تحل الذكرى ال 39 لإنتصارات السادس من أكتوبر 1973، ومصر تحظى لأول مرة برئيس منتخب ديمقراطياً منذ عهد الفراعنة، بعد ثورة أطاحت بنظام الحكم الذي أدار البلاد منذ الإنقلاب على النظام الملكي في عام 1952. ودلالة هذا الاحتفال أنه يأتي في توقيت متزامن مع انتقال مصر نحو سكة “الشرعية الدستورية" عوض كل التوقيتات السابقة التي ظلت امتدادا لما يعرف ب “الشرعية الثورية" التي دامت لست عقود من الزمن. وبذلك فإن هذه المناسبة حتماً تبدو ذات طعم خاص سيما وأنها تجاوز بين ما حققته القوات المسلحة المصرية والعربية، من نصر مظفر (هو الأول أيضا في التاريخ الحديث) ضد جيش الإحتلال الإسرائيلي، وبين الانتصارات الجديدة التي تحققها مصر الثورة، في سعيها نحو التجربة الديمقراطية الحديثة، وهي تعيش مرحلة الإنتقال والتحول نحو حلم تأخر لأكثر من 7 آلاف سنة من الزمن المصري.
ولعل الخطوة التي أقدم عليها الرئيس محمد مرسي، بهذه المناسبة، والمتمثلة في منح الرئيس الراحل محمد أنور السادات (قائد نصر اكتوبر) والفريق سعد الدين الشاذلي (مهندس النصر) قلادة النيل الأولى، لهو جزء من تلك الدلالات الرمزية التي تؤشر على واقع مصر ما بعد يناير 2011. وهو تتويج لجهود أولئك الشباب الذين خرجوا في ذات “ربيع ديمقراطي" ليضمنوا هذه الصيرورة، وليربطوا تلك الانتصارات العسكرية بأخرى سياسية تكون في مستوى تطلعاتهم وآمالهم، لا أن تصبح الانتصارات العسكرية مغنماً لصانعيها أو لمؤسستهم الحربية!
اليوم وفي الذكرى ال 39 لانتصارات أكتوبر والصورة تعود من خلف عقود من الاستبداد الذي كاد أن يقضي على معنى النصر ودلالاته، إلا أن إرادة جديدة تولد لتدب في جسد هذا الوطن العربي الذي بدا أنه ينفض عنه أتربة الاستبداد ويتطلع لمستقبل جديد ومغاير.. ومهما كان واقع المرحلة الانتقالية التي تشهد التباسات وصراعات كثيرة ومتعددة، ومحاولات استقطاب وتطويع من مختلف القوى المحلية والدولية، فإن هذه البلدان التي تعيش ربيعها حتماً تتجاوز مرحلة مهمة ومظلمة نحو مرحلة أخرى أكثر اشراقاً وبهاءاً لا محالة مهما كانت الكلفة والتفاصيل.
مرحلة لا تختلف كثيرا عن معنى “نصر أكتوبر" وتكاليفه الباهظة، ومكتسباته العديدة والعميقة المعنى.. وهنا خطاب آخر للنصر نعيد من خلاله خطاب الرئيس الراحل أنور السادات الذي قال في ذات اكتوبر من عام 1973 عقب تحطيم أسطورة “جيش اسرائيل الذي لا يقهر": لست أظنكم تتوقعون مني أن أقف أمامكم لكي نتفاخرمعاً ونتباهى بما حققناه في أحد عشر يوماً من أهم وأخطر بل وأعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما جاء يوم نجلس فيه معاً لا لكي نتفاخر ونتباهى ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه، ومرارة الهزيمة والآمها وحلاوة النصر وآماله.. نعم سوف يجيء يوم نجلس فيه لنقص ونروي ماذا فعل كل منا في موقعه، وكيف حمل كل منا الأمانة وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء ذلك كله سوف يجيء وقته وأظنكم توافقونني على أن لدينا من المشاغل والمها" ..
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/10/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : محمود أبو بكر
المصدر : www.djazairnews.info