كانت تعيش في تلمسان في الفترة الأولى من قيام دولة بني عبد الواد امرأة، تعرف باسم الأميرة في الذاكرة الشعبية، ذات رأي سديد وشجاعة وجرأة وجمال.
وكانت تلمسان تعيش في ذلك الوقت مرحلة ازدهار ورخاء، نمت خلالها التجارة والحرف وانتشرت الثقافة والتعليم، حتى أصبحت المدينة من أكبر مدن المغرب العربي اتساعا، وأجملها تشييدا وأكثرها سكانا.
وقد دفع كل ذلك العديد من الملوك والسلاطين إلى الطمع في ثرواتها وكنوزها. وذات مرة، حاصرت جيوش سلطان المغرب مدينة تلمسان المحصنة بالأسوار العالية المنيعة، وأحكمت قبضتها على منافذ المدينة وقطعت عنها الماء والتموين.
دامت وضعية الحصار عدة سنوات وشهور، حتى لم يعد بالمدينة أكل ولا شرب، وانتشرت الأمراض والأوبئة فازداد عدد الأموات، وكادت أن تسقط تلمسان لولا دهاء الأميرة.
أشارت هذه المرأة على أهل تلمسان أن يجلبوا إليها كل ما لديهم من ماء وصابون، فغسلت به كمية من الملابس، ورمت ببعض الماء من أعلى سور المدينة، ثم نشرت الغسيل تحت أشعة الشمس على مرأى من قادة الجيش المحاصر حتى يظن هؤلاء أن لسكان تلمسان ما يكفيهم من الماء لوقت طويل.
فدهش سلطان المغرب أمام هذا المنظر، وقال لجنوده:"أرجعوا، فوالله لو بقينا لهلكنا نحن من العطش وليس أهل هذه المدينة".
وبذلك فك حصار تلمسان بفضل دهاء امرأة ونجى الآلاف من التلمسانيين من الهلاك والموت المحقق، وأنقذت المدينة من الدمار والتخريب المؤكد لو نجح سلطان المغرب في غزو تلمسان والاستيلاء عليها .
وهناك رواية مشابهة بطلتها امرأة عجوز أشارت على السلطان أن يجمع ما بالمدينة من العلف والقمح وأن يؤتى ببقرة، فقامت بإطعام البقرة لمدة أسابيع وتسمينها، فلما زاد حجمها سُربت البقرة إلى خارج المدينة من أحد الأبواب وقامت العجوز بملاحقتها والركض وراءها وهي تصرخ: "أرجعي أيتها الملعونة، أتهربين مني بعد أن أطعمتك أحسن أنواع القمح والشعير؟". فسمعها سلطان المغرب فأمر بعقر بطن البقرة على الفور للتحقق مما سمعها تقوله. ففعل جنده ما أمر وإذا بكميات كبيرة من القمح تخرج من بطن البقرة. عندها التفت إلى قادة جيشه قائلا: " أرجعوا، فوالله لوبقينا لهلكنا نحن من الجوع وليس أهل هذه المدينة".
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/09/2010
مضاف من طرف : tlemcenislam
المصدر : http://www.almasalik.com