إذا كان الإنسان يعبّر عن مقاصده بواسطة اللغة، فإنه يمارس ذلك عبر طريقتين تتبدّى الأولى منهما بصورة مباشرة، بأن يعبر عمّا يريد بصيغة حرفية، في حين تتكشف الثانية من خلال الإستلزامات التي يستنتجها المتلقي بناء على ما تلفظ به المتكلم. ومن ثم، فإن التواصل مع المتلقي يتجاوز حدود المقام التلفظي، ويخترق الفضاء الإدراكي لبلاغة الصمت، ولعل « قول الصمت أشد مضاعفة وكثافة، لأنه في تحليقه فيما وراء اللغة يطمح إلى أن يلتقط حركة الروح»"1".
وقد انبثقت التداولية لتحيط بمختلف التمظهرات الدلالية التي تفضي إليها السيرورات التواصلية بتجلياتها التلفظية والبصرية على حد سواء، ولعل من أهم النظريات التداولية التي عكفت على احتواء هذا الطرح " نظرية الاستلزام " (théorie de l’implicature ) للفيلسوف "قــرايس"، فقد لاحظ أن المعنى يمكن أن يكون طبيعيا، كأن يشير الدخان المتصاعد إلى وجود حريق، أو أن يوحي ارتفاع درجة حرارة الطفل إلى إصابته بالحمى، وبذلك، فإن التمثل الدلالي للحريق ولإصابة الطفل بالحمى، تمثل استلزامي قائم على وجود قرينة منطقية، تمتثل لقانون عام مفاده أن " لكل معلول علة".
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/02/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - الهواري قندوز
المصدر : أبحاث Volume 2, Numéro 2, Pages 154-168 2014-12-01