ارتبط الوضع الاجتماعي في الجزائر في أواخر القرن الثامن عشر وطيلة القرن التاسع عشر بنشاط الطرق الدينية التي كان لها تأثير مباشر في الحياة الثقافية وتحكم في توجهات السكان الروحية ومواقفهم السياسية. فقد عملت على تعميق روح الانتماء والأخوة الإسلامية بين قبائل الريف الجزائري بواسطة إرشاد أخلاقي وتوجيه روحي، وذلك عن طريق المواظبة على العبادة وتلاوة الأذكار وحضور حلقات الذكر؛ التي غالبا ما يرافقها عند بعض الطرق الدينية الرقص والإنشاد الجماعي والاستغراق في حالات من الوجد والانجذاب الصوفي. لقد استطاعت هذه الطرق الصوفية أن تملأ الفراغ الثقافي والروحي وحتى السياسي الذي كان يعيشه الفرد في الريف الجزائري نتيجة انعزال الحكام وارتباط الفقهاء بالمدن، فكانت وسيلة تأطير قادرة على جمع السكان وحفظ مصالحهم وتوجيههم لمقاومة الغزو الأجنبي؛ باعتبار ذلك جهادا مقدسا وواجبا دينيا. وقد كثرت الزوايا، وانتشرت الطرق الصوفية بالجزائر في العصر الحديث بصورة خاصة، وقوي نفوذها الديني، وتأثيرها الثقافي والاجتماعي والسياسي.
وتميّزت هذه الطرق بتعددها، وكثرة شيوخها، واختلاف ميولها، وتباين أسبابها وأسست كثير من الطرق فروعا لها، أو بنت زوايا مستقلة في الصحراء، أوفي أطرافها. ومن أهم الطرق الصوفية التي ثبّتت نفسها في الصحراء الجزائرية وما وراءها، وكان لها في الوقت ذاته امتداد بارز في إقليم توات (أقصى جنوب غرب الجزائر)، نذكر من أبرزها: الطريقة القادرية، والتيجانية، والشيخية، والكرزازية، والسنوسية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/06/2022
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - بوسليم صالح - الزين محمد
المصدر : الحوار المتوسطي Volume 4, Numéro 1, Pages 36-54 2013-03-15