أكد عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة ''فتح''، أن الفلسطينيين يرون في الجزائر السند الذي يمكنهم الاعتماد عليه في مواصلة كفاحهم من أجل نصرة قضيتهم، مما يجعلها مطالبة بتقديم الدعم السياسي الدولي للقضية الفلسطينية.
وقال في ندوة صحفية عقدها أمس بمقر جبهة التحرير الوطني على هامش توقيع هذا الأخير بروتوكول تعاون مع حركة التحرير الفلسطيني ''فتح'' أن الجزائر وخلافا لكل الدول العربية الأخرى حافظت على موقفها المعتدل إزاء الانقسام الفلسطيني ولم تنحز إلى أي طرف على حساب طرف آخر وعملت بإتجاه تقريب الرؤى ووجهات النظر بين الفرقاء الفلسطينيين في أوج الأزمة التي كانت تعصف بالبيت الفلسطيني.
وهو ما جعله يعبر عن قناعته بأنه يمكن للجزائر أن تتحرك بإتجاه وضع النموذج الذي يجب على العرب أن يسلكوه سواء من خلال دعم المقاومة الشعبية والدبلوماسية الفلسطينية التي قال إنها نالت احترام العالم بعد أن تمكنت من فرض عزلة على إسرائيل.
وفي هذا السياق؛ ذكر مسؤول حركة ''فتح'' بالانتصارات الدبلوماسية التي حققها الطرف الفلسطيني وفي مقدمتها قبول فلسطين دولة كاملة العضوية على مستوى منظمة التربية والعلوم والثقافة ''اليونيسكو'' التابعة للأمم المتحدة، مؤكدا عزم الفلسطينيين على مواصلة مسيرتهم والتوجه إلى الجمعية العامة للحصول على صفة الدولة المراقبة دون فقدان الأمل في إمكانية افتكاك اعتراف دولي بدولة فلسطين المستقلة عبر مجلس الأمن الدولي.
وقاده ذلك إلى تجديد موقف السلطة الفلسطينية من مفاوضات السلام التي قال بشأنها إن الجانب الفلسطيني قطع عهدا على نفسه بعدم العودة إلى طاولة المفاوضات تحت أي مصطلح مباشرة أو استكشافية ما لم توقف إسرائيل آلتها الاستيطانية وتعترف بمرجعية حدود جوان 1967 وبكل الحقوق الفلسطينية وتسوية المسائل الجوهرية من حدود ولاجئين والقدس... وغيرها.
وبعد تأكيده على عدم جدوى العملية السلمية بسبب المواقف الإسرائيلية المتعنتة والتي تحظى بالتأييد التام من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة؛ أكد على أهمية تحقيق المصالحة الفلسطينية التي تبقى أولوية من أجل توحيد الصف الفلسطيني في وجه المحتل الصهيوني.
كما تطرق عباس إلى المبادرة العربية التي طرحتها قمة بيروت عام ,2002 حيث لمح بطريقة ضمنية إلى فشلها بعدما بقيت مجرد حبر على ورق وطالب العرب بأن ''يصحوا ليفكروا فيما بعد فشل مبادرتهم السياسية''.
من جانبه؛ قال عبد الحميد سي عفيف عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني المكلف بأمانة العلاقات الخارجية والجالية الجزائرية بالمهجر إن لقاء أمس جاء من أجل ''التأكيد على إرادة الجانبين لتحيين وإثراء بروتوكول التعاون الذي يشرف على نهايته كي نترجم مدى اهتمام قيادات الطرفين في دعم وتعزيز جسور التعاون والتنسيق من أجل جعل القضية الفلسطينية وعلى الدوام في صدارة اهتمامنا''.
ومن بين البنود التي تضمنها الاتفاق؛ الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية بين البلدين وإنشاء خلية مشتركة للتواصل بين الطرفين لمتابعة التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية ودعم الطرفين وبكل الوسائل المتاحة من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية والعمل الدؤوب على كافة الأصعدة من أجل الاعتراف بدولة فلسطين وتحقيق عضويتها الكاملة في منظمة الأمم المتحدة. وختم سي عفيف بالقول إن مناضلي الطرفين مطالبون الآن بالعمل من أجل تفعيل هذه الآليات وتجسيد بنود البروتوكول على أرض الواقع بما يضمن بلوغ الأهداف المرجوة.
