جميل أن يستمد الحراك عنفوانه من المرجعية الثورية لما لها من مبادئ رسّخت النضال الذي حولته إلى كفاح ثم نيل المطالب التي كان أبرزها الاستقلال و السيّادة ، و لكن مهما كان الحال لا ينبغي البقاء في قوالب الأشخاص مهما بلغوا من القداسة لأنّ زمنهم غير هذا الزمن ، و هذا لا يعني الابتعاد عن أفكارهم إذا كانت لا تزال تصلح لهذا الوقت و متطلباته التي تبدو أنها قد تطورت كثيرا بعد الاحتكاك المتواصل في الداخل و الخارج و ظهور المستجدات التي أعادت الدراسات و التحليلات إلى البدايات. تحلّ الذكرى الخامسة و الستّون لقيام ثورة أول نوفمبر المجيدة لتجد الجزائر في خضمّ تحوّلات ّهامّة لكن محفوفة بظروف خطيرة و عصيبة و أيضا دقيقة ، باعتبار أنّ الجزائريين لا يعيشون وحدهم بل تحت مؤثرات سياسية و اقتصادية و اجتماعية متفاوتة ، و بالتالي فالظرف دقيق من حيث طرح المطلب وانتظار الاستجابة له من أجل صناعة ديمقراطية حقيقية تأخذ في حسبانها أنّ الكلمة الفصل في أمّهات القضايا تعود للشعب مادام الدستور قد كرّس ما يؤكد ذلك ، و على السلطات المتعاقبة أن تنأى بنفسها عن المتاهات التي قد يضعها فيها الظرف الراهن أو القادم بالاستجابة لنصوص الدستور، و هو الدستور الذي اقترحته هي و صوّت عليه منتخبو الشعب ذات فبراير 2016. كما لا يجب بأيّ حال من الأحوال و مهما تعدّدت الأسباب أو المسببات أن يكون الحراك الشعبي المنزّه إلى يومنا هذا من أي لون سياسي أن يكون مطيّة لأيّ كان و مهما كان فالشرعية الثورية شرب منها الشعب حدّ الثمالة و استرزق منها المسترزقون حدّ التخمة ، و بالتالي لا يمكن أن يكون السير الشعبي مطيّة لا لنوفمبريين و لا للبادسيين و لا لغيرهم حتّى يترفّع عن السقوط في القوالب القديمة و لا حتّى الجاهزة التي تحاول قوى الشر في الخارج تقديمها بتواطؤ أذناب الداخل ، على الحراك أنّ يتجلّد بالفطنة و يكون واعيا أن التحوّل لا يأتي من الخارج و إنّما ينمو في رحم الداخل لأنّ الجزائريين بشعبهم و سلطتهم و مشهدهم السياسي الذي في ما له و ما عليه وحدهم من يصنعون مستقبلهم مادامت آلة التحوّل قد تحرّكت و حرّكت معها الخلايا النائمة التي كانت تخاف المواجهة اتقاءً للتصادم . لنوفمبر رمزيته في أنّه استنهض الهمّة و نفض عن الشعب غبار انتظار ما لا يأتي و كذلك الحراك تخمّر فنضج ثمّ ترجّل لا تثنيه ظروف رغم تشديد القبضة من طرف زمرة ممن أداروا البلاد ، تحرّك فخرج الشارع و لا يزال سائرا و لكن لا للسير أن يرسو على بر أمان و يدقق في المطلب و كيفية تحقيقه بالشروط الهادئة
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/10/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : فاطمة شمنتل
المصدر : www.eldjoumhouria.dz