الجزائر

دار الإمزاد بتمنراستفضاء ثقافي لترقية التراث المادي وغير المادي




كشف الخطاب الذي اعتاد ملك المغرب محمد السادس على إلقاءه كل عام بمناسبة ذكرى احتلال الصحراء الغربية والتي تصر الدعاية المغربية على وصف ذلك على انه مسيرة خضراء، عن مواقف مغربية لا تريد الرباط تغييرها ولا حتى مراعاة الحقيقة التاريخية في ارض احتلتها بقوة الحديد والنار قبل 36 عاما.
وفي محاولة جديدة للالتفاف على حقيقة ما حدث في الصحراء الغربية بمناسبة قيام 350 ألف مستوطن مغربي على احتلال الأرض الصحراوية في اكبر عملية احتلال استيطاني لم يسبق للتاريخ المعاصر أن عرفه إلا في فلسطين، أراد الملك محمد السادس أن يوهم العالم أن المغرب استعاد أرضا له من الاحتلال الاسباني مع أن العالم وكل اللوائح الدولية تؤكد أن العملية التي رعاها الملك الراحل الحسن الثاني لم تكن في واقع الحال سوى عملية احتلال لأرض أرغم احتلال اسباني مقيت على الخروج منها بقوة وإرادة الشعب الصحراوي.
وزعم الملك محمد السادس في خطابه أن أرضا عادت إلى ''الأرض الأم'' مع أن صيرورة الأحداث التي عرفتها الصحراء الغربية في ظل الاستعمار المغربي أكدت رفض الصحراويين لسياسة الأمر الواقع التي حاول النظام المغربي فرضها على سكان هذا البلد الذين رفضوا ويرفضون كل تشويه للتاريخ ولكل فكر استيطاني مغربي تأكيدا منهم على هويتهم الصحراوية التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتخلوا عنها ويتحولوا إلى مغربيين.
ولكن الرباط لا تريد سماع مثل هذا الموقف وتريد إقحام أطراف لا علاقة لها بالنزاع مع جبهة البوليزاريو في سياسة الضم التي تريدها بدعوى تأييد مقترح الحكم الذاتي الموسع الذي تحاول منذ سنوات فرضه على الشعب الصحراوي وإقناع دول العالم على انه أفضل خيار لإنهاء النزاع في آخر المستعمرات في إفريقيا.
وهو الطرح الذي تريد المملكة المغربة بواسطته القفز على كل لوائح مجلس الأمن والأمم المتحدة التي تؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفق ثلاثة خيارات يبقى الشعب الصحراوي فيها جميعا سيد موقفه سواء اختار البقاء تحت السيادة المغربية أو اختار الحكم الذاتي الموسع أو الاستقلال.
ولكن المغرب رفض رفضا مطلقا تمكين الشعب الصحراوي من قول كلمته في تأكيد غير مباشر على أنه يخشى نتيجة استفتاء حر ونزيه تحت رعاية دولية كما تصر على ذلك جبهة البوليزاريو.
والمفارقة أن الرباط عندما تصر على فكرة الحكم الذاتي لم تتفطن أنها تقع في تناقض صارخ مع نفسها من منطلق أنها تصر على فكرة هذا الخيار وتعمل من اجل إرغام الشعب الصحراوي على قبوله ولكنها من جهة ثانية لا تجد حرجا في التفاوض مع جبهة البوليزاريو وأمام كل العالم في ازدواجية في الموقف لم يجد لها خبراء الدبلوماسية أي تفسير منطقي. 
ولكن هذا الموقف غير الطبيعي تدركه الحكومة الصحراوية جيدا وهي تؤكد في كل مرة انه يدخل في إطار سياسة التسويف التي ما فتئ المغرب التعامل بواسطتها ضمن خطة لربح الوقت وفرض سياسة الأمر الواقع على الأمم المتحدة وعلى مجلس الأمن وهو ما يفسر رفضها العودة إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة التي دأب كريستوفر روس المبعوث الاممي إلى المنطقة على رعايتها منذ عدة سنوات ولكنه فشل إلى حد الآن في حلحلة الأوضاع على طريق تسوية هذا النزاع. والمفارقة الثانية التي افرزها موقف الرباط أنها لم تتمكن إلى حد الآن من القفز على حقيقة وجود شعب صحراوي يرفض الأمر الواقع ولكنها تريد إقحام الجزائر في نزاع لا يعنيها سوى كونها دولة جارة رفضت منطق الهيمنة والتوسع المغربي من خلال دعوة الملك محمد السادس لها إلى تحقيق مصالحة على المقاس المغربي وبما يخدم مصالحه. وهي دعوة أرادها الملك المغربي لتمييع الموقف وتوريط الجزائر التي وصفها بـ''الأخت الجارة'' وهو وصف أراد من خلاله تحقيق مآرب أخرى ومنها خاصة التظاهر أمام المجموعة الدولية على انه لا يريد إلا الخير للمنطقة وانه يسعى إلى بناء مغرب عربي كبير يكون محركا لكل العالم العربي وبالتالي إظهار الجزائر على أنها المعرقل   لتحقيق هذا المسعى في تلميح واضح إلى رفضها إعادة فتح حدودها الدولية مع المغرب.
والأكثر من ذلك أن الرباط تريد أن تقحم نفسها في النطاق الجغرافي لدول الساحل وهو لا يعنيها في شيء ليس لأن جهات منعتها من ذلك ولكن لأن حدودها لا تمكنها من أن تكون دولة من دول الساحل ولكن محمد السادس لم يجد حرجا في دعوة الجزائر للتعاون من اجل ''ضمان الاستقرار والأمن'' في هذه المنطقة.
ويبدو أن الملك محمد السادس لم يهضم بعد عدم إشراكه في مؤتمر الأمن الذي ضم دول منطقة الساحل رغم إلحاحه على المشاركة وهو يعمل من اجل إيجاد موطئ قدم له في المنطقة رغم أن ما يحدث فيها لا يعنيه في شيء وهو في منأى من مخاطر ما تشهده هذه المنطقة بما يطرح أكثر من سؤال عن هذه الرغبة الملحة.  
 