يعكس العرض المسرحي المونودرامي ''السواد في الأمل'' فسيفساء من المشاكل والعوائق والمواقف والسلوك الموجود في المجتمع الجزائري، وتمكنت الممثلة ريم تاكوشت في تجسيد دور الغالية من تمرير رسائل واضحة عرت بذلك أكثر من جانب يعكر صفو الناس في حياتهم واختزلت في دورها مكانة المرأة وقوة النفوذ التي شكلت خللا في موازنات الحياة والقيم والمبادئ التي تنادي بها أطراف غير معنية بذلك البتة، إضافة إلى جوانب أخرى سياسية واجتماعية وفكرية، لاقت إعجاب الجمهور سهرة أول أمس بالمركز الثقافي بمغنية بتلمسان.
يشارك العرض المونودرامي ''السواد في الأمل'' عن تعاونية ''الرماح'' للجزائر العاصمة، في إطار الأيام الوطنية للمونولوج الذي تنظمه دائرة المسرح في إطار تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، وأمام جمهور متواضع قدمت الممثلة ريم تاكوشت عرضها الذي تناولت من خلاله جملة من التقاطعات التي يعيشها الناس وبسببها وقعوا ضحايا للغبن والقهر، فتناول النص تحولات غير مبررة في الجانب السياسي والاجتماعي، وطرحت بذلك العديد من الأسئلة التي تضع اليد على الجرح، فانتقدت مثلا المسؤولين في البلاد ووصفتهم بأن ''ذئاب الغابة أرحم منهم''.
وفي أسلوب درامي ساخر؛ تقمصت ريم تاكوشت دور امرأة اسمها ''الغالية'' تعيش في غابة على ذكريات الماضي مع أمها وأبيها المتوفيين، إذ استشهد الأب في سبيل تحرير البلاد، ليتقلد أناس آخرون مناصب عليا رغم أنهم لم يقدموا شيئا للوطن، بل العكس كانوا عملاء للاستعمار، والأسوأ من ذلك يقومون باستغلال نفوذهم في تعدد الزوجات، وإرضاء مصالحهم الشخصية، وذلك في خطاب تصاعدي اشتدت فيه نبرة الانتقاد ليعرج إلى ظاهرة ''الحرقة'' التي يحمل المسؤولون نتيجتها للأشخاص المعنيين وأولياء أمورهم ومخاطبتهم في جحورهم، وتجرأت أن توجه أصبع الاتهام للمسؤولين في ضعف الحالة الاجتماعية التي تعد السبب الرئيسي في تزايد ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وبعدما شرحت أكثر من موضوع، اختار النص أن ينتهي بإشعال شمعة أمل رغم كل السواد الذي تكلمت عنه الغالية، وشكل إطلاق صوت الأذان رمزية عميقة مفادها أن الأمل وارد والإيمان بقضاء الله وقدره أيضا واجب، وأن الله فوق الجميع مهما بلغت شدة وقوة ونفوذ المسؤولين.
في جانب متصل؛ استطاعت الأيام الوطنية للمونولوج المتواصلة حتى 16 فيفري الجاري بشتى بلديات تلمسان، أن تكشف عن إحدى المواهب الواعدة في مجال المونولوج، وقد تعرف الجمهور على الممثل مراد صاولي بقاعة بن سكران الواقعة شرق الولاية، إذ تمكن بفضل أدائه المتميز من إعادة الروح للقاعة ورسم تعابير جميلة على وجوه الحاضرين، خاصة وأن البلدية لم تشهد عروضا مسرحية مماثلة منذ سنوات السبعينات مع الممثل الراحل حسن الحسني.
أعاد الممثل مراد صاولي من تعاونية ''زوايا الفن'' لمدينة سطيف الزمن الجميل لبلدية بن سكران، حيث مر من قاعة السينما القديمة الممثل الراحل حسن الحسني وأحيا بها سنوات السبعينات أجمل العروض المسرحية، ولم تشهد المنطقة منذ ذلك الوقت عروضا مماثلة باستثناء تقديم ''ستاند أب'' لعبد القادر السيكتور قبل أربع أو خمس سنوات.
