الجزائر

دلالات ترتيب الفوضى؟!



دلالات ترتيب الفوضى؟!
ما يجري الآن من محاكمات متصلة بالفساد العام وبصورة متسارعة (على غير العادة) لا يعكس حقيقة صحوة ضمير لدى العدالة أو لدى السلطة، واتجاهها نحو معالجة جدية للفساد بالعدالة، كما يتوهّم البعض، بل الأمر له علاقة ببداية ترتيبات ضرورية تقوم بها أجنحة السلطة لتهيئة الأجواء لما بعد بوتفليقة.أولا: الهوشة الحاصلة في هرم الآرندي والأفالان وفي هرم “حمس” ليست معزولة عن حكاية الترتيبات التي تريد الرئاسة والجيش وضعها قبل الذهاب إلى مرحلة ما بعد بوتفليقة، سواء عبر انتخابات مسبقة أو عبر تعديلات دستورية تسمح بإحداث التغيير في ظل الاستمرارية لبوتفليقة حتى من دون بوتفليقة. ثانيا: المحاكمات الجارية للملفات الفسادية المقلقة للرئيس والجيش الهدف منها ليس إحقاق الحق ومعاقبة الجناة بالعدالة، بل الهدف منها هو غلق هذه الملفات (قانونيا وبالعدالة) حتى لا تستخدم فيما بعد ضد جماعة بوتفليقة أو ضد بوتفليقة نفسه، في حالة ما إذا انزلقت الأوضاع إلى بناء شعبية خليفة بوتفليقة على حساب بوتفليقة. نتذكر أن انسحاب الشاذلي سنة 1992 كان باتفاق مع الجيش على أن لا يتابع الشاذلي تحت أي ظرف... أي يحقق له الانسحاب الآمن، لهذا لاحظنا آنذاك أنه عندما تم جرجرة ابنه توفيق في موضوع المتهم (موحوش) في قضية البنك الوطني، كتب الشاذلي رسالة تحذير إلى قيادة الجيش، نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، يحذر فيها المؤسسة العسكرية من مغبة عدم احترام الاتفاق الذي انسحب على أساسه من السلطة...ثالثا: السلطة أحسّت بخطورة الأوضاع الحالية وخطورة تنامي المعارضة للحكم، سواء المعارضة المنظمة أو غير المنظمة، ولهذا أجّلت الحديث عن طرح الدستور إلى الشعب، وربما تكون أجنحة السلطة قد توصلت إلى اتفاق تعالج به أوضاعها الداخلية في الحكم، بعيدا عن إشراك المعارضة أو الشعب في لعبة تعيين من يخلف بوتفليقة، بنفس الطريقة التي عيّن بها بوتفليقة، أي إرجاع الأمر لأهله، قد تكون جماعة بوتفليقة قد اقتنعت أخيرا بأن حكم البلاد باسم الرئيس المريض لمدة أطول من سنة قد يكون خطرا على الرئيس وعلى الحكم وعلى جماعة الرئيس نفسها، خاصة بعد تدهور مصادر قوة النظام، وهي العائدات البترولية، لهذا فإن المعارك الجارية في عملية إعادة ترتيب قيادة الأحزاب الحاكمة باسم الحكم الحقيقي بعيدا عن الشعب، أو غلق ملفات الفساد بطريقة كاريكاتورية، يدل على أن الأمر يتعلق بالتحضير لقرارات هامة، أهم من الأحزاب وقيادة الأحزاب وأهم من ملفات الفساد... أي أن النظام يحضّر جديا لإعادة تجديد نفسه بطريقة ألعن من السابق... هذه هي القراءة الصحيحة لما يحدث.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)