء المساجد، حيث كانت تصبغ عادة باللون الأخضر وطبعا تزين الأعمدة أو ما يعرف بـ''العْرَس'' بالخيزران، وكانوا يغسلون الحصائر قبل المولد تحسبا لإقامة حلقات الذكر والترتيل وترديد الصلوات على النبي المصطفى. وفي ليلة المولد النبوي الشريف، يغادر الرجال منازلهم نحو المساجد للابتهال والاستماع إلى المدائح النبوية وحضور حفلات الختان التي يفضل الجزائريون إجراءها لأطفالهم في هذه المناسبة المباركة.
مفرقعات تفسد الفرحة
وإذا كانت احتفالات الشعب الجزائري بعيد المولد النبوي مسألة تبعث على الفرح، إلا أن المبالغة في مظاهر الاحتفال تكاد تفقد هذه الذكرى السعيدة معانيها السامية، فآلاف الأطنان من المفرقعات أصبحت تغزو الأسواق وباعة الأرصفة قبل حلول المولد بعدة أشهر، حيث يبدأ لعب الأطفال بالمفرقعات قبل شهرين من حلول الذكرى، ومع اقتراب يوم المولد النبوي تصبح الشوارع جحيماً لا يطاق في غياب الرقابة فيما يخص استخدام المفرقعات، بالرغم من الأضرار الجسدية التي قد تنجم عن ذلك، وخير دليل اكتظاظ أقسام العيون بالمستشفيات بالمئات من الإصابات كل عام، بسبب المفرقعات التي يرجع الأستاذ بن مدور تفشيها إلى هجوم من كل النواحي وقع للمجتمع الجزائري في عادات اللباس والأكل وحتى في إحياء الأعياد بما في ذلك استعمال المفرقعات التي يصح فيها المثل القائل ''المال الذي يذهب مع الدخان''..



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)