“فقدان الأمل” هو المرادف الملازم للمرضى في رحلة العلاج الطويلة التي يخوضونها في المستشفيات والعيادات المحلية، فلا بارقة شفاء ولا تخفيف لوجعهم، مما يضطرهم في الكثير من الأحيان إلى اتباع سبل أخرى، باللجوء إلى الحجامين والمعالجين بالأعشاب، وفي غياب الرقابة وأمام صمت الوزارة المسؤولة أصبح ممارسوها يصفون أنفسهم بالأطباء والمختصين.يجبر الألم المتزايد المريض وذويه على العثور على علاجات تخفف منه ولأن واقع الصحة لا يخفى على أحد، فمواعيد العلاج متباعدة والأجهزة المعطلة وغياب الأسرة والتكفل، كلها عوامل تنفرهم من المستشفيات ليكونوا فريسة سهلة لرقاة وحجامين ومعالجين بالأعشاب، يرون أنفسهم في مرتبة الأطباء ويطالبون المرضى بجلب تحاليلهم الطبية، التصوير بالأشعة “السكانير”، صورة الرنين المغناطيسي “الإيارام”، وحتى وصفات الطبية حتى يعيدوا تشخيص الحالة ووصف العلاج المناسب لها.
قد لا يصدق أحد ما نحن بصدد سرده فقد كانت صدمتنا كبيرة جدا، لدى توجهنا إلى أحد محلات الحجامة غرب العاصمة، وعند دخولنا وجلوسنا على الكراسي البلاستيكية المخصصة للانتظار برفقة السيدات، رحنا نتجاذب أطراف الحديث معهن حول الأمراض المختلفة التي يعانين منها، فأخبرتنا إحداهن بمعاناتها مع صداع مستمر وقد قصدت الأطباء وقامت بالتحاليل والصور لكن دون جدوى، حتى أرشدتها إحدى قريباتها إلى هذا المحل، وفي الجلسة الأولى خضعت لحجامة عامة عادية، ثم طلبت منها السيدة أن تجلب لها في المرة القادمة ملفها الطبي ليطلع عليه الطبيب مثلما وصفته هي، ثم يرشد المرأة التي تقوم بعملية الحجامة إلى المواضع التي ينبغي لها العلاج بها.
وليست محدثتنا السابقة هي الوحيدة، فسيدة أخرى كانت تعاني من آلام مستمرة في الظهر، جاءت للخضوع لجلسة حجامة غير أن السيدة أكدت لها أن صاحب المحل أو كما يصفونه بالطبيب يشترط الخضوع لتصوير بالأشعة “السكانير”، وجلبه معها في الجلسة القادمة حتى يتحقق من سلامتها من المرض، وبعدها يتم تحديد طريقة علاجها بالأشعة والمواضع التي يتوجب الخضوع للحجامة فيها حتى يخف الألم.
ويعتمد الحجامون في جلساتهم الجديدة على طريقتين للعلاج، فهناك من يجرون الحجامة المعالجة للسحر وهناك الحجامة الطبية، وهي التي تستدعي ملفا طبيا كاملا يطلع عليه الحجام ويدرسه حتى يتمكن من إعادة تشخيص مواطن الداء ثم سبل علاجها المثلى. حتى إن أحد الحجامين طلب من أحد المصابين بداء السكري، الذي يتردد عليه في كل مرة للخضوع لجلسات علاجية بجلب تحليل لنسبة السكري في الدم حتى يرى نتائج تقدم جلسات الحجامة.
ولا يقتصر الأمر على الحجامة فقط فقد استشفينا من حديثنا مع السيدات، أن بعض المعالجين بالأعشاب أصبحوا يفرضون أيضا على قاصدي محلاتهم بغرض العلاج جلب تحاليل شاملة ومفصلة حتى يسهل عليه وصف الأعشاب المناسبة لكل حالة، ومع أن خط الأطباء يعجز عن فهمه في بعض الأحيان الصيادلة غير أن هؤلاء المعالجين يتظاهرون بقراءته، ويستجوبون المريض حول الأعراض التي يشتكي منها والأدوية التي يشربها كي يسهل عليه وصف العشبة المناسبة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/09/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : زهيرة مجراب
المصدر : www.horizons-dz.com