الجزائر

''ديرو خصلة''



يشرع نواب المجلس الشعبي الوطني قريبا في مناقشة مشروع قانون الإعلام الجديد الذي يعد أحد القوانين الهامة التي يتحدد على ضوئها المشهد القادم للبلاد من حيث الممارسة الديمقراطية وتجسيد دولة القانون. وإذا كان رجال الإعلام قد وجهوا الكثير من الانتقادات والملاحظات، في لقاءات مع مسؤولين وعلى صفحات الجرائد، فإن الكرة اليوم في مرمى النواب الذين يتمتعون بصلاحيات إلغاء وتعديل وإثـراء النصوص، وباستطاعتهم فرض قانون يستجيب لتطلعات المجتمع في المقام الأول ولرجال المهنة في المقام الثاني. إن مشروع القانون يتضمن الكثير من النقاط التي تعيق الممارسة الإعلامية، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، ما يتعلق بأسرار الدولة والدفاع والاقتصاد وغيرها، والتي يتحدث عنها القانون دون تحديد، ما يجعلها بمثابة سيف ديموقليس في يد السلطة تستطيع أن تشهره في وجه الصحفي كلما أرادت ذلك، وعليه فإن هذه الأسرار يجب أن تكون معينة بدقة. ويشكل حق الصحفي في الوصول إلى المعلومة أحد الانشغالات الأساسية لرجال الإعلام، وفي هذه النقطة بالذات، لا يطلب من النواب سوى التعامل بالمنطق، فلا يعقل أن يتضمن القانون مواد تعاقب الصحفي عندما ينشر معلومات خاطئة، بينما لا توجد أية مادة تعاقب المسؤول أو الجهة التي ترفض تزويده بالمعلومة. ومثلما نقنن ما على الصحفي من واجبات لا بد أن نقنن أيضا ما له من حقوق ولا نتركها لمزاج السلطة وحساباتها الظرفية تمنحها متى شاءت وتمنعها كلما أرادت. وبخصوص مجلس الضبط، يبقى التساؤل مطروحا بخصوص إقرار تعيين رئيسه من طرف رئيس الجمهورية، ألا يعني هذا الإبقاء على رأس الخيط في يد السلطة بالنظر للتساوي بين عدد أعضائه المعينين والمنتخبين من طرف رجال المهنة؟ لماذا لا ينتخب رئيس هذا المجلس ديمقراطيا من بين أعضائه؟ أعلم أن هذا الفضاء لا يتسع لفتح نقاش حول بنود قانون، لكنني أردت أن أضع رؤوس أقلام، كما يقال، أمام النواب الذين سيحددون معالم الساحة الإعلامية المستقبلية، رغم أنني أدرك جيدا أنهم يخضعون في ممارساتهم إلى المصالح الحزبية الضيقة أحيانا، ولحساباتهم الشخصية أحيانا أخرى، ولا يعارضون ما تأتي به السلطة في أغلب الأحيان. لكن وانطلاقا مما قاله لي أحدهم مؤخرا: قد نفاجئكم ونحن في نهاية عهدتنا الانتخابية ، قلت في نفسي من يدري ربما يديرو خصلة بسن قانون يرفع القيود عن الصحافة التي تشكل أحد الشروط الأساسية للممارسة الديمقراطية.   chaabanezerrouk@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)