ووفق الممثل القادم من العلمة في خلق أجواء من الفرحة والفرجة والضحك، إذ استلطفه الجمهور المتكون من الشباب والأطفال وتفاعل معه مدة ساعة من زمن العرض، رغم أن النص لصاحبه مراد بن شيخ لم يرق لمستوى قدرات الممثل التي أبانت عن مشروع كوميدي واعد، حيث أعاد الكثير من الأفكار المتداولة في المجتمع الجزائري على غرار المحسوبية لكنه لم يمحصها بالشكل العميق واكتفى بالسطحية في تناول مشكلة شاب يريد أن ينِشئ أسرة مع حبيبته لبنى، وبين الحظ العاثر الذي كان يصاحبه والبيروقراطية التي اصطدم بها في كل مرة يودع ملفا للعمل، لم يستطع النص الوصول إلى أسباب المعضلة التي يتخبط فيها الشاب، وفي مسار خطابي مع الجمهور، تم لمس نقص في التشويق وغياب عنصر المفاجأة وعمق الصراع الذي يعيشه الممثل.
وعقب نهاية العرض؛ قال مراد صاولي إن القاعة لم تسعفه في تقديم أداء أحسن ولكنه أعجب بالجمهور الذي توافد بغزارة، وأعرب عن سعادته في إدخال الفرحة في قلوبهم.
يذكر أن الأيام الوطنية للمونولوج نظمتها دائرة المسرح في إطار تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، ويرتقب أن تجوب بلديات مغنية، سبدو، بن سكران والغزوات، ويشارك فيها ثلة من العروض المسرحية التي تصب في نوع المونولوج والـ ''وان مان شو''.
يعتبر الشاب محمدي جعفر البالغ من العمر 19 سنة، واحدا من النماذج الناجحة، والذي يستحق أن يكون قدوة لغيره من الشباب، كونه استطاع أن يقبل على تعلم العديد من الحرف حتى لا يظل مكتوف اليدين يفترسه الفراغ، لاسيما وأنه ترك مقاعد الدراسة مبكرا.
ِلتقت''المساء'' بالشاب محمدي في معرض للصناعات التقليدية أقيم مؤخرا بمركز التسلية التابع لمؤسسة فنون وثقافة بأودان، حيث تفنن في عرض مجموعة متميزة من نعال ''البابوش'' النسائية والرجالية. وبمجرد أن طرحنا السؤال على الشاب محمدي حول حرفة صناعة الجلود وتحديدا ''البابوش''، استرسل في شرح مختلف الأنواع التي يتفنن بصناعتها، حيث قال: ''لدينا البابوش المعنقر، البابوش البسيط والبابوش الموزاييك،... ولكل نوع من هذه الأنواع طريقة خاصة في صناعته، ولديه أيضا رسوماته وألوانه التي تتماشى وشكله. ثم استطرد في الحديث قائلا: ''بعدما كان البابوش إلى وقت قريب من الأحذية التي يكثر الإقبال عليها من طرف النساء، بات الرجال مؤخرا أيضا يحبون هذا النوع من الأحذية، لاسيما مع حلول موسم الصيف''.
وحول صناعة ''البابوش''، جاء على لسان محدثنا: ''يعد البابوش قطعة تقليدية كانت موجودة منذ القدم، وبحكم أنه ينتمي لعائلة حرفية، إذ يمتهن خاله صناعة الجلود، فوجد نفسه شغوفا لتعلم هذه الأخيرة، حيث قال: ''كثيرا ما كنت أقصد المكان الذي يعمل به خالي بعد الخروج من المدرسة، حيث أجلس إلى جانبه وأطلب منه تعليمي بعض الأمور، وكان عمري وقتها 12 سنة، غير أنني ملت كثيرا إلى إتقان عملية التقطيع والتفصيل على الرغم من خطورتها، بحكم أن من يتعامل مع آلة التفصيل ينبغي أن يتمتع ببعض المواصفات كالسرعة، الخفة، النباهة، لئلا تؤذيه الآلة.
