الجزائر

د.فوزي أمير.. قصة حياة



من النادر أن نتصادف في حياتنا بأشخاص تتجاوز عزيمتهم وإصرارهم على التحدي كل العراقيل التي يضعها القدر في طريقهم، بل كل المصائب التي لا يمكن للإنسان العادي تحملها إلا اذا كانت بداخله قوة خارقة هبة من الله تعالى، تمنحه الصبر والرضى، وتكون له تعويضا الهيا يضيء له طريقه المحتوم بعد النقطة الفاصلة في حياته مرورا الى التغيير الجدري الذي هو قضاء الله وقدره قبل كل شيء.وهذه قصة الدكتور فوزي أمير الذي سردها علينا بعدما استقبلنا في بيته مبتسما ومرحبا، تعمدنا سرقة بعضا من وقته الذي يسخره للبحث والقراءة في علوم الفقه والدين، د.فوزي أمير معاق بنسبة 100 بالمائة، لا يتحرك في جسده غير الكتفين والذراعين وأصبع واحد من يده اليمنى "الخنصر". قصة د.فوزي أمير هي قصة حياة بالفعل ونموذجا للهمة العالية القوي لشاب انقلبت موازين حياته في أقل من ثانية، حركة بسيطة حولته من شاب مفعم بالنشاط يحلم في أن يكون بيطريا بحكم تخصصه الجامعي الى انسان لا حول له ولا قوة، هذا ما قد يخطر ببال أي شخص يلمحه لأول وهلة قبل أن يتعرف على جوهره وعلى ثراء أفكاره وثقافته وشغفه للعلم
تكلم أمير فوزي ذو 47 سنة عن قصة الحياة التي خطها القدر ورضي بها رغم أنها أردته عاجزا عن الحركة، كان يوم خميس 28 أكتوبر 1993 حين كان الشاب ذو الواحد والعشرون سنة يشارك في بطولة وطنية للجيدو بوهران في منافسات الحزام الأسود بالمجمع الرياضي بحي كاسطور "حي الشهداء حاليا" والتي فاز فيها ب4 مقابلات من 5، وعاد بعد أن كان مغادرا القاعة ليشارك في منافسات الاستدراك وتواجه مع خصم بفارق وزن 9 كغ، وأثناء المواجهة قام بحركة ضد خصمه فقد خلالها توازنه وسقط على رأسه بشكل أفقي وسقط الخصم فوقه، وكانت تلك الثانية الفاصلة في حياة فوزي أمير.
حول بعدها الى المستشفى التي للأسف لم يجد فيها التكفل اللازم ليتنقل بعدها الى فرنسا للعلاج وبقي لمدة سنة كاملة لم يمكن خلالها الا باستدراك حركة الكتفين والذراعية والخنصر، وبهم يعيش اليوم بعدما تقبل وضعه الجديد وعرف كيف يجعل أفراد عائلته يتقبلون الأمر، وعاش بينهم وسط رعاية واهتمام وتكفل وسط اخوته وهو أصغرهم حتى تجاوز الأزمة وجدد حياته بقرار العودة للدراسة مغيرا تخصصه القديم في علوم البيطرة الى تخصص علوم الشريعة بجامعة وهران تحدى كل العراقيل والصعاب واستطاع ان يتفوق في شهادة الليسانس ثم الماستر ثم الدكتوراه التي حصل عليها سنة 2019، وعين كأستاذ متعاقد في علوم الفقه بجامعة وهران1 وأسس أسرة ليتلقى كل الرعاية والمحبة من زوجته المرأة العظيمة التي تسنده وتدعمه اليوم الى جانب عائلته وصديق عمره د. فوزي أمير وان كان لم يشتكي من وضعه الصحي والاجتماعي طيلة حديثنا إلا أننا لاحظنا أنه يعيش أزمة سكن وبحاجة الى بيت، كما أنه يطمح لأن يوظف بشكل دائم في جامعة وهران كأستاذ مساعد على الأقل وكل همه اليوم أن يقدم للطلبة كل ما اكتسبه من علوم، هذا زيادة على مشاركاته في ملتقيات وطنية ودولية بالإضافة الى مساهماته في مجلاّت علمية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)