الجزائر

دمعة على خد مجاهدة!؟


دمعة على خد مجاهدة!؟
استمعت بشيء من الفرحة ومن الألم إلى سرد مجاهدات استضافتهن الزميلة نعمة عباس، مديرة صحيفة المجاهد، في ندوة خصصتها لمجاهدات المهجر بمناسبة الثامن مارس.
قصص لا تقل تشويقا وبطولة عن قصص ألف ليلة وليلة، غير أن بطلاتها من لحم ودم، ووقائعها حقيقية فيها من السوسبانس والغرابة والخوف ما تقشعر له الأبدان.
إنها قصص الشابة المجاهدة عائشة بوزار، ورفيقتها في الجهاد بفرنسا زينة حرايق، قصص روتها على مسامعنا المجاهدتان الكبيرتان سليمة بوعزيز وعقيلة وارد.
يروين والدموع تملأ مقلتي كل منهما، ليس استغرابا لبطولة وشجاعة الرفيقات، وإنما للإحباط الذي حل بالنفوس ولم نعد نستلهم من بطولات الماضي، كيف تمكنت الشابة زينة حرايق، التي لم تتجاوز العشرين من العمر، أن تنقل حقيبتين مملوءتين بالسلاح عبر القطار في سنوات الثورة، من مارسيليا إلى باريس، وتمضي ليلتها في محافظة الشرطة، لأن رفقاء الجهاد لم يكونوا في انتظارها في الموعد، وتوهم الشرطة أن بالحقائب ساعة كبيرة ورثتها عن جدتها الألمانية، اضطرت إلى تفكيكها، ثم تغادر مكاتب الشرطة في يوم الغد دون أن تثير الريبة، لبرودة أعصابها النابعة من إيمانها بقضية بلادها العادلة.
وكيف لعائشة بوزار في الثامنة عشرة من العمر، تركب قنبلة وتضعها في الطابق الثالث لبرج إيفل، ولولا اكتشافها من طرف الشرطة لعطل انفجارها الاتصالات السلكية واللاسلكية في كل فرنسا، ولألحق أضرارا بالأمن وبالبث الإذاعي والتلفزي، ومع ذلك كان مجرد نجاح شابة في الوصول إلى مكان بهذه الخطورة، أثار ضجة إعلامية كبيرة كما لو أن القنبلة انفجرت؟!
هل انتهت بطولاتنا، وذهبت مع جيل الثورة؟! لا.. أبدا.. فقد عرفت جزائر التسعينيات بطلات وأبطالا من طينة ”ملائكة” الثورة، ناضلن واستبسلن وقتلن دفاعا عن الجمهورية ضد المشروع الظلامي، وذبحن على عتبات المدارس والجامعات، اختطفن وعذبن وسبين، لكنهن لم يرضخن للمجرمين.. كاتيا، ياسمين، رشيدة، خديجة... وغيرهن من حرائر الجزائر اللواتي زفتهن الجزائر خلال سنوات الجنون.
نعم، لا تقل بطولتهن عن بطولة أمهاتنا وجداتنا مجاهدات معركة التحرير، اللواتي جالسن جون بول سارتر وسيمون دوبوفوار وبيكاسو وقمم العالم وأقنعنهم بعدالة القضية الجزائرية.
فالهوة التي نعيشها بين جيل الثورة وجيل الشباب اليوم الذي لم يعد يقاسمنا نفس المبادئ ويدافع عن نفس القناعات سببها هؤلاء، الذين حكموا باسم الشرعية الثورية لكنهم حادوا عن هذه الشرعية، وعن مواثيق الثورة، وخانوا أمانتها وأمانة شهدائها، هؤلاء الذين راحوا بعد الثورة يتبادلون أدوار نهب الجزائر وثرواتها، مثلما يتبادلون التهم والصراعات والمؤامرات فيما بينهم.
ولم ترنا تصرفاتهم إلا الوجه المسيء لثورة بحجم ثورة نوفمبر العظيمة، حتى صارالحديث عن الثورة وبطولاتها مقززا ومملا، بعدما حولها البعض إلى سجل تجاري كسبوا من ورائه ونهبوا وتحكموا في الرقاب وألحقوا بالبلاد ضررا لا يقل عن أضرار الاستعمار.
فكيف لنا أن نخرج من هذا الضياع، ونستيعد أمانة الشهداء والمجاهدين الحقيقيين، ويسترجع الشباب الثقة والأمل وحبهم للوطن؟!
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)