الجزائر

حضارة عمرها 17 قرنا تجذب السياح



المتجول في قصر «الأسعد» بمدينة بوسمغون الواقع على بعد 140 ميل جنوب غرب ولاية البيض يحس أو يشعر بمتعة وراحة حينما تطأ أقدامه أول خطوة في أزقته وشوارعه الضيقة وأكيد ينبهر في أسس مبانيه العريقة الشامخة المرصوصة بالطين والخشب التي لا تزال صامدة بالرغم من مرور حوالي 17 قرنعلى تشيده وحين يفتح نوافذ إحدى الغرف التي تطل على البساتين تشد أنظاره أنواع الأشجار أكثرها أشجار النخيل المثمرة ومعظم أغصان الأشجار تنحني بشتى أنواع الفواكه كثمار التين والرمان وغيرها ..صانعة ديكور طبيعي من وحي الخالق علاوة عن أسراب أنواع الطيور التي تملأ المكان حيث تزيد هذه المناظر الطبيعية الخلابة من جمالية المنطقة مما تستقطب سنويا الزوار والسياح الذين يقصدون القصر .علما ان سياح ايطاليون زاروا خلال السنة الماضية منهم مختصون في الآثار والعمران انبهروا في تقنيات بناء مباني قصر «الأسعد» علاوة عن توافد الباحثين والمؤرخين المحليين مختصين في علم التراث والتاريخ من أرقى المعاهد والجامعات الجزائرية علما ان منطقة بوسمغون تتربع على محطات أثرية ومعالم تاريخية نادرة بالجهة او بالبلاد أبرزها محطات للنقوش والرسومات الحجرية التي تحمل انواع الحيوانات البرية التي كانت منتشرة في عصور غابرة وبغض النظر عن الرسومات الدامغة على سفوح الجبال تؤكد أن تاريخها عرف حركة سكانية أثناء الحقب القديمة تحتاج من الدارسين العناية لمعرفة المزيد عن تاريخ هذه المحطات..ومن روائع السياحة بمدينة بوسمغون التاريخية الثورية حسب إنطباعات المواطنين والعائلات هي حضارة مبنى قصر بوسمغون الذي يعد تحفة أثرية في قلب مناطق الجنوب الغربي حيث يتميز بتقنيات وهندسة معمارية نادرة في المغرب العربي حسب مختصين تقنيات بناء الأقواس والأبواب والنوافذ والغرف والباحات ..إذ ينبهر كل زائر لهذا القصر ويشده الفضول حين يتجول في أروقته المزينة والمزركشة بمواد بناء مستخلصة من الطبيعة كتسقيف بجذوع الأشجار والأتربة الطينية والطوب لها مميزات تاريخية وحضارية وثقافية لا تزال شامخة وصامدة بالرغم من المسافة الزمنية الفاصلة بين حقب تأسيسه ووقتنا الحاضر تستلهم السياح والزوار ..وتشجيعا للسياحة والترويج لها يقوم سكان منطقة بوسمغون بإنشاء جمعيات تعني بالسياحة ويتحول معظم الشباب الاكاديمين الى مرشدين سياحيين يستقبلون ضيوفهم ويقدمون لهم شروحات على معطيات وكنوز المناطق الاثرية بالمنطقة بكل اللغات العالمية خصوصا العربية والفرنسية والأنجليزية وغيرها.. وكذلك تقوم جمعيات محلية بتنظيم معارض للصناعات التقليدية لإبراز اطباق الطبخ وصناعة الألبسة والأغطية الصوفية والوبرية على ضرورة التعريف بعادات وتقاليد وتاريخ المنطقة ومن جهة اخرى تنظم وكذلك جمعيات رياضية لعبة «تاشورت» التي تعد من اقدم انواع الرياضة تنظم بباحة القصر الذي كان بمثابة ممر للقوافل التجارية والحجيج، ويطلق على هذا المعبر في الجغرافيا التاريخية حسب مصادر طريق القصور لذا فقد كانت بوسمغون معبرا للقوافل الوافدة من الشمال في اتجاه الجنوب نحو بلاد السودان والبقاع المقدسة هذا قصد جلب الذهب وبيعه سواء في تلمسان أو بلاد الأندلس. بهذا نجد أن مدينة بوسمغون (تسمية لمؤسسها) كتجمع سكاني عريق الحضارة ، ولاشك أن كرمهم وحسن ضيافتهم وشهامتهم وأسلوب تعاملهم مع كل الزوار هذه الميزة من الخصال المتينة الراسخة متواصلة إلى يومنا هذا كلها عوامل ساعدت على هذه الحركية التي عرفت بها بوسمغون و المجتمع بهذه البلدة كغيره من المجتمعات يتميز بنظام اجتماعي نتج عن تلك الروابط العائلية التي تفرض نفسها كبنيات أساسية تسمح للإنسان بتحديد انتمائه..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)