إنّ الاحتجاج بالقَدَر الّذي يجريه الشّيطان اللّعين على ألسنة كثير من عامة المسلمين فيه خطر كبير، وهو أنّ أحدهم إذا قيل له وقد ترك بعض الواجبات، أو فعل بعض المحرّمات: فعلتَ ذلك وخالفتَ أمر الله ورسوله، فيقول: ذلك مُقدَّر عليَّ، ومكتوب ومقضيٌّ، يعذر بذلك نفسه، ويرفع الحرج عنها، ويحتج على الله تعالى الّذي له الحجّة البالغة على جميع خلقه في كلّ حال، لا يُساَل عمّا يفعَل وهم يُسألون.
إنّ قول العاصي هذا أعظم من معصيته، وأكثـر ضررًا عليه في دنياه وآخرته، لأنّ معنى هذه المقالة يدل من صاحبها -إذا قالها عن اعتقاد باطن- على تزلزل قواعد دينه من أصلها، فمتى يتوب هذا العاصي؟! ومتى يندم على فعله القبيح؟! ومتى يستغفر منه؟! وهو لا يرى له فعلاً، ويرى أنّه مجبور مقهور، ليس له اختيار ولا قدرة، وهذا هو بعينه هو مذهب الجبرية -الجبر هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الله تعالى- وهم فرقة من المبتدعين في الدِّين. ومعتقد أهل الحق والسُنّة والجماعة: أنّهم لا يحتجُّون لأنفسهم على الله أبدًا، ولا يعذرونها بسبق القَدَر، ولا يرخّصون في ذلك لأحد.
الإمام عبد الله بن علوي الحدّاد الحسني
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 04/03/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : elkhabar
المصدر : www.elkhabar.com