تعدّ دار الإمزاد بمدينة تمنراست فضاء ثقافيا يراهن عليه في المحافظة وترقية التراث المادي وغير المادي وتعزيز جهود حماية الهوية الوطنية بمختلف أبعادها الثقافية، وقد جرى تدشين هذا الصرح الثقافي الجديد تزامنا مع فعاليات اللقاء الدولي لمهرجان الإمزاد في طبعته الثالثة (11-18 نوفمبر 2011).
ويأتي هذا المرفق الثقافي ليعزّز جهود التكوين والتواصل بين الأجيال وحماية التراث الثقافي العريق الذي تشتهر به هذه المنطقة من الجنوب الكبير ذلك أن تسميتها المرتبطة بفن آلة الإمزاد يحمل أكثر من رمزية لمدى أصالة هذا التراث الغنائي الأصيل، ويتربّع هذا المكسب الثقافي على مساحة 10 آلاف متر مربع، يضم طابقين في شكل ورشة مخصّصة للغناء ومتحف وقاعة متعدّدة الاختصاصات ومدرسة لموسيقى الإمزاد، التي كان يحتضنها بصفة مؤقتة مركز التكوين المهني لمدينة تمنراست، حسب البطاقة الفنية للمشروع.
كما يتضمّن هذا المشروع الثقافي الهام عدة قاعات للموسيقى وأخرى للدروس ومخبر للسمعي البصري وقاعة للإعلام الآلي وقسم آخر مخصّص لاستقبال وإيواء الفنانين الذين يزورون المنطقة، ويتكوّن مركز الإيواء من 14 قاعة للضيوف مفتوحة لمدة أقصاها ثلاثة أشهر لكلّ فنان يرغب في جعل منطقة الأهقار مصدر استلهام، علما أنّ كلّ فنان يستفيد من إقامة في دار الإمزاد يتعيّن عليه مقابل ذلك تلقين فنه لتلاميذ المدرسة.
وكان موعد التدشين فرصة للتعريف بمحتويات وأجنحة هذا المكسب الثقافي الجديد وإبراز مدى مساهمة هذا الفضاء مستقبلا في مبادرات حماية الهوية الوطنية من خلال المحافظة على الثراء والتنوّع الثقافي والغنائي الذي تزخر به الجزائر وما يقدّمه من دعم للتبادلات الثقافية بين دول المنطقة، ويشرف على تعليم فن الإمزاد بهذا المرفق الثقافي الذي يحصي نحو 160 متمدرسة وطاقما تكوينيا يضم 7 مؤطرات، وقامت جمعية ''من أجل إنقاذ الإمزاد'' بتكوين أزيد من 20 فتاة عازفة على آلة الإمزاد منذ سنة .2003
وتجري بهذا الفضاء الثقافي العديد من المسابقات الثقافية المتنوّعة في التراث المادي وغير المادي التي تنظم في إطار هذا الحدث الثقافي والفني على غرار مسابقة في الشعر والتراث الشفوي، كما تحتضن ''دار الإمزاد'' كذلك سلسلة من المعارض والأجنحة المتعلقة بأنشطة جمعية ''من أجل إنقاذ الإمزاد''، التي تقام ضمن فعاليات هذا اللقاء الثقافي والفني وذلك بعرض وبيع عينات من الصناعات التقليدية والفنية التي تشتهر بها المنطقة.
وتنظم بهذا الهيكل الثقافي أيضا مسابقات أخرى تتعلّق باختيار أجمل فتاة عازفة على آلة الإمزاد وأخرى في العزف على ''التازمارت'' وهي آلة موسيقية تقليدية، إضافة إلى مسابقات في رقصات شعبية مشهورة من بينها رقصة ''التاكوبا'' و''التيندي''، ومسابقة الإمزاد والشعر وأخرى حول أجمل جمل ومسابقة استعراض رقصات بالسيوف، كما أدرجت أيضا مسابقات في طبوع غنائية ترقية من بينها نوع من الغناء الترقي تؤديه مجموعات صوتية نسوية مصحوبا برقصات الرجال المعروف محليا بإيسوات وتزنقرحيت وأخرى في الرقص والغناء بالبارود.
والإمزاد آلة موسيقية قديمة خاصة بالثقافة الغنائية التي يشتهر بها المجتمع التر'ي، وهي ترافق الأغاني والأهازيج التي تتناول بطولات المحاربين التوارق البارزين، علما أنّ العزف على هذه الآلة المحدبة ذات الوتر الواحد يقتصر على النساء فقط.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)