تمر عميلة صناعة ''البابوش'' بعدة مراحل، وفي كل مرحلة يشرف عليها شخص معين، وهذا يعني أن عملية صناعة ''البابوش'' لا تتطلب وجود حرفي واحد، ويعني أيضا أن هذه الحرفة، في حد ذاتها، تحمل في طياتها العديد من التخصصات التي يشرحها لنا محمدي قائلا: ''قد يخطئ البعض إن ضنوا أن حرفة صناعة ''البابوش'' تتم من طرف شخص واحد فقط، فبحكم تجربتي البسيطة في هذه الحرفة، تبين لي أن من يتعلمها لا ينبغي له أن يحترف جانبا منها، إن أراد أن يقدم عملا متقنا، فأنا مثلا أتمتع بالمواصفات التي تؤهلني لأتخصص في مرحلة التقطيع، بحكم أنني أتمتع بالخفة والسرعة وأجيد التعامل مع الجلد من حيث اختيار النوعية، ناهيك عن كوني أتحكم جيدا بآلة التقطيع. ويضيف قائلا: بعد هذه المرحلة يأتي التخصص الثاني المتمثل في جمع الأجزاء المفصلة وخياطتها، والتي ينبغي أن يبرع صاحبها فيها ليتحصل على ''بابوش'' خال من العيوب، ومن ثم تأتي مرحلة قولبة ''البابوش'' ودبغه ، وطبعه بمختلف الأشكال، بالنظر إلى طبيعة الشخص الذي ينتعله، سواء أكان رجلا أو امرأة، في هذه المرحلة تحديدا لابد على من يتولى عملية التزيين والتلوين أن يتمتع بنوع من الحس الفني، ليزيد في جمالية ''البابوش'' ويجلب الانتباه إليه أكثر، وهذا يعني أن حرفة صناعة ''البابوش'' حرفة جماعية.
ولكن للتوضيح فقط، يستطرد محدثنا قائلا: ''هذا لا يعني أنني لا أستطيع أن أعد ''بابوشا'' بمختلف مراحله، ولكن مؤكد أن العمل لن يكون متقنا كما يجب، لأنني أعتقد أن لكل مرحلة خصوصياتها التي لن يبرع فيها إلا محترفها.
من خلال اطلاعنا على أنواع ''البابوش'' التي تفنن الشاب محمدي في عرضها بجناحه، لاحظنا أنها غيبت إلى حد ما أصالتها، بحكم ما أدخل عليها من تعديلات؛ كإضافة الكعب العالي مثلا، وحول هذا قال الحرفي محمدي: إن ضرورة السوق وتلبية رغبات الزبائن كانت وراء جعلنا كحرفيين نبعد ''البابوش'' عن أصالته، ومع هذا، علق محدثنا بالقول: إننا نحرص على تلبية كافة الأذواق، فبالنسبة للفئة التي تميل إلى ما هو تقليدي، فنبرع في صناعة ''البابوش'' الأصلي البسيط الخالي من أي إضافات، سواء أكان موجها للنساء أو الرجال. أما بالنسبة للفئة التي تميل إلى العصرنة وتحب مواكبة الموضة، فنعدّ لها تشكيلة متميزة تجمع بين الأصالة والعصرنة من حيث الألوان والأشكال، خاصة أن بعض النسوة -تحديدا- يرغبن في أن يكون ''البابوش'' بكعب عال، وهي عموما آخر صيحات ''البابوش'' المقدمة في مجموعتنا.
في الأخير، قال الحرفي محمدي جعفر: سيطرت على الفراغ الذي عشته بعد ترك مقاعد الدراسة بتعلم بعض الحرف منها الرصاصة، وحصلت على شهادة في صناعة الحلويات، غير أنني وجدت نفسي في صناعة الجلود وتحديدا ''البابوش''، وأعتبر كل هذه الحرف مكسبا لي، وأنصح كل الشباب بالإقبال على تعلم مختلف الحرف، لأنها كنز ثمين.
ومن الأصداف أصنع ما لا يمكن لأيّ كان تخيله... هي حرفة جميلة ليست بالجديدة، ولكن قلة قليلة أدركت قيمة الأصداف فاحترفتها ... هي عبارات رددها الحرفي بوعلام بودواني لدى حديثه لـ''المساء''، عن حرفة التّزيين بالأصداف التي مارسها لمدة تزيد عن 35 سنة.
قال الحرفي بوعلام عضو بجمعية رعاية الشباب لولاية بومرداس، أن هناك حرف وليدة النظرة الإبداعية للفرد، فهي التي تجعله يبتكر بعض الحرف ويعتمدها فيما بعد موردا للرزق، فمن منا لم يزر يوما شاطئ البحر، ومن منا لم تثر إعجابه الأصداف؟ إلا أن القليل فقط من الناس فكروا في كيفية استغلال هذه المخلوقات البحرية، وتحويلها إلى نماذج تزين بها البيوت، أو تقدم كهدايا للأحباب والأقارب في بعض المناسبات السعيدة.
