لم يختلف الصحابة الكرام في حالِ النبي في شهر شعبان وكيف كان يُكثر الصيام فيه فما الحكمة من ذلك؟!ذكر الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: ولعل الحكمة في صوم شهر شعبان أنه يعقُبه رمضان وصومه مفروض وكان النبي يُكثر من الصوم في شعبان قدر ما يصوم في شهرين غيره لما يفوته من التطوع الذي يعتاده بسبب صوم رمضان .
وقد ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعالى- في بيان حكمة إكثار النبي من الصيام في شعبان: أن شهر شعبان يغفُل عنه الناس بين رجب ورمضان حيث يكتنفه شهران عظيمان الشهر الحرام رجب وشهر الصيام رمضان فقد اشتغل الناس بهما عنه فصار مغفولاً عنه وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيامه لأن رجب شهر حرام وليس الأمر كذلك فقد روت السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: ذُكر لرسول الله ناسٌ يصومون شهر رجب فقال: فأين هم من شعبان؟ .
وفي قوله: يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان .. دليل على استحباب عمارة الأوقات التي يغفل عنها الناس ولا يفطنون لها كما كان في بعض السلف يستحبون إحياء ما بين العشاءين (المغرب والعشاء) ويقولون: هي ساعة غفلة. وكذلك فضل القيام في وسط الليل حيث يغفل أكثر الناس عن الذكر لانشغالهم بالنوم في هذه الساعة وقد قال النبي : إن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن . وفي هذا إشارة إلى فضيلة التفرُّد بذكر الله تعالى في وقت من الأوقات قلَّ من يذكر الله فيه.
وقد صحَّ عن النبي الأكرم قولُه: العبادة في الهرج كالهجرة إليَّ وخرجه الإمام أحمد في مسنده ولفظه: العبادة في الفتنة كالهجرة إليَّ . وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتبعون أهواءهم ولا يرجعون إلى دين فيكون حالهم شبيهًا بحال الجاهلية فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه ويتبع ما يرضيه ويجتنب ما يغضبه.. كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله مؤمنًا به متبعًا لأوامره مجتنبًا لنواهيه.
والمعنى الآخر للحكمة ما عبَّر عنه النبي في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما: وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم . فأحبَّ النبي أن تُرفع أعماله وتُختَم أعمال السنة وهو على أفضل حال من العبادة والطاعة ولذلك قال: وأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم .
وذُكر في صوم شعبان معنى آخر وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلاّ يدخل في رمضان على مشقة وكلفة بل يكون قد تمرَّن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قَبْلَه حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرِع فيه ما يُشْرَع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهُّب لصيام رمضان وتروَّضَ النفوس على طاعة الرحمن.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/04/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com