الجزائر

دعوة لإحداث مجلس وطني للخبراء يكون منتخبا وقراراته ملزمة



المجلس الاقتصادي والاجتماعي يوجد في «بيات شتوي» وتغيير طابعه أو إلغاؤه ضرورةأطراف العصابة هربوا الأموال المسروقة إلى ملاذات ضريبية يصعب التوصل إليها
يدعو سليمان ناصر محلل اقتصادي والأستاذ بكلية الاقتصاد بجامعة ورقلة إلى إحداث مجلس وطني للخبراء في الشؤون الاقتصادية يتكفل بمعالجة الملفات الاقتصادية الكبرى وتشخيص المؤشرات لتمكين صاحب القرار من انتهاج التوجهات السليمة، مسجلا غياب دور المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في الظرف الراهن.
يثير في هذا الحوار جوانب مكافحة الفساد ومسار استرجاع الأموال العمومية المنهوبة من طرف العصابة وأدواتها معتبرا العملية بالصعبة وتتطلب التحكم في التشريعات والاحترافية في تتبع مسارات الجرائم، غير أن المفتاح يبدأ من انتخاب رئيس للجمهورية تكون له الشرعية التي تعطي زخما لحماية واسترجاع أموال الشعب حيثما وجدت. فيما يلي مضمون الحوار:
- الشعب: كيف يمكن لرجل الاقتصاد المساهمة في الديناميكية التي تمر بها البلاد؟
د.سلميان ناصر: الملاحظ أن صوت الخبراء بحّ في عهد حكم العصابة، فلن يصغ إليهم مسؤول بخصوص مسائل مصيرية منها التمويل غير التقليدي الذي حذرنا كخبراء من تداعياته الخطيرة على النمو. أتذكر حينها، أن الخبراء حذّروا كثيرا من هذا التوجه، لكن الوزير الأول الأسبق احمد أويحي (يقبع حاليا في السجن بتهم فساد) أجاب بقوله « انتم الخبراء تنظرون ونحن في الميدان».
لكن المثير للتساؤل، بعد اعتراف الحكومة الحالية عبر الناطق باسمها بان اعتماد التمويل غير التقليد كان خطأ، وتقرر توقيف العمل به، صرح وزير المالية الحالي محمد لوكال انه من الممكن العودة إلى هذه الآلية طالما أن الرخصة لا تزال سارية وفي هذا خطر لا يمكن تصور عواقبه.
بهذا الخصوص أرى أن المشكل يتعلق بالمادة 45 مكرر لقانون المالية، التي تمنح مدة 5 سنوات للعمل بالتمويل غير التقليدي والتي تبدأ من أكتوبر 2017، وبالتالي ضرورة العمل على إلغاء هذه المادة كضمانة لإنهاء آلية طباعة النقود والتوجه إلى مسارات إنتاج الثروة الحقيقية.
الخبراء يقومن بواجبهم من خلال التنبيه وتبسيط المفاهيم وتوضيح الرؤى، لكن أين هو المسؤول الذي يصغي إليهم ويعيرهم الاهتمام، لذلك اقترحت تشكيل مجلس للخبراء الاقتصاديين يكون منتخبا من المعنيين وليس معينا وقراراته ملزمة وليست مجرد استشارات. ويتولى هذا المجلس النظر في القضايا والمسائل الاقتصادية الكبرى التي تهم مصير البلاد ويتدخل للفصل بكل موضوعية وجرأة في ملفات تكون محل اختلاف بين البرلمان والحكومة من منطلق خدمة الاقتصاد الوطني.
- لكن هناك المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، ما رأيك في أدائه؟
حقيقة يوجد المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، لكن بالإضافة إلى كونه هيئة ذات طابع استشاري وأعضاؤه معينون مما يضعه في موقع مجاملة السلطة، فانه اختفى في السنوات الماضية بفعل دخول في بيات شتوي، بينما المفروض أن يبرز في الساحة كطرف موضوعي يقدم تحاليل ومواقف من خلال آراء جريئة وتلتزم بمعايير الدقة والنزاهة العليمة حول قضايا حساسة.
لذلك ادع والى ان يتم في التعديل الدستوري المقبل الحرص على مراجعة الطبيعة القانونية لهذا المجلس أو إلغائه تمام وتعويضه بمجلس وطني للخبراء يقدمون البديل المطلوب.-
- تلقي مكافحة الفساد بظلالها على المشهد الراهن اليوم وتسجل إنجازات لها دلالات قوية من خلال توقيف بارونات ومسؤولين كبار بتهمة التعاطي مع جرائم الفساد، ما هي القيمة الاقتصادية التي يمكن أن يحققها هذا المسار؟
في الواقع استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج مسألة صعبة، ومن البداية ينبغي تفادي السقوط في تحاليل شعبوية فيها مغالطة كون العالم متداخل والمسارات متشعبة وتحتاج إلى حنكة وصبر وتحكّم في التشريعات الدولية ذات الصلة بالأخص.
إن الجانب المتعلق باسترجاع الأموال العمومية المنهوبة والمهربة إلى الخارج تخضع لأحكام اتفاقيات دولية، وكثير من الدول لم تصادق إلى اليوم على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
ومن خبث العصابة أنهم قاموا بتهريب الموال المسروقة إلى وجهات الملاذات الضريبية حيث يصعب التوصل إليها، ولذلك يتأكد إنهاء أزمة الشرعية من خلال تفعيل مسار الانتخابات الرئاسية لمنح السلطة تلك القوة التي تسمح لها باستكمال عملية مكافحة الفساد بكل ثقة تجاه البلدان حيث أموال الجزائريين.
كما هناك عائق آخر يتعلق بحسابات سرية أو ذات أسماء وهمية، التي أودعت فيها العصابة وأذنابها ثروات الأمة.
لكن بالمقابل لدى المتورطين في جرائم الفساد ثروات وأملاك داخل الوطن من عقارات وسيولة مالية وشركات، يمكن بعد الانتهاء من عملية محاكمتهم وفقا للقانون القيام باسترجاعها لفائدة المجموعة الوطنية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)