محمد طلب الحديث للصحافة عندما كان محاصرا في حي ليزيزار بتولوز حيث ولد محمد مراح وتربى، تسود أجواء قلق وتوتر شديد وسط سكان الحي وبالخصوص جيران عائلة مراح، فهم لا يصدقون أن الشاب البشوش وحارس مرمى فريق الحي، قد أصبح مجرما، بل إرهابي مرة واحدة.
المعلومات حول حقيقة ما جرى في قضية مراح شحيحة جدا ومتضاربة أحيانا، منها معلومة لم نستطع تأكيدها من مصادر محايدة، تشير إلى طلب محمد الحديث للصحافة وللقنوات الفضائية عندما كانت الشرطة تحاصره وتتفاوض معه، لكن طلبه لم يتم تلبيته، وهذا ما يردده البعض هنا، للتدليل على غرابة القضية التي شغلت تولوز وفرنسا والعالم .
ومنذ انفجار قضية محمد مراح في وسائل الإعلام المحلية والدولية، لا تغادر مصالح الأمن الفرنسية هذا الحي المعروف أيضا باسم تروا
كوكي ، في إطار تحقيقاتها في الموضوع، وهو ما أثار حالة بسيكوز لدى السكان.
الخبر تمكنت من الحديث إلى أشخاص مقربين جدا من عائلة محمد مراح، تربوا معه وشاهدوه يكبر أمامهم قبل أن يفجعوا بقصة قتل جنود فرنسيين وطلاب يهود في تولوز، وفي هذا السياق يقول حميد سيد علي مدرب الفريق الثاني لحي ليزيزار، الذي يلعب له كل من محمد وأخيه عبد القادر، إنه لحد الساعة لا يصدق أن محمد هو من فعل تلك الجرائم، فهو مدربه ودأب على لقائه على مدى سنوات .
لا أحد يصدق بأن محمد مجرم في الحي الذي تربي فيه
يقول حميد الذي يعمل في محل جزارة وسط حي ليزيزار عن آخر عهد له بمحمد مراح بأنه التقى به قبل يومين من حادثة مقتل الطلاب اليهود، وكان مبتسما ولم تظهر عليه أي علامة مميزة تشير إلى ما سيحدث لاحقا ، مضيفا بقوله وقبل أسبوع من الحادثة زارنا في الملعب وشجع فريقه . وبخصوص علاقته بمحمد مراح، يقول حميد سيد علي لـ الخبر إنه قريب منه لأنه مدربه، ومحمد كان يلعب كحارس مرمى للفريق، ولم يظهر يوما أنه يعصي الأوامر فوق أرضية الملعب، حتى عندما قمنا باستبداله عام 2011 بحارسي مرمى آخرين بدا متفهما جدا . ويحب حميد الإشارة إلى أن سلوك محمد معه دليل على أنه ليس عنيفا، ولهذا كان صعبا عليه الاقتناع بأنه فاعل تلك الجرائم التي سمع بها العالم .
ويكشف حميد أيضا أن محمد كان يعيش حياة الشباب العادية، فقد كان مثلا يضع قرطا في أذنه، بل إنه قبل يومين من حادثة مقتل الