د /دردوري: خريطة الانترنت المستعملة تبين المستوى الثقافي لمتصفحي المواقع
" الدكتور عبد العزيز دردوري خبير في الشؤون الأمنية المعلوماتية"
يولع بالتكنولوجيا الحديثة أكثر من ملياري شخص في العالم ممن يستعملون الانترنت لأغراض شخصية و مهنية و كذا عسكرية و منذ سنة لوحظ استعمال السياسيين للانترنت ، و تعود أسباب الاستعمال المستمر للانترنت إلى فعاليته من حيث قلة التكلفة بالدرجة الأولى ثم سرعة الحصول على المعلومة من مواقع متعددة .
في هذا الصدد استضاف موقع الإذاعة الجزائرية الدكتور عبد العزيز دردوري خبير في الشؤون الأمنية المعلوماتية و قضية تكنولوجيات الإعلام و الاتصال ليوضح رأي الدول في القمة العالمية حول تكنولوجيات الإعلام و الاتصال المنعقدة مؤخرا بدبي.
*عقدت مؤخرا قمة عالمية حول تكنولوجيات الإعلام و الاتصال بدبي ماهي أهم الاستنتاجات التي تمخضت عن أشغال هذه القمة ؟
فيما يخص محور المؤتمر المنعقد بدبي فقد كان يدور حول استعمال الاتصال عبر الانترنت و هو اتصال حديث يستعمل لأغراض سياسية و اجتماعية ، و لم تأخذ أنظمة منظمة الاتصالات الدولية بعين الاعتبار هذا التطور الذي حصل في استعمال الانترنت ، كما أن القمة أخفقت في إحداث النتائج المرضية لباقي الشعوب لأن الانترنت تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية و حدوث أية أزمة ستمثل خطرا على بقية الدول ، علما بان اغلب الدول تطالب بوضع الانترنت تحت مراقبة الأمم المتحدة حتى تقلص أمريكا من نفوذها في هذا المجال .
من جهة أخرى فإن بعض الدول تطالب بتأمين الانترنت حيث أن رؤية أمريكا تتمثل في تأمين الشبكة أما روسيا و الصين فتطالبان بتأمين المحتوى و المضامين قائلتين إن المعلومات التي تدخل و تخرج عبر الانترنت ممكن أن تكون خطرا على أمن و استقرار البلد في حد ذاته .
و في مؤتمر دبي المنعقد في أكتوبر 2012 تم اتخاذ إجراء يتمثل في ضمان المحتوى عبر الانترنت و لاسيما البريد اليومي غير المرغوب فيه "spam" والذي يمثل قرابة 50 بالمائة و كل الدول أجمعت على حقها في مواجهة و مراقبة مثل هذا النوع من البريد.
*ما تعليقكم على رأي احد الصحفيين من مجلة " the economist" البريطانية الذي قال "إننا نعيش اليوم حربا باردة رقمية " ؟
قوله صحيح..فإذا نظرنا إلى الحرب الباردة للقرن الماضي التي كان فيها العالم الاشتراكي من جهة و الغرب من جهة أخرى ، و اليوم نجد مواقف مختلفة في مجال الانترنت.. فبعض الدول تريد المراقبة كالصين و روسيا أي العالم الاشتراكي و بعض الدول الأخرى من العالم الثالث و نقيضه تريد أن يكون الانترنت مفتوحا و مجانيا دون مراقبة كأمريكا و دول الحلف الأطلسي و استراليا و كندا ، فالصحفي محق في ما قال ..نحن في حرب باردة فعلا و من نوع آخر.
*وكخبير كيف تترقب الأمر مستقبلا، وهل تكون الأمم المتحدة هي الوسيط الذي يأخذ بزمام الأمر و تكون هناك حلول و هيكلة؟
قبل الحلول أعود للمؤتمر ففيه دول مثل روسيا و تابعاتها طرحت مشكلا آخر وهو تواجد شركات معترف بها " الوكالات" و التي تخضع لقوانين الاتصالات الدولية سابقا و تقترح هذه الدول إدخال شركات جديدة كغوغل و تويتر و غيرهما .. و عند استعمال الأشخاص العاديين لمثل هذه المواقع سيدفعون مقابل أي لن تصبح مجانية وقد عارضت الدول الغربية هذه الفكرة مطالبة بعالمية المواقع و مجانيتها لأنه سيتم تحديد المستفيدين حيث سيقتصر الاستعمال إلا على الأغنياء فقط.
و بخصوص مستقبل استعمال الانترنت فالمشكل ليس تقنيا ولا يتمثل في تكلفة خدمات الانترنت و إنما يكمن في استعمالات الانترنت في مجالات عدة كالأغراض العسكرية و الجوسسة و سرقة المعلومات ذات الطابع الاقتصادي للاستفادة منها ، و الانترنت أصبح كسلاح له دور فعال دون تكلفة فالدول الضعيفة لا تستطيع الاستغناء عنه.
*و ما هو دور الأمم المتحدة و الدول المشرفة على الانترنت في وضع حد على الأقل لهذه الفوضى التكنولوجية ؟
رفضت كثير من الدول طرح مسألة حرية التعبير في المؤتمر العالمي بدبي و فضلت طرحه في الأمم المتحدة أثناء قمة حقوق الإنسان و هذا المشكل يبقى مطروحا دون إيجاد حل له.
* وما هو دور منتدى تسيير الانترنت ؟
قبل مؤتمر دبي عقد في نوفمبر سنة 2011 بلندن مؤتمر دولي حول الانترنت و لم يخرج بأية نتيجة و أوصى المشاركون بلقاء آخر لتعميق المناقشة في الموضوع و كذلك الشأن بالنسبة لمنتدى حوكمة الانترنت بباكو عاصمة أذربيجان في نوفمبر 2012 الذي لم يخرج بنتيجة و نفس الشيء بالنسبة للسنة الماضية في الهند و قد برمج لسنة 2013 شهر ماي منتدى لمعرفة من يملك سلاح الانترنت و أغلب الظن عدم الاتفاق مسبقا على النتيجة لاختلاف وجهات النظر في الموضوع.
من جهة نجد أمريكا خلقت قيادة أمن الانترنت " سيبرسيكريتي cyber Security" و بالمقابل تابعتها بعض الدول مثل إيران والصين أي تقريبا كل الدول اتخذت مسار أمريكا و توجد هناك صعوبة مادام أن المصالح متعارضة لذا من المحتمل احتدام "حرب انترنتية" يكون مسرحها ميدان الانترنت خلافا للحرب الكلاسيكية - برا و جوا - فمثلا تواجه إيران دوما عبر الانترنت الهجمات و السعودية فشركة آرامكو ذات 30 ألف كمبيوتر تعرضت للقرصنة بالفيروسات و هذه الشركة يعتمد عليها الاقتصاد السعودي ككل و بالمثل تعرضت بنوك أمريكا لهجمات و من الصعب معرفة الخصم في هذه الحالات و من مزايا "السيبرآتاك cyber-attaque " عدم التعرف عليها.
* في موضوع آخر هل الأحداث التي حصلت في الوطن العربي لها علاقة بالانترنت و التواصل عبر الشبكات الاجتماعية؟
لقد بحث الخبراء في الجزائر شهر سبتمبر2011 في ملتقى "العالم العربي في غليان :انتفاضة أم ثورات؟ " ولم يجمعوا على أن الفيسبوك أو التويتر هما وراء الربيع العربي، و لا ننكر بأن للانترنت دورا في الاتصال و لكنه ليس السبب كله ، لأن وضعية الدول الاجتماعية و الاقتصادية كانت صعبة مما سهلت وقوع الأحداث و عليه فالانترنت عامل من العوامل و ليس السبب الأساسي.
*بصفتكم خبير في المعلوماتية ما هو واقع الشبكات الاجتماعية في الجزائر ؟
استعمال الانترنت من طرف الجزائريين قليل مقارنة ببعض الدول ، وكمثال نجد 50 بالمائة من الإيرانيين يستعملون الشبكة العنكبوتية ، فالانترنت اليوم تدخل في الحياة اليومية للأشخاص الخاصة منها والعامة ، والجزائريون بعد اكتشافهم للانترنت بدأت نسبة الاستعمال في التزايد، رغما أننا نبقى متخلفين مقارنة بدول أخرى .
*في رأيكم ما هي أسباب عدم توسعة استعمال شبكة الانترنت في الجزائر؟ dardouri19
صعب معرفة ذلك.. لكن ربما يعود السبب إلى إعادة النظر في عصرنة الشبكة كما ان التكلفة في اقتناء الانترنت عالية .
*ما تعقيبكم عن الشبكات الاجتماعية و الصحافة الإلكترونية و مواقع الواب المتداولة في الجزائر؟
رأي أنها ستتوسع مثلها مثل الشبكات الاجتماعية فالجزائريون يداومون على استعمال الانترنت و قد لوحظ ذلك حتى في الجانب السياسي مثل بعض الأحزاب أثناء الحملة الانتخابية أما الشباب فلغرض تكوين أصدقاء ، و إذا أجرينا مقارنة على سبيل المثال بين خريطة الانترنت المستعملة في الجزائر وتلك المستعملة بمصر و درسنا المواقع التي يزروها الجزائري أكثر من المصري فسنجد أن الجزائري يزور المواقع الرياضية و يتصفح موقع الحساب البريدي أما مواقع البحث فيستعملها بشكل اقل ، فالمواقع ذات الطابع الأكاديمي و البحثي و الإخباري قليلة من حيث التصفح و هذا يبين المستوى الثقافي لمستعملي الانترنت.
من جانب آخر قامت مؤسسة جزائرية ببحث حول المواقع بالجزائر فوجدت أنه مابين 4 إلى 5 بالمائة من المؤسسات الجزائرية لها مواقع و هذا قليل مقارنة بالبلدان الأخرى التي تستعمل المواقع لأغراض تجارية و اقتصادية و في الجزائر لا تستعمل مثل هذه المواقع .
*ما علاقة وسائل الإعلام الكلاسيكية والوسائل الاجتماعية الجديدة، فهل هناك توجه للوسائل الحديثة كمصدر إخباري عوض الوسائل القديمة ؟
نعم لاحظنا إقبال المتصفحين للجرائد عبر الإنترنت فهم يفضلون قراءتها عبر المواقع عن شرائها ، و في مؤتمر دبي طرحت بعض الدول المشكل مثل ألمانيا، فموقع الجريدة يقرأ مجانا عن طريق محرك البحث غوغل الذي يسدد بدوره التكاليف رغم وجود صفحات إشهارية بالجريدة وهذا يسبب مشكلا لأن الكثيرين يطالبون ببقاء التصفح المجاني، و أكثر المواقع تصفحا عالميا هي الحصول على الأخبار.
*ماهي انعكاسات تعاطي الشباب الجزائري للشبكات و وسائل الإعلام الاجتماعية ؟
إذا توجه الشباب الجزائري للمواقع الأجنبية فهذا له تأثير كبير على ثقافته ، لذا وجب الوعي فمثلا غوغل هي مصدر للثقافة الأمريكية و هذا الموقع يعتبر خطرا على شبابنا لذا يجب أن نحرص على ما يتصفحه الشاب الجزائري حتى يهتم بثقافة وطنه .
*في نظركم كيف نخرج من معضلة الحديث الذي كثر مؤخرا حول الجيل الثالث و الرابع للهاتف النقال وهل للجزائر استعداد للتنقل إلى الجيل المعلوماتي و تثمين ثقافات الكفاءات الموجودة في المجتمع الجزائري ؟
في رأيي الشخصي فيما يخص الهاتف النقال الجيل الثالث لا يستعمل ككمبيوتر بل كهاتف نقال ، وليس باستطاعة كل الجزائريين كسب الأيفون المقدر بكذا ثمن، فمن المفروض قبل الذهاب إلى الجيل الثالث علينا تحسين شبكة الانترنت في الجزائر ذات التدفق الضعيف فالأولى تحسين وضعية الشبكة كما أن الظروف غير مواتية للتوجه إلى الجيل الثالث أو الرابع .
*ما مستقبل الانترنت و تكنولوجيات الإعلام و الاتصال و الشبكات الاجتماعية في الجزائر؟
نأمل أن يعي الجزائريون بالأخطار التي تسببها التكنولوجيات الحديثة حيث أن لها إيجابياتها وسلبياتها وعليهم بالعقلانية و الاستمرار في استعمال الشبكات الاجتماعية و يميزون بوعي كل المواقع التي يتصفحونها دون مقاطعة و يأخذون في الحسبان تربيتهم و ثقافتهم وأن يكون لهم دور فعال في الانتقاء.
أجرى الحوار: الدكتور العيد زغلامي / تحرير:مباركة بن عمراوي
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/12/2012
مضاف من طرف : yasmine27
المصدر : http://www.radioalgerie.dz