الجزائر

دراسة أعمق لمظاهرات 11 ديسمبر 1960.. ضرورة


دعا البروفسور محمد الشريف أغبالو إلى إجراء دراسات أكثر عمقا وجدية لمظاهرات 11 ديسمبر 1960؛ لأنها أثبتت أن الشعب الجزائري قام بثورة شاملة ضد المستعمر الفرنسي، وبلغ غايته الأسمى، ألا وهي استرجاع السيادة الوطنية.نظم المتحف العمومي الوطني للفنون والتقاليد الشعبية، نهاية الأسبوع الماضي، ندوة من تقديم البروفسور محمد الشريف أغبالو بمناسبة مرور 53 سنة على مظاهرات 11 ديسمبر 1960؛ حيث ربط أغبالو بين قمع وضيم المستعمر الفرنسي ضد الشعب الجزائري الأبيّ، بما يحدث، حاليا، في غزة، وما تعاني منه من جبروت الكيان الصهيوني، ليؤكد وجود علاقة بين المقاومة الفلسطينية والنشاط الثوري لتحرير الجزائر.
وقبل أن يتحدث عن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي كان شاهدا عليها في مدينة شرشال، تطرق أغبالو للمحطات التاريخية الكبرى التي عرفها النضال الجزائري من أجل نيل الحرية. والبداية كانت مع تأسيس المنظمة الخاصة عام 1952 تحت إشراف محمد بلوزداد، ثم تأسيس اللجنة الثورية للاتحاد والعمل في 23 مارس 1954، فاجتماع 22 بالمدنية، وتحديدا في منزل لياس دريش (جوان 1954)، وصولا إلى نداء أول نوفمبر الذي كتبه بوضياف وديدوش باللغة الفرنسية، في محل عيسى كشيدة بالقصبة (10 كتوبر 1954). وأضاف أغبالو أن بوضياف وديدوش طلبا من الصحفي محمد عيشاوي تصحيح ما يمكن تصحيحه في البيان، ثم حدث اجتماع الستة في رايس حميدو (23 أكتوبر 1954)، وهم بيطاط، وبن بولعيد، وديدوش، وبن مهيدي، وكريم بلقاسم، وبوضياف، ثم التحق بهم بن بلة، وآيت أحمد، وخيضر، ليتم طباعة بيان أول نوفمبر عند رابح إيدير، الذي كان يملك في بقالته الكهرباء بعد أن تعذر فعل ذلك في منزل علي زعموم، ومن ثم تندلع الثورة التحريرية. أما عن مظاهرات 11 ديسمبر 1960، فقد أثبتت، حسب أغبالو، عزيمة الشعب الجزائري في التحرر من الاستعمار، وتأكيد العلاقة القوية بين الكفاح المسلح في الجبال والنضال في المدن وكذا النشاط الثوري للشعب الجزائري لتحقيق الاستقلال. وأشار إلى أن هذه المظاهرات هي رد فعل لزيارة الرئيس الفرنسي ديغول منطقة الغرب الجزائري، والذي قرر زيادة عسكره في الجزائر من عشرة آلاف عسكر إلى 800 ألف، ليؤكد أن ديغول لم يمنحنا الاستقلال مثل مزاعم البعض، بل قدّم لنا "الموت".
وتابع أغبالو أن المظاهرات انطلقت في عين تيموشنت ومناطق أخرى، وهي الجزائر العاصمة، والشلف، والبليدة، ووهران، وعنابة، وقسنطينة وشرشال، وكان ذلك في التاسع من ديسمبر. وقد شارك فيها المتحدث في مدينة شرشال وعمره لم يكن يتجاوز تسع سنوات، مثل الطفلة حورية مغراوي صاحبة 12 سنة، التي حملت العلم الجزائري. وأمر ديغول بفتح الرصاص أمام المتظاهرين، ليستشهد 262 جزائري، من بينهم 200 فقط في بلكور سابقا، بلوزداد حاليا. واستعملت فرنسا المحتلة طائرتي هليكوبتر ضد المتظاهرين بالقصبة. وجنّدت كل قواتها لقمع الجزائريين، حتى إنها أجهزت على الجرحى في المستشفيات، يضيف المتحدث.
كما استشهد الأطفال في هذه المظاهرات، ومن بينهم الشهيدة صليحة واتيكي التي كانت تنادي ب"تحيا الجزائر". وقد عرفت المظاهرات حمل كثير من اللافتات المناهضة للاستعمار وسط ترديد النشيد الوطني وزغاريد النساء، لتعقبها مظاهرات أخرى في 17 أكتوبر 1961 بباريس، وتشهد، هي الأخرى، سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، مثل ما كان عليه الأمر في هجوم الشمال القسنطيني، الذي عرف استشهاد 12 ألف جزائري، يضيف أغبالو مجددا. وفي هذا السياق، طالب البرفيسور بدراسة مظاهرات 11 ديسمبر 1960 بشكل أكثر تعمّقا؛ لأنها أثبتت ضلوع الشعب الجزائري في صناعة الثورة، ولهذا فإن نيل الاستقلال لم يكن يسيرا البتة، بل تحقق بعد تضحيات جسيمة. أما عن قصة النشيد الوطني، فذكر أغبالو أن عبان رمضان حينما خرج من السجن، طلب من لخضر رباح تخصيص نشيد وطني للجزائر لا يشمل ذكر أيّ اسم، فلجأ رباح إلى مفدي زكريا، وتحققت هذه الأمنية الغالية، في حين تحدّث أغبالو عن هوية صانع العلم الجزائري، وهو الدكتور شوقي مصطفى وليس زوجة مصالي الحاج التي شاركت في خياطته، مؤكدا أهمية عدم تحريف المعلومات والحقائق التاريخية. وعن نضال المرأة الجزائرية لنيل الاستقلال، تحدّث أغبالو قائلا إن شايب دزاير هي أول شهيدة جزائرية.
وقد كانت المرأة في الصفوف الأولى للجهاد منذ أن وطئ المستعمر الفرنسي أرض الجزائر؛ مثل لالة فاطمة نسومر، والجميلات الثلاث، وآني ستاينر، وباية حسين وغيرهن. وبالمقابل، قال البروفسور إن منطقة الجزائر العاصمة كان يشرف عليها العربي بن ميهدي رفقة إبراهيم شرقي. وقد تعرضت القصبة لأول اعتداء بالقنبلة من طرف المحتل الفرنسي في 10 أوت 1956، أسفر عنه سقوط 80 شهيدا، وأكثر من 100 جريح، بالإضافة إلى هدم العديد من الدور، ليأتي الرد الجزائري من خلال ثلاث لجان خاصة بصنع القنابل، الأولى بقيادة طالب عبد الرحمن، الذي كان يدرس سنة ثالثة كيمياء، والثانية لعبد القادر كسير، والثالثة لعبد العزيز بن صادوق.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)