الشيخ الفقيه القاضي العالم العابد المتفنن المحصل على المجتهد الإمام أبو علي كان يسمى أبا حامد الصغير جمع بين العلم و العمل و الروع.
له المصنفات الحسنة و القصص العجيبة منها: "التذكرة في علم أصول الدين" كتاب حسن من أجل الموضوعات في فنه، و منها "النبراس في الرد على منكر القياس" كتاب حسن ما رئي في الكتب الموضوعة في هذا الشأن مثله و كتاب في علم التذكير سماه "التفكير في ما تشمل عليه السور و الآيات من المبادئ و الغايات" كتاب جليل سلك فيه مسلك إحياء الغزالي و كانت الجن تقرأ عليه.
و لي قضاء بجاية، و دخل عليه الموارقة، هو قاضيها فألجؤوه لبيعتهم و أكرهوه مع غيرها عليها و كانوا يتمثلون و لا يبدون وجوههم فامتنع من البيعة و قال: لا نبايع من لا تعرف هل هو الرجل أو امرأة فكشف له الميوروقي و هذا منتهى ما بلغ من توقفه و هو أمر كبير عند مطالبته بالبيعة لولا علو منصبه و تأخر عن القضاء و بقي على دراسة العلم و الإشتغال و احتاج إليه الناس في أمر دينهم فمالوا إليه و عولوا في أمرهم عليه و كان يقول إذا أشير إليه بالتفرد في العلم و التوحيد في الفهم: أدركت ببجاية سبعين مفتيا ما منهم من يعرف الحسن بن علي المسيلي، و مرض في زمن ولايته القضاء فاستناب حفيده على الأحكام و كان له نبل فتحاكمت عنده يوما امرأتان ادعت إحداهما على أخرى أنها أعارتها حليا، و أنها لم تعده إليها و أنكرت الأخرى فشدد على المنكرة و أوهمها حتى اعترفت و أعادت الحلي. و كان من سيرة هذا الحفيد أنه إذا انفصل عن مجلس الحكم لجده الفقيه أبي علي و يعرض عليه ما يلقى من المسائل فدخل عليه فرحا و عرض عليه هذه المسألة فاشتد نكير الفقيه رضي الله عنه و جعل يعيب على نفسه تقديمه و قال له إنما قال النبي صلى الله عليه و سلم: "البنية على المدعي و اليمين على من أنكر" و استدعى الشاهدين و أشهد بتأخيرة و هذا من ورعه و وقوفه مع ظاهر الشرع و على هذا يجب أن يكون العمل و هو المهذب مالك و ظاهر مهذب الشافعي تحويز الأمر فأي شيء وصل إليه حصل القصد و لأجل هذا يجيزون قضاء الحكم بعملهم و الحق خلافه لحديث "فإنما أقضي له على نحو بالإسكندرية يسمى فراجة و كان عالما رفيع القدر و الهيأة معرضا مع أبناءه الدنيا لا يخاف في الله لومة لائم فتفق أن عامل بها رجل بياعا و دفع له درهما فوضعه البياع في قبضه ثم لم تتم بينها المعاملة فقال الرجل للبياع: أصرف علي درهمي فقال له البياع: لا أعرف الدرهم و لكن ما هذا مكانه فحلف الرجل بطلاق زوجته لا يأخذ إلا درهمه بعينه و كثرت بينهما المراجعة إلى أن ترافعا إلى هذا الوالي فراجه فوصفا له قصتهما فأطرق الساعة ثم قال للبائع ادفع للرجل جميع ما في قبضك من الدراهم و يدفع لك مكانها دراهم من عنده ليتحلل بذلك من يمينه و كانت الفتوى مرضية صحبها ذكاء فنهي المجلس بحاله إلى الفقيه أبي القاسم ابن الجارة فاستحسن فتواه و صوابها ثم خاف أن يحمله العجب على أن يفتي في غيرهما من المسائل بغير علم و لا موافقة شرعية فتوجه إلى الوالي حتى وصل إلى باب داره فقال له: أنت المفتي بين الرجلين في كذا؟ فقال: نعم، فقال له: من أباح لك التسور على فتاوى العلماء و الدخول في أحكام الشرع؟ إياك أن تتعرض لما لست له أهلا فقال له: يا فقيه أنا تائب، فقال: أما إذا تبت فانصرف و احتفل بالجد في ما كلفت به و لا تتعرض لما ليس من شأنك توفي ببجاية ودفن بباب انسيون اهـ.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/10/2010
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : تعريف الخلف برجال السلف