يتحدث الحرفي بوعلام عن بدايته مع هذه الحرفة التي أسماه بالحرفة الجميلة، قائلا: ''بحكم أنني أنتمي إلى ولاية ساحلية، وهي ولاية تيبازة، فقد كبرت وترعرعت على شاطئ البحر، وفي كل مرة كنت أزور فيها البحر، أجلس فيها على الشاطئ لأتأمل مطولا الأصداف، ولشدة إعجابي وعشقي الكبير لها، كنت أجمعها وأحتفظ بها. وقررت يوما استغلال هذه الأصداف في شيء ما، وقلت في نفسي... لم لا أجرب إلصاق هذه الأصداف على صندوق كان عندي بالمنزل، ليصبح أكثر جمالا؟ وبالفعل، بعد أن فرغت من إلصاقها، بدأت الأفكار تنهال علي، وبدأت أبدع بإلصاق الأصداف ببغضها البعض وتحويلها إلى ديكورات تصلح لتزيين المنازل، ومنذ هذه اللحظة، قررت أن أتحول إلى حرفي يجمع الأصداف ليحولها إلى تحف تزيينية جميلة.
عشق الحرفي بوعلام الكبير للأصداف حال دون تغير لونها، يقول: ''أعتقد أنني مهما حاولت، لن أتمكن من إعطاء لون للصدفة، أوشكل أحسن من ذلك الذي أبدعه الخالق فيها، لذا أحرص عند جمعها وتحويلها إلى تحف على أن أحافظ على شكلها كما هو، بل وأحاول في كثير من الأحيان أن أختار لها نموذجا يساهم في إبراز قدرة وإبداع الخالق من خلال ما أعده من عمل، لذا أتجنب الإضافات، إلا أنني أميل في بعض الأحيان إلى نثر بعض اللمعان عليها لأجعلها تستقطب الزبائن.
وعن كيفية استلهام الأفكار، جاء على لسان الحرفي بوعلام بأن الطبيعة هي ملهمته، يكفي فقط أن تكون روحه مبدعة، ليتمكن من تحويل أي شيء يقع عليه نظره إلى تحفة صدفية على غرار الطيور والأزهار.
لا يستغرق صنع تحفة تزيينية من الأصداف البحرية وقتا طويلا، خاصة إذا كانت المادة الأولية المتمثلة في الأصداف بالدرجة الأولى والغراء متوفرة، حيث قال محدثنا إنه ''فيما مضى كان يقوم بجمع الأصداف من الشاطئ بنفسه، ثم يعمل على تحويلها إلى نماذج تزينية، غير أن كثرة الطلب عليه لا سيما مع حلول موسم الإصطياف، جعله يشغل بعض الشباب في جمعها ليتفرغ للإبداع.
الإنتشار الواسع لحرفة التزيين بالأصداف بالولايات الساحلية، على غرار بومرداس وتيبازة، دفع ببعض الحرفيين للتفكير في إقامة صالون خاص بها، حيث قال بوعلام: ''نجري هذه الأيام الكثير من الإتصالات مع غرفة الصناعات التقليدية ليتم دعمنا، من أجل القيام بأول صالون وطني للإبداعات الصدفية، وهي فرصة حتى نعرّف من خلالها الجمهور بقيمة الصدفة وما يمكن أن يصنعه منها.
الحرفي بوعلام كغيره من الحرفين، يعاني من بعض المشاكل التي يتمنى أن تتكفل الجهة الوصية بحلها، حيث قال: ''تلقى هذه الحرفة إعجاب كل من يطلع عليها من خلال المعارض الكثيرة التي قمت بها، وألمس رغبة كبيرة من الشباب لتعلمها، ولأن هذه الحرفة لا تتطلب مواد كثيرة لاسيما وأن الجزائر تحوي على شريط ساحلي يقدر بـ1200كلم، ولكم أن تتصورا حجم ما يزخر به من أصداف، لذا نتمنى أن يتم دعمنا بغية تعليم هذه الحرفة التي تساهم في امتصاص البطالة، وانتعاش السياحة. فلا يخفى عليكم أنه مع حلول موسم الاصطياف نتلقى طلبات كبيرة على هذه التحف التي تستهوي الأجانب.
يختم محدثنا كلامه بالقول: ''ينفطر قلبي إذا رأيت شخصا يحطم صدفة، وأحدّث نفسي فأقول؛ لو أنه يقصدني، لعلمته كيف يستغل هذه القطعة البحرية، لذا أتمنى أن تكون لدي، مستقبلا، ورشة لأعلم بها هذه الحرفة الراقية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 14/02/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : رشيدة بلال
المصدر : www.el-massa.com