الجزائر

حافلات "خردة" مستوردة تهدد حياة الجزائريين!



مطالب بتحرير محطات النقل من قبضة "البلطجية"

البلاد - آمال ياحي - دعا الناقلون الخواص الوزارة الوصية إلى الإفراج عن المخطط الوطني للنقل والسير، وإعادة النظر في حظيرة الحافلات التي تضم 80 ألف حافلة، ربع هذا العدد غير صالح للاستخدام، فيما لا تزال الشكاوى تتهاطل على الوزارة للمطالبة بتحرير محطات نقل المسافرين الحضرية من قبضة "البلطجية". ويعاني الملايين من الجزائريين ظروفا غير لائقة وخدمات غير مستوفية للشروط التقنية والقانونية المنظمة لمحطات نقل المسافرين، وإن كانت المحطات الكبرى ما بين الولايات، قد خضعت خلال السنوات الفارطة، لعملية " تأهيل" على نحو يرضي المسافرين والناقلين، غير أن تسيير محطات النقل الحضري على المستوى الولائي والبلدي تشهد فوضى وتسيبا، حيث لا تزال طريقة تسيير هذه الهياكل خاضعة لمنطق تجاري محض غير مستوف لشروط الخدمة العمومية.
وتضمنت تقارير مختلف الإدارت ومراسلات التنظيمات الناشطة في قطاع النقل مؤخرا، دعوة للجهات الوصية لإعادة النظر في النصوص القانونية بخصوص صلاحيات تدخل إدارات القطاع في ضبط هذه الممارسات، علما أن 90 بالمائة منها مملوكة للجماعات المحلية.

محطة نقل مسافرين برتبة "باركينيغ"
تشير التقارير المرفوعة مؤخرا، للسلطات الوصية، إلى وجود خروقات عديدة تتعلق بمحطات النقل البري، خصوصا في شقها المادي، إذ أن محطات النقل لم تعد قادرة على تأدية الخدمات المطلوبة منها، خصوصا ما تعلق بحركة الحافلات والأشخاص والخدمات الملحقة بها، وذلك راجع إلى أصل ملكيتها للجماعات المحلية، وهي صاحبة الحق في تسييرها، أو منحها لمستثمرين خواص لا يحترمون دفاتر الشروط.
وحسب مصادر مطلعة، فقد بادرت وزارة النقل، مطلع سنة 2017، إلى توجيه المديريات الولائية لتصنيف المحطات البرية، وهو إجراء جاء بعد 27 سنة من فتح القطاع للخواص، حيث سعت الوزارة مؤخرا، إلى تدارك قضية تصنيف المحطات البرية بأصنافها الثلاث "أ"، "ب" و«ج"، وهي عملية تهدف إلى تصنيف تقني دقيق للهياكل، من حيث مساحات التوقف وحسب تدفق المركبات والمرافق المتوفرة، غير أن هذه الشروط الثلاثة، كما قال مصدرنا، غير معتمدة إلى غاية الآن بسبب ملكيتها للجماعات المحلية.
ورغم هذه الجهود الإدارية، إلا أنه لا تزال نتائج العملية حبيسة التعقيدات الإدارية على أعلى مستوى، فيما يدفع ملايين الأشخاص ثمن رداءة الخدمات. ويعلّق رئيس المنظمة الوطنية للناقلين الجزائريين، حسين بورابة، متحدثا ل "البلاد" على وضع هذه المحطات الواقعة في إقليم كل ولاية أو على مستوى البلديات، بأن الجماعات المحلية كلفت خواصا في إطار شراكة بتسيير هذه الهياكل، غير أن العملية لم تحضرها نقابات القطاع إلا تفاجأت الناقلين بمنطق "البلطجية"، الذي يتعامل به مسيرو المحطات، حيث أنهم يفرضون تسعيرة دخول باهضة، في حين أن سعر تذكرة السفر لا يراجع بسبب المشاكل التي قد تترتب عن رفعها. كما أشار المصدر إلى افتقاد هذه المحطات لأدنى شروط النظافة والمرافق الضرورية المنصوص عليها في دفتر الشرو، الأمر الذي حوّلها إلى مجرد مساحات للتوقف لا غير.

