الاحتجاجات الشاملة العنيفة التي تشهدها مختلف ولايات البلاد منذ الثلاثة أيام الأخيرة تثير الكثير من التساؤلات ونقاط الاستفهام لدى المتتبعين، على أساس أنها لا تشبه الطريقة المعهودة لثوران الشارع الجزائري. فأسعار السلع ذات الاستهلاك الواسع لم تتوقف يوما عن الصعود، ولكن الشارع كان يثور لأسباب أخرى مثل التوزيع غير العادل للسكنات الاجتماعية أو لانقطاع متكرر للماء والكهرباء في الأحياء الفقيرة والمعزولة، ولكن أبدا لسبب ارتفاع الأسعار، ما يؤدي بالكثير من المتتبعين إلى ربط هذا التحرك المفاجئ بأسباب أخرى ليست في متناول عامة الناس، إنها الأسباب السياسية. والكل يتذكر كيف تحرك الشارع في الخامس أكتوبر 1988، بإيعاز من أياد خفية، لإضعاف المتشددين والرافضين لإصلاحات الشاذلي بن جديد، ولكن الأوضاع انفلتت وكان ما كان.
والحقيقة أنه منذ أيام بدأ الوضع السياسي في البلاد يتحرك كما تتحرك الأرض فوق فم بركان تحضيرا لانفجاره في أي وقت، وبما أن حزب جبهة التحرير الوطني، صانع الرؤساء، يبقى دائما التيرموميتر الذي تقاس به درجة حرارة النظام، فإن مقياسه بلغ مؤخرا درجة عالية وكان ينذر بانقلاب علمي جديد داخل بيت عبد العزيز بلخادم، سوى أن حنكة الرجل وتمرسه يكون قد فوت الفرصة على خصومه، وخرج كالشعرة من العجين وأكثـر قوة، ما جعله يعلن، وبشكل انفرادي، أن حزبه سيرشح بوتفليقة في الاستحقاقات القادمة لعهدة رئاسية رابعة.
وهو الإعلان الذي فاجأ العديد من السياسيين، وعلى رأسهم أبو جرة سلطاني الذي يبدو أنه لم يكن يعلم بما يدور حوله من مناورات، فكان إعلانه أن قرار بلخادم أحادي الجانب وأنه اتخذ بعيدا عن الأضواء، قبل أن يعود ويلطف كلامه في تصريح لجريدة ''الخبر'' معتبرا بوتفليقة فوق الأحزاب.
ومهما يكن، فإن التحرك السياسي الأخير وتزامنه مع تحرك الشارع بشكل لم نشاهده منذ أكتوبر ,88 ينبئ بتطورات مستقبلية شديدة الحرارة، قد تنتج عنها خارطة سياسية مغايرة وتموقعات جديدة، الهدف منها في النهاية يكون حول الخليفة المحتمل للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ويكون حزب جبهة التحرير الوطني الحلبة المركزية للصراع القادم، الذي بدأ لهيبه ينتج دخانا في الشارع.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/01/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : كمال جوزي
المصدر : www.elkhabar.com