الجزائر

ذباب إلكتروني …!



بقلم مصطفى بونيف
حاول أن تمسك كتابا لتقرأه ربع ساعة فقط، أتحداك أن تفعل، وأتحداك أيضا أن تمسك ورقة وقلما لتكتب بعض الخواطر والمقالات كما كنت تفعل سنوات قبل اختراع “الفيسبوك”.
لقد تحولنا فجأة إلى عقول محمولة على الهواتف، ولا نستطيع الهروب من المصيدة التي التصقنا بها مثل الفئران.
لم نعد نقدر على أن نتحدث إلى بعضنا البعض في المقاهي كما كنا نفعل أيام زمان، فنتناقش في السياسة والرياضة والفن، وقد يحتدم النقاش ليصل بنا إلى الضرب بالكراسي والفناجين لتنتهي المعركة بأن ندفع ثمن ما شربناه وما كسّرناه أيضا.
كل الكلام أصبح في عالم الفيسبوك، ومكتبة الفيسبوك، ومقهى الفيسبوك، واستطاع الإنسان البسيط أن يتكلم في شؤون السياسة في تغريدة أو منشور كما لو أنه سعد زغلول، وقد وضع رجلا على رجل وهو يلبس الشورت في مطبخ البيت، فيقدم هذا الإنسان البسيط نظرياته وأفكاره، ويوافق هذا ويعارض ذاك، ويده على الهاتف، بينما اليد الأخرى يأكل بها صحن اللوبيا.
أصبح المواطن حين يدخل إلى محل للمواد الغذائية فيجد الأسعار غالية، لا يناقش البائع، بل يبهدل البائع والرقابة في منشور على الفيسبوك، فيعلق الجيران لمنشوره، ويجمجم له الأحباب والمقربون.
وعندما يختلف الموظف البسيط مع مديره في العمل، لا يصرخ في وجهه “لا للظلم”، بل يسرع إلى الهاتف لينزل ببوست شتائم وسباب من مديره إلى أخشن رأس عينت مديره.
بقي أن أشير في الأخير إلى أن كثيرا من أبطال الفيسبوك والعوالم الافتراضية من الذين يقدمون أنفسهم كشي غيفارات، وغانديات …لو حطّت ذبابة على وجوههم في الواقع لن ينشّوها واحتمال يحطوا لها نقطة عسل على أنوفهم حتّى لا تبلّغ عنهم. مصطفى بونيف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)