ديبلوماسية المقابر!

هل حقيقة أصبح حكام المغرب العربي تجمعهم ديبلوماسية الجنائز أكثر مما تجمعهم ديبلوماسية الحياة العادية؟!
في جنازة الراحل الحسن الثاني شاهدنا الرئيس بوتفليقة الواصل لتوه إلى رئاسة الجمهورية الجزائرية يسير خلف نعش الراحل الحسن الثاني متأثرا للمصاب الجلل الذي حل بالمغرب الشقيق!
وقبلها رأينا كيف سار رئيس وزراء المغرب الشقيق في جنازة الراحل محمد بوضياف!
وقبلها رأينا كيف اجتمع أقطاب المغرب العربي في جنازة الراحل بورقيبة في تونس!
واليوم اجتمع المجتمعون في الجزائر حول نعش الراحل أحمد بن بلة! فهل نحن في المغرب العربي أصبحت توحدنا ديبلوماسيا الملمات وتفرقنا سياسيا المهمات؟! ليت الله يجعل أيامنا كلها حزنا وجنائز حتى يجتمع قادتنا الذين لا يجتمعون إلا حول نعش في مقبرة؟!
حتى عبد الجليل الليبي قرر أن يزور الجزائر في اليوم الثالث من الحداد الوطني على الراحل بن بلة.. ولم يشأ زيارة الجزائر بمناسبة الوفاة هذه لأن زعيم ليبيا الجديد يعتقد أن الراحل بن بلة ناصر القذافي ضد ثورة عبد الجليل والناتو وقطر في ليبيا! ولذلك يزور عبد الجليل الجزائر وعلمها منكس حدادا على رحيل بن بلة! هل هذا صدفة أم نصيحة ناطوية قطرية خالصة لعبد الجليل؟! لسنا ندري؟! لكن لا نتصور أن عبد الجليل الذي يزور الجزائر وهي في حداد لا يترحم على روح الفقيد بن بلة حتى ولو من قبيل ديبلوماسية الجنائز وليس من قبيل السياسة!
لقد أشيع في الإعلام أن جزءا من الوفد المغربي الذي حضر جنازة الراحل بن بلة في العالية قد انسحب من الجنازة.. لأن رئيس البوليساريو محمد عبد العزيز حضر الجنازة! وهذا في حد ذاته مسألة غريبة إذ كيف يحق للمعزي أن يفرض على المُعزّى نوعية من يعزيه وإلا سحب عزاءه؟!
ثم كيف نفهم أن مغاربة القصر الملكي انسحبوا من الجنازة ورئيس وزراء المغرب بن كيران لم ينسحب؟! هل هناك ازدواجية في العزاء المغربي للجزائر في رحيل بن بلة؟! وهل كان المغرب الرسمي صادقا في عزائه للجزائريين في وفاة بن بلة وبوضياف وقبلهما بومدين؟!
مغرب القصر هو الذي شن حربا على بن بلة سنة 1963 فيما سمي بحرب الرمال فهل يحزن اليوم لرحيله؟! وهل كان المغاربة ينتظرون من الجزائر قطع علاقاتها مع شعب الصحراء الغربية مقابل تقديم العزاء في وفاة بن بلة؟! أعتقد أن الأمر ليس أكثر من شطحة علوية في جنازة رسمية جزائرية!
ثم كيف نفهم هذا التجنح المغربي من وجود الرئيس عبد العزيز في جنازة بن بلة والحال أن المغرب الرسمي سيلتقي مع هؤلاء في اجتماع تحت إشراف الأمم المتحدة غدا في نيويورك؟! فهل الاجتماع بالبوليساريو تحت إشراف الأمم المتحدة جائز ولقاؤهم في جنازة بن بلة غير جائز؟!
وعندما لا نتفق حتى في المقابر فكيف سنتفق على متاع الدنيا الفانية؟!
بقلم: سعد بوعقبة