اضطرت الوكالة الوطنية للطريق السيار إلى توقيف حركة المرور عبر جزء من ''مشروع القرن'' في ولاية البويرة، بعد أن تأكد أنه صار خطرا على مستعمليه، بفعل مظاهر ''سوء الإنجاز''. وهو المشروع الذي كلف ما يكفي الدولة التي تحسن استعمال أموالها للصعود إلى القمر، وليس للتنقل برا من مغنية إلى الطارف.
لماذا لم يكن مهندسو وتقنيو هذه الوكالة قادرين على الانتباه إلى أن أشغال ''مشروع القرن'' لم تكن تنجز وفق المقاييس اللازمة؟ وليس الطريق السيار وحده الذي ''يشهد'' أن كثيرا من الذين فازوا بالصفقات ''الذهبية'' تحايلوا على الجزائر، في الوقت الذي لم يعر الذين يحكمونها أدنى اهتمام إلى ما لم يتوقف عن التنبيه منه الجزائريون الذين لم يسكتوا على الغش الذي تتعرض له بلادهم. والأمثلة بالمئات في هذا الميدان، ولا يسع هذا المجال لجردها.
ما الذي جعل كل من يريد أن يمارس الغش والاحتيال، يقصد بلادنا في السنوات الأخيرة التي سجلت فيها الخزينة العمومية ''تخمة مالية'' لم تشهدها منذ الاستقلال؟
ماذا كان يفعل الوزراء، الولاة، المديرون، وغيرهم من الذين يخرجون إلى الورشات لمعاينة ''حسن سيرها''؟ هل أنهم كلهم لا يفقهون في تقنيات الإنجاز؟
في الحقيقة يعرف كل الناس، بمن فيهم الذين سيوقعون صكوك أشغال ترقيع شطر الطريق السيار في ولاية البويرة، بعد أن وقعوا صكوكا لفائدة ''الغشاشين''، أن الجزائر، التي ترفض التخلي عن مرتبتها الأولى في العالم في مجال استيراد الحبوب والدواء والسيارات وغيرها، صارت أيضا البلاد الأولى في العالم في مجال ''استيراد الغشاشين''.
ويعرف هؤلاء المستوردون أن لا أحد في الجزائر سيمنعهم من تحويل ''المانوفري'' القادم من إسبانيا، الترك، الصين، مصر وغيرها إلى مهندس يتكفل بأشغال لا يفقهها ولا يتقنها. ويعرفون أيضا أنه لا أحد في موانئ ومطارات البلاد يقف في وجه السلع المغشوشة التي يستقدمونها، وحتى تلك التي يمكن أن تشكل خطرا على الصحة العمومية والأمن العام.
وحتى الذين يقصدون الجزائر من الرعايا الأفارقة مثلا للإقامة المؤقتة بهدف الهروب من الاقتتال في بلدانهم، تفطنوا أنهم يستطيعون أن يجنوا الأموال الطائلة التي تسمح لهم بمواصلة مسيرتهم نحو الشمال، يتخذها كثير منهم محطة للمساس بالسيادة الوطنية من خلال تزوير العملة الوطنية والعملات الأجنبية.
كل هذا معلوم منذ سنوات، ويستمر مادام التكليف بالمهام الرقابية في الجزائر تحكمه الولاءات وشهادات ''الرداءة'' والتعهد بالصمت عن المناكر، ولم يعد يخضع لمقاييس الكفاءة والنزاهة، وهي شروط تفرضها ضرورة تحقيق مرتبة مشرفة في العالم في مجال ''استيراد الغشاشين''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/09/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الخبر
المصدر : www.elkhabar.com