حرب التسريبات

في يوم واحد وهو يوم جمعة، طلعت علينا صفحة فيسبوكية تحت عنوان رئاسة الجمهورية، تنشر مسودة الدستور التي ظلت محتجزة منذ سنوات….الصفحة أفردت المواد المعدلة والملغاة والمستحدثة، لكن مصادر من الرئاسة سرعان ما تبرأت منها واعتبرتها تسريب مجهول بل أن الصفحة أيضا ليست هي الصفحة الرسمية لرياسة الجمهورية.في الواقع أنا اطلعت على النسخة المنشورة وهي في الحقيبة لا تخرج عن التسريبات السابقة التي تحدثت عنها مختلف الأطراف موالاة ومعارضة، والسؤال الذي يطرح هنا:من سرب هذه المسودة في صفحة يقال أنها لا تمثل الرياسة وان كانت تحمل اسمها؟ ثم لماذا تم اختيار ليلة الخميس والجمعة لنشر هذا التسريب؟ ثم لماذا تم التدخل غير المباشر من قبل الرئاسة لمنع تداول المعلومة من قبل وسائل الإعلام ؟شخصيا اعتقد أن التسريب الدستوري الذي تم الكشف عنه، يعكس استمرار الصراع حول الدستور بين مختلف الأطراف المشكلة لنظام الحكم، فالدستور المرتقب له علاقة بالرئاسيات المقبلة، لأن كل طرف يحاول أن يضمن لنفسه حق المشاركة في المنافسة وضمان الشروط القانونية والدستورية..هذا من جهة ومن جهة أخرى فالدستور القادم أيضا مطالب بتنظيم مسألة الحكم، صلاحيات الرئيس، الحكومة، البرلمان دوره وفعاليته، أجهزة الأمن ومجال تدخلها، المعارضة وحقوقها….ومن هنا اعتقد أن تسريب التعديلات التي تخفيها السلطة هدفها فتح النقاش حول مسالة الحكم، في ظل الحديث عن صراع بين جماعة الرئيس وجماعة المخابرات …صراع زادت من حدته تداعيات انهيار أسعار النفط وسقوط قيمة الدينار وتدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل غير متوقع.ومن هنا فالتسريبات حول الدستور والجدل حول العامية ما هي الا مواضيع تشكل مخاض المرحلة المقبلة…مرحلة ترتسم معالمها مع الدخول الاجتماعي .