الجزائر

دعمتُ الثورة بحياكة «القشابيات» وخياطة الراية الوطنية



خص وزير السياحة والصناعات التقليدية حسن مرموري، مؤخرا، الأسرة الثورية من فئة الحرفيين المجاهدين، بتكريم بمناسبة الاحتفال بمظاهرات 11 ديسمبر. هذا الحدث التاريخي الذي أراد من خلاله التعبير عن العرفان لمن دعموا الثورة التحريرية بحِرفهم. وبالمناسبة كانل «المساء» لقاء مع الحرفية المجاهدة فتيحة صاولي المختصة في الخياطة والطرز، التي حدثتنا عن علاقة حرفتها التقليدية في الثورة التحريرية.
تقول الحرفية فتيحة في بداية حديثها إنّ قلة قليلة فقط تدرك اليوم العلاقة بين الحرفة التقليدية كمهنة وبين الثورة التحريرية رغم أنّ الحرفيين لعبوا دورا بارزا في دعم المجاهدين رغم بساطة ما كانوا يقومون به مقارنة بمن حملوا السلاح. وتردف: «شخصيا، أذكر أنّني كنت صغيرة في السن وأقيم بحي شعبي ببلدية بولوغين، وكان رجل طاعن في السن يدعى عمي بن قويدر سعيد، كثير التردد على منزلنا محملا بكيس كبير به قطع من القماش، يطلب منا تفصيلها وخياطة «قشابيات». أذكر وقتها أني لم أكن متحكّمة كما يجب في فنون الخياطة، ولعلّ هذه الحادثة هي التي جعلتني أقتحم عالم الحرف التقليدية وتحديدا فن الخياطة والتفصيل والطرز، هذا العالم الذي دفعتني إليه والدتي مرغمة رغم أني كنت أحلم بأن ألبس المئزر الأبيض وأكون ممرضة أو طبيبة». ورغم أن الحرفية فتيحة كانت تدعم الثورة بما تحيكه للمجاهدين من لباس، غير أنها لم تكن على اطلاع بالمهمة التي تقوم بها، بالنظر إلى سرية الثورة من جهة، وحرص المجاهدين على إبقاء كل ما يتعلق بالمجاهدين مجهولا لتجنب وصول الخبر «للبيّاعين» من جهة أخرى. ولعل أكثر ما ظل عالقا في ذاكرتها صورة المجاهدة نصيرة دحيس التي كانت تقصد منزلهم، تقول: «كانت تطلب مني أن أخفيها عن أعين المستعمر»، مشيرة إلى أنها بعد أن أمضت مدة في حياكة الألبسة وإخفاء الفارين من المستعمر، أدركت حقيقة الثورة وضرورة أن تلعب فيها هي الأخرى دورا هاما، وكان عمرها وقتذاك لا يتجاوز 15 سنة، فما كان منها إلا أن قامت بخياطة العديد من الأعلام الوطنية لدعم الثورة التحريرية.
ارتباط المجاهدة الحرفية فتيحة بالخياطة وتعلقها بها بعد أن تبخر حلمها في ولوج عالم الطب، جعلها تقرر التوجه إلى مدرسة تعلم الخياطة التي كان يشرف عليها فرنسيون، حيث تعلمت الخياطة على أصولها؛ تقول: «أول قطعة قمت بخياطتها كانت لباس نوم خاصا بالأطفال، ومن ثمة كانت انطلاقتي في عالم الخياطة، الذي سرعان ما أحببته وأتقنته، حيث تخصصت في اللباس التقليدي الجزائري مثل الكاراكو الذي أبدعت فيه وأخرجته من طابعه التقليدي إلى العصري، وجلت به من خلال المشاركة في عدة معارض بعد الاستقلال في العديد من الدول الأوربية، للتعريف به في مختلف عروض الأزياء التي شاركت فيها»، مشيرة إلى أن الروح الوطنية كانت حاضرة في كل مرة بمجموعتها التي شاركت بها، حيث قامت بتصميم لباس تقليدي بألوان العلم الوطني، وهي اليوم تحرص على نقل هذه الحرفة إلى الراغبات في تعلم حرفة دعمت الثورة والثوار.
وحول التكريم الذي خصها به وزير السياحة قالت الحرفية إنها تشعر بالفخر والاعتزاز بهذا التكريم، الذي يعطيها مزيدا من الدعم لتواصل العمل في مجال الحفاظ على المورث التقليدي الجزائري، ممثلا في اللباس.
❊ رشيدة بلال


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)