الجزائر

دعوة إلى كتابة التاريخ وفق متطلبات الجيل الحالي


* email
* facebook
* twitter
* linkedin
نظمت المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، ندوة تاريخية تحت عنوان (مذكرات وشهادات في تحدي الزمن)، بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لاندلاع الثورة المظفرة، أول أمس بقاعة الجزائر التابعة لقصر المعارض، الذي يحتضن الطبعة الرابعة والعشرين للصالون الدولي للكتاب.
تهتم المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، بموضوعين شغلا الرأي العام كثيرا ليس في الآونة الأخيرة فحسب، بل منذ الاستقلال، وهما موضوع سرد الذاكرة الوطنية وموضوع إعادة كتابة التاريخ. في هذا السياق، نظمت أول أمس ب(سيلا24) ندوة نشطها كل من الأساتذة فؤاد سوفي ومصطفى خياطي وزين العابدين بوعشة ومحمد العربي مداسي.
في هذا السياق، قدم الأستاذ والمؤرخ فؤاد سوفي مداخلة مطولة حول الموضوعين، ابتدأها بضرورة أن يعاد النظر في إعادة كتابة التاريخ كلما حل جيل جديد، مضيفا أن لكل جيل ظروفه الخاصة ونظرته المتميزة للمجتمع، والتي قد لا تتناسب مع ما يتوفر من كتابات للتاريخ.
اعتبر سوفي أن هناك تركيزا على الثورة التحريرية في الكتابات عن التاريخ. وتجاهل كبير لكل المراحل التي مرت بها الجزائر منذ قرون سحيقة، كما انحصرت الكثير منها أيضا على كتابة تاريخ الجزائر العاصمة. وبالضبط حول معركة الجزائر، علاوة على التأثير العظيم للفيلم الذي يحمل نفس العنوان (معركة الجزائر)، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، والذي أدى إلى حصر الثورة الجزائرية في رقعة واحدة، باعتبار أن للفيلم قوة تعادل ألف سرد عن الذاكرة الوطنية.
كما ذكر المؤرخ ذاتية الكتابات التاريخية واختيار المؤرخين في الكتابة عن شخصيات معينة دون أخرى، وهو ما نلاحظه في المواضيع التاريخية المختارة في المناهج الدراسية، مضيفا أن هناك تعدد في سرد الذاكرة الوطنية، كما أن هناك حتى من يضفي أساطير إلى هذه الذاكرة، ليؤكد عدم وجود حقائق دامغة في التاريخ.
أكد سوفي على وجود خلط بين التاريخ والهوية، مشيرا إلى أن التاريخ ليس له دور في الدفاع عن هوية مهددة، بل إنه يهدف منه صنع جيل من المدنيين، لينتقل إلى نقطة قال إنها فريدة من نوعها، إذ أننا كتبنا تاريخنا، حسبما أرخه الفرنسيون، مضيفا أن هذا الأمر نعاني منه إلى اللحظة، مقدما مثالا يقول؛ إن أرضنا تعاقبت عليها العديد من الاستعمارات، ليتساءل: أين نحن من كتابة التاريخ من منظور علمي؟ هل نخاف من سرد ذاكرتنا الوطنية؟ أين هو النقد والشك في كتابة التاريخ؟
تحسر سوفي على عدم الفصل بين التاريخ الديني وتاريخ الأديان في المناهج التربوية، ليتساءل مجددا عن مكانة المصداقية في مثل هذه الكتابات.
انتقل سوفي إلى الحديث عن بعض المؤرخين الذين ألفوا كتابا جامعا عن تاريخ الجزائر، من بينهم محفوظ قداش وزهير حدادن وغيرهم، كما أكد عدم صحية جملة إعادة كتابة التاريخ، أو كتابة عكس ما كتبه الفرنسيون تماما، بل إن كتابة التاريخ يتطلب طرح تساؤلات جديدة حسب المطالب الاجتماعية الراهنة، كما يجب أن تكون مبنية على حرية الوصول إلى الأرشيف الوطني، لننتقل من الخطاب الواحد إلى قراءة نقدية بناءة لتاريخنا.
من جهته، قدم البروفسور خياطي إصداره الأخير بعنوان (جرائم الاستعمار في الجزائر)، وبدأ مداخلته بالتحسر عل حال الشباب الجاهل للكثير من المحطات التاريخية، وللشخصيات التي صنعت التاريخ، خاصة غير المعروفة منها، مضيفا أن المؤرخين لم يكونوا قادرين على كتابة التاريخ بالشكل الذي يستهوي الشباب، إنما اهتموا بالتصارع فيما بينهم.
أضاف الدكتور أنه طرح في كتابه هذا، العديد من الأسئلة، مثل؛ هل فرنسا قامت بجرائم حرب، وهل قامت بجرائم ضد الإنسانية؟ وغيرها من الأسئلة التي تؤكد أن الدولة التي ناصرت حقوق الإنسان، اضطهدتها بشكل مرعب في الجزائر.
أما الصحفي والكاتب زين العابدين بوعشة، فتحدث عن ظروف كتابته لعمله (رواق الموت، سجن سركاجي)، فقال إنه اتصل بالعديد من المحكومين بالإعدام في سجن "سركاجي"، مثل جميلة بوباشا وياسف سعدي وعبد القادر قروج، وطلب منهم التنقل معه إلى "سركاجي" للإدلاء بشهاداتهم، ووجد نفسه بعشر ساعات من التسجيل، اختزلها في أربعين دقيقة لصنع شريط وثائقي لصالح التلفزيون الجزائري، وبعدها في كتاب ضم العديد من النقاط التي لم يكن من الممكن وضعها في الشريط.
أضاف زين العابدين أنه جمع شهادات لخمسة عشر مجاهدا ومجاهدة حكم عليهم بالإعدام في سجن "سركاجي"، الذي شهد إعدام 222 شهيدا، وركز على الإحساس الفظيع الذي ينتاب المحكوم عليه بالإعدام وهو لا يدري متى يعدم، وكيف أنه يستطيع أن يعيش بهذا الشعور القاهر، معتبرا أن الشهادة تمثل مصدرا في التاريخ، وهي أقوى من المرجع، ليطالب بضرورة استغلال هذه الشهادات قبل فوات الأوان.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)