الجزائر

خداع الغرب يطفو من جديد على السطح



خداع الغرب يطفو من جديد على السطح
اليوم وليس غدا وبعد الاتفاق الروسي الأمريكي بجنيف، انقرض وانتهى الدور العربي المفترض، فلا جامعة عربية ولا مشايخ الخليج بإمكانهم اليوم أو لاحقا أن يُنتظر منهم موقف مؤثر حول الأزمة السورية، أو يُسمع صوتهم القادم من أعماق الرمل.. فأصحاب القرار حسموا الأمور وأسكتوا الجميع حين أعطوا الأسد عاما آخرا لمراجعة حساباته، لا لشيء سوى أن دبلوماسية "الدب الروسي" نجحت في تقليم أظافر الوحش الأمريكي لتعود مأساة السوريين نحو منطلق الصفر. هكذا سيتعلم العرب بأن حلحلة شؤونهم العصية ليست بأيديهم، وأن تماطلهم هو أكثر من وهن وخذلان (ما لجرح بميت إيلام). ربما يتساءل المتابعون للمعضلة السورية ما نوع السحر الذي أتى بأكله على تصورات جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، بعدما كان من بين المتحمسين لمعاقبة نظام الأسد. ما هي مقادير الوصفة الروسية التي أحدثت تحولا جذريا؟ بعد أن كانت الآمال معلقة على أهمية هذه الجلسة الثنائية، والتي من بينها أن الأسد لربما يُجبر على التنحي والتوجه نحو مفاوضات كما أفصح السفير الأمريكي السابق جوزيف آدم آرلي. أما أن يحدث هذا بمجرد نصف ضحكة صفراء، فهذا هو قمة العار الذي عشش في نفوسنا ونظل نتجرعه، حتى يرث اللّه الأرض ومن عليها. يقول كثير من المحللين: متى كان الروس أصدقاء للعرب كي يرافعوا عنهم من أجل العيش بسلام؟ فبعد فضيحة الكيمياوي قال الجميع بأن هذه هي طريق الخلاص لأجل أن يسقط نظام قتل قرابة المائتي ألف، ولا زال عدد الضحايا في تزايد، وعليه فقد أراد ابن الأسد وزبانيته أن يكرسوا وبالقوة منطق "الكل إلى الجحيم"، والدليل هو الاستعمال الذكي لغاز السارين عن طريق الرجم بالصواريخ وهي طريقة روسية بحتة استعملها من ذي قبل في الشيشان وجورجيا لكن في سوريا جاءت بتقطع، حتى انطلت على السطح مجزرة الغوطتين الشرقية والغربية والتي كما هو معلوم حصدت قرابة ال1400 ضحية، وهذا في محاولة من النظام لممارسة سياسة الأرض المحروقة وإبادة معاقل وجيوب المعارضة. أما مسألة تخوف الأطراف الغربية التي رفضت الدخول في حرب واسعة النطاق بما فيها الشعوب فهي محقة، مخافة أن تأتي هذه الهجمة أو تلك بنتائج وخيمة، لذلك فكل اللوم يقع على عاتق السياسات الخارجية للدول التي حصّنت الأسد وجعلت منه آخر دكتاتوريّ القرن ال21 الذي صمد ولن يهزم.. إنه الغرب، إذن، هذا الأخير الذي يرى في كل شعوب المعمورة مجرد جراد قابل للإبادة في أي لحظة لأنه كائن متطفل وأكول، ولابد أن تُسير أموره كما يحلو لأصحاب القرار في العالم، وتنفيذ ذلك بكل الوسائل المتاحة، خداعا ومراوغة وكذبا وتمويها. [email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)