رقابة صارمة وتقارير حبيسة الأدراج
من جانبها، عاينت لجان التحقيق المختصة تغييبا متعمدا في بعض المناطق لضبط دفاتر الشروط الواردة في المرسوم التقني رقم 417 ديسمبر 2004، وهذا المرسوم يحدد بشكل واضح ومثالي شروط استغلال المحطات البرية، وأن وزارة النقل خلال السنوات الخمس الأخيرة، تلقت مئات التقارير المرفوعة من قبل لجان الرقابة والتفتيش التابعة للمديريات الجهوية للنقل تدين تجاوزات المتعاملين الخواص، الذين يرجحون الجانب التجاري على حساب الخدمة العمومية.
ويكمن الخلل حسب المصدر ذاته في غياب النص القانوني الذي يتيح لمديريات النقل التحكم في تسيير هذه الهياكل ولو رصدت التجاوزات، فالمفتشيات الرقابية ينحصر دورها فقط في فرض نظام المواقيت وانطلاق الرحلات دون التدخل في التسيير، الذي يبقى من صلاحية مالك المحطة أو الخواص أصحاب الامتياز فيبقى واسعا باعتبارها صاحبة الملكية، وهي التي يقع على عاتقها التدخل لمراقبة سير النشاط والهيكل، وهي التي تحتفظ بحق إلغاء العقود، ومما يعاب على هذه الأخيرة تخليها عن واجبها الرقابي، تاركة ملايين المسافرين عرضة لانتهاكات يومية.
أين اختفى مخطط النقل والسير؟
طالبت الفيدرالية الوطنية للناقلين الخواص، وزارة النقل بالإسراع في تطبيق المخطط الوطني للنقل بالنظر إلى الفوضى التي يشهدها القطاع، بسبب المنح العشوائي لخطوط النقل طيلة السنوات الماضية. وقال رئيس الفيدرالية، بوشريط، أنه لا شي يمنع الوزارة من تطبيق مخطط ولائي للنقل، كبداية للقضاء تدريجيا على حالة الاختناق المروري التي تشهدها المدن الكبرى عوض الانتظار إلى غاية استكمال الدراسات الميدانية التي يقال إنها تعطل الإفراج عن المخطط الوطني للنقل والسير.وأضاف المتحدث بأن الشروع في تطبيق مخطط النقل بمختلف الولايات يحتاج إلى إرادة من الولاة والمجالس الولائية المنتخبة، طالما أن الوزارة تركت المسألة لهم على الصعيد المحلي، وما يحدث من تزاحم في أوقات الذروة المتزامنة مع ساعة التحاق العمال بمناصبهم ومغادرتهم لها مساءً، بسبب سوء التنظيم في الرحلات والخطوط، يفسر أيضا ارتفاع حالات حوادث المرور. وبهذا الخصوص، يتابع بوشريط قائلا، إن الحظيرة الوطنية للحافلات تضم 80 ألف حافلة، أكثر من 25 بالمائة قديمة جدا.
ورغم خضوعها للرقابة التقنية، إلا أن معظمها يعاني من أعطاب متكررة، وقطاع الغيار غير متوفرة في السوق، ووكلاء السيارات السيارات هم المتسبب الرئيسي في الوضع. ولقد تم التحايل علينا، لأننا اشترينا حافلات "خردة"، تم استقدامها من مختلف البلدان، وكان لزاما على وزارة النقل مقاضاة هؤلاء الوكلاء لعلمهم المسبق بما سيحل بالحافلات في ظل انعدام خدمات ما بعد البيع. من جهته، نبّه بورابة إلى مشكل آخر في هذا الباب، وهو أن الجزائر لم تستورد أي حافلة جديدة منذ 6 سنوات، ما يعني أن أغلب الحافلات تحتاج إلى الصيانة الدورية، وتبقى حياة المواطن في خطر، وقد يفسر هذا الوضع ارتفاع حوادث المرور.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)