"دور علماء تلمسان في حركة التصوف الإسلامي في المشرق زمن المماليك / العفيف التلمساني إنموذجاً"

تطمح هذه المداخلة إلى رصد ودراسة دور العلماء المغاربة عموماً والتلمسانيين خصوصاً في تطور علم التصوف في المشرق الإسلامي في ضوء حركة التفاعل بين المسلمين في مشرق العالم الإسلامي
ومغربه.
فالواقع أن الكيانات السياسية في بلاد المغرب عموماً والمغرب الأوسط خصوصاً، قد جمعتها مع سلطنة المماليك في مصر ( 923-648ه/1517-1250م) والتي بسطت سلطانها على بلاد الشام والحجاز واليمن، علاقات قوية أدت إليها رابطة الجوار من جهة أولى، ورابطة الإسلام والخلافة من جهة ثانية، ورابطة الخطر المشترك الذي هدد العالم الإسلامي من جانب الغرب الأوروبي من جهة ثالثة، ثم رابطة الحج من جهة رابعة.
وعلى هذا، كان المغربي ينتقل إلى المشرق، وهدفه الناصب الحج والعمرة، مقروناً بطلب العلم والتماس الأسانيد العالية وإجازات الكفاءة والتقدير، وشهادات التزكية والاعتبار، وسلاسل التصوف وتطهير القلوب.
وقد أظهرت المصادر الإسلامية المشرقية والمغربية مدينة تلمسان، بسبب موقعها الجغرافي المتميز، مركزاً مرموقاً على طريق التبادل الفكري والعلمي تجوبها حركة علمية ودينية نشطة، عززت أواصر
اللحمة بين أبناء المجتمع الإسلامي، وروابط الصلة ببن شرق البلاد الإسلامية وغربها. لقد أسهم أولياء تلمسان وزهادها، ممن زاروا المشرق الإسلامي أو استقروا فيه، في نشر طرق التصوف وآدابه وعلومه في مختلف حواضر مصر والشام والحجاز، وكانوا مقصد العلماء والأعيان والحكام إيماناً بتقواهم وعظم قدراتهم وكراماتهم. ومن هؤلاء الشيخ أبو العباس أحمد بن يوسف التلمساني (ت 656 ه/ 1258 م) والفقيه المالكي أبي العباس أحمد بن محمد بن مرزوق التلمساني (ت 740 ه/ 1340 م)
والإمام أبو الفضل محمد بن إبراهيم التلمساني (ت 845 ه/ 1441 م.).....
على أن بعضاً من العلماء التلمسانيين ارتقى بالتصوف إلى مصاف الرؤى الفلسفية؛ فانكبوا على دراسة الفكر الإنساني، ومن أبرزهم: عفيف الدين سليمان بن علي بن عبد الله التلمساني (ت 690 ه/ 1290 م) ومريدوه المغاربة والمشارقة، ومنهم : ابنه شمس الدين محمد (ت 656 ه/ 1258 م)/ من هو العفيف التلمساني، وما هي الظروف التي دفعته إلى مغادرة موطنه تلمسان والاستقرار في المشرق؟
ومن أين استقى ثقافته في حقل التصوف، ما هي خصوصية هذا التصوف؟ ما مدى تأثيره على المتصوفة المسلمين، وإسهاماته في علم التصوف الإسلامي؟ وكيف تعامل العلماء المسلمون، المشارقة والمغاربة مع
أطروحاته في هذا المجال؟