الجزائر

حكيم، غير محظوظ



كل المتتبعين للشأن السياسي الداخلي الجزائري يذكرون في تحاليلهم المظاهر الفريدة التي لازمت فترة حكم الراحل الشادلي بن جديد. وللتاريخ نقول أنه منذ البداية كان هناك طالع إذ كان المرحوم عقيدا قائدا للناحية العسكرية الثانية ولما توفي الرئيس بومدين استدعي على عجل هو وجميع إطارات الدولة وفي خضم الصراعات التي حدثت آنذاك وبعد أخذ ورد تم الإتفاق على تنصيب الشادلي رئيسا للجمهورية وهذا بناءا على الحكامة التي كان يتميز بها الفقيد.
وبطبيعة الحال فإن المهمة لم تكن سهلة بثالث رئيس للجزائر المستقلة مع توليه وزارة الدفاع الوطني والأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني إذن كانت الطريق آنذاك أمام الرئيس الجديد مملوءة بالأشواك لأنه فضل أن يتفتح أكثر على المجتمع الجزائري وعلى العالم في وقت كانت الإشتراكية قد إنغرست وفعلت ما فعلت في الفكر الجزائري ولتحقيق التحول وجب الدوران 180 درجة لتغيير كل شيء في عهد كانت الخزينة لا تحتوي سوى على مليار دولار والديون بلغت 26 مليار دولار فتراكمت الأمور حينما قرر المرحوم تطبيق شعار «من أجل حياة أفضل» الذي تطلب أموالا طائلة صرفت على إستيراد الكماليات لكن كل هذه المشاريع والنوايا الحسنة سقطت في الماء أو بالأحرى في برميل النفط الذي تهاوت أسعاره وقاربت في 1986 سقف العشرة دولارات وبما أنه لم تكن هناك حسابات لهذا الإنخفاض المفاجئ والطارئ لأسعار النفط والغاز أهم مصادر المداخيل الجزائرية بالعملة الصعبة وبذلك فشل المرحوم الشاذلي بن جديد في التخطيط لمستقبل الجزائر مما تسبب في دخولها في دوامة المديونية التي كادت تعصف بالبلاد خاصة بعدما ثار الشعب وبدأ في التخريب وإنزلقت الأمور في مثل هذا الشهر من سنة 1988 تبعتها إحتجاجات ومظاهرات عنيفة إحتجاجا على تردي الأوضاع الإقتصادية راح ضحيتها عشرات القتلى.
وقد حاول بعدها الرئيس المتوفي فتح المجال السياسي وبادر بإصدار قانون جديد للأحزاب السياسية كمبادرة جديرة للإنفتاح وقانون للأعلام وخلق جو آخر للنشاطات على خلفية رفع كل القيود أمام المبادرات خاصة السياسة منها. وفي 26 ديسمبر 1999 أجريت إنتخابات في البلاد حقق فيها الحزب المحضور حاليا «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» سابقا فوزا لكنه سرعان ما تم إلغاؤه في جانفي 1991
وقد فهم فقيد الجزائر أنذاك أن الأمور باتت معقدة إلى حدود ولا يمكن التنبؤ بأطوالها ففضل الإنسحاب وكانت إستقالته في 28 يناير 1992 لكنها عمليات عنف بالبلاد أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 100 ألف مواطن.
ولذا يمكن اليوم القول بأن فترة رئاسة الراحل الشادلي جديد بقدر ما تميزت من إنفتاح ونية صادقة في التقدم بقدر ما لازمتها أزمات كأداء لم تترك له الفرصة لتحقيق مشروعه الهادف بالأساس إلى رفع مستوى المعيشة وترقية المجتمع الجزائري وخلق هذه الأفكار كان الشادلي رجلا مسالما وحكيما يخضع لتقاليد أصيلة في المعاملات وفي التصرفات والآن يقول العديد من العارفين أنه لو لا إنخفاض أسعار النفط لكانت فترة حكم الشادلي أفضل مما عاشه الجزائريون.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)