الجزائر

خواطر حاج



 في هذه الرِّحلة المباركة يتعلَّم الإنسان كيف يتنازل عن كبريائه وسيادته في هذا الكون إلى أدنى الأجناس -وهو الجماد- لكي يُقَبِّله ويتزاحم على تقبيله، فلا يوجد مَن هو عظيم بذاته، إنّما العظمة حقيقة هي أن يجعل الحاج اختياره متسقاً ومنسجماً ومتوافقاً مع مراد الله تعالى وفق منهجه، إنّه إحساس بالخضوع والعبودية، إحساس بأن الحاجّ قد تخلّى عن كلّ شيء وعرف قدره الحقيقي فجاء إلى هذا المكان يُعلِن ندمه على ما فعل ويضرَع إلى الله سبحانه وتعالى ليغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.
هذا القُرب الشّديد من الله والإحساس به في كلّ لحظة هو الّذي يجعل للبكاء روحانية تغلب عليها فرحة التخلُّص من الآثام.. إنّها قوّة الإيمان الّتي تدفع الإنسان إلى التّخلّي عن كلّ ما يشوب عقيدته وسلوكه من خطأ وانحراف، فالتّخلّي عن الكِبْر قوّة، وطلب الرّحمة والمغفرة قوّة، وكلّ مَن مرّ بهذه الأحاسيس الجيّاشة يعرف جيّداً أنّ نفسه قد ارتاحت بعد البُكاء، وكأنّ قلبه قد غسلته هذه الدّموع الّتي سالت من عينيه، الكلّ يبكي على قدر ما أسرف على نفسه وعلى قدر ما خالف.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)