دخل الحوار الوطني في تونس أمس، في جوهر القضايا الخلافية التي حالت إلى غاية الآن دون الانتهاء من مرحلة انتقالية حرجة تشهدها البلاد منذ الإطاحة بالنظام السابق بداية العام 2011. واستأنف أمس الفرقاء التونسيون؛ من سلطة وأحزاب، معارضة مناقشاتهم في جلسة ثانية خُصصت لبحث تشكيل لجنة الخبراء المكلفة بالمساعدة على الانتهاء من صياغة مشروع الدستور الموجود قيد الإعداد منذ عامين.ويُنتظر أن يركز أعضاء هذه اللجنة على حسم الجدل القائم بين مختلف القوى السياسية حول مواده الخلافية، وخاصة تلك المتعلقة بطبيعة الدولة ومصادر التشريع، وكذا الحريات الفردية وحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.
ومن المقرر أن يجتمع رؤساء الكتل النيابية في المجلس التأسيسي للانتهاء من وضع مشروع مسودة هذه الوثيقة قبل أن يعقد أعضاء هذه اللجنة أولى اجتماعاتهم بتنسيق مع ممثلي الأحزاب؛ قصد وضع دستور يحظى بإجماع كل الفعاليات.
يُذكر أن جلسات المجلس التأسيسي عُلّقت منذ عملية الاغتيال التي طالت النائب اليساري المعارض محمد براهمي نهاية جويلية الماضي، مما دفع ب 60 نائبا إلى الانسحاب؛ احتجاجا على عملية الاغتيال.
وكانت النقاشات بين مختلف الأحزاب التونسية والأطراف المشاركة، ركزت خلال اليوم الأول من الحوار، على مسألة اللجنة المكلفة بتعيين الطاقم الحكومي "التكنوقراطي" الجديد، والتي استمرت إلى وقت متأخر من ليلة الجمعة إلى السبت بسبب التشنج الذي طبع مواقف الفرقاء.
وكانت جلسات الحوار الوطني التونسي انطلقت مساء الجمعة بعد أن تأجلت لمرتين متتاليتين أول أمس، بعدما أصرت أحزاب المعارضة على الحصول على ضمانات كافية من حركة النهضة الحاكمة بحل حكومة الوزير الأول علي العريض، وفقا لمضمون خارطة الطريق التي صاغها الاتحاد العام التونسي للشغل قصد تسوية الأزمة السياسية الخانقة.
ولم يُكتب للحوار التونسي التونسي انطلاقته إلا بعد أن التزم علي العريض كتابيا، بتقديم استقالته من منصبه في غضون ثلاثة أسابيع التي تلي عملية انطلاق الحوار، ولكنه اشترط، مقابل ذلك، التوصل إلى صياغة نص دستور جديد والاتفاق على قانون انتخابات وتحديد المواعيد الانتخابية القادمة، لإنهاء المرحلة الانتقالية الحساسة في البلاد.
ويدفع الإحساس بعدم ثقة كل فريق سياسي في تونس تجاه الآخر، إلى طرح التساؤل حول قدرتهم أو حتى إرادتهم في تجاوز خلافاتهم خلال مدة شهر من الآن، وبما يمكّن من وضع خطة إخراج تونس من أزمتها على سكتها الصحيحة هذه المرة.
وهو التساؤل الذي طرحته معظم الصحف التونسية الصادرة أمس، التي حتى وإن أعربت عن ارتياحها لانطلاق الحوار إلا أنها تساءلت ما إذا كان للطبقة السياسية التونسية بكل توجهاتها، نية صادقة للخروج من عنق زجاجة أزمة سياسية متجذّرة.
وهو سؤال يفرض نفسه، خاصة أن الخلافات القائمة بين حركة النهضة الحاكمة والمعارضة ليست بالهيّنة، وتتعلق بقضايا مصيرية وجوهرية، مثل الدستور وقانون الانتخابات وغيرهما، وهي القضايا التي شكّلت قبضة حديدية بين الجانبين لأكثر من ثلاثة أشهر، زادتها حدة عمليتي الاغتيال، اللتين استهدفتا النائبين المعارضين شكري بلعيد ومحمد براهمي والهجمات الإرهابية التي تستهدف القوات الأمنية تازما.
وأمام تصاعد الأعمال الإرهابية ضد العناصر الأمنية، هدّدت إحدى النقابات الأمنية التونسية الحكومة بتبنّي أشكال أخرى في الاحتجاج إذا لم تسارع الحكومة في حماية عناصرها من "خطر الإرهاب".
وضمنت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي في بيان نشرته ليلة الجمعة إلى السبت، سلسلة من المطالب، يأتي في مقدمتها مطالبتها بإقالة كل المدراء العامين في وزارة الداخلية المحسوبين على حركة النهضة في ظرف 48 ساعة.
كما طالبت بإعادة إدماج إطارات الأمن الداخلي، الذين تم طردهم بعد ثورة الياسمين، وإطلاق سراح كل عناصرها التي قالت إنه تم اعتقالهم بطريقة تعسفية بسبب قضايا على علاقة بالثورة.
كما أعلنت عزمها رفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة علي العريض بسبب مقتل عناصر من الدرك والشرطة في هجمات إرهابية في الأشهر الأخيرة.
وتضم هذه النقابة أكثر من 40 ألف رجل أمن من أصل حوالي 70 ألف شرطي ودركي ورجل إطفاء.
وأمام تصاعد أعمال العنف قررت السلطات التونسية إحداث عدة مناطق عمليات عسكرية في مختلف أنحاء البلاد لمكافحة ظاهرة إرهابية أصبحت تضرب بقوة في تونس.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/10/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : المساء
المصدر : www.el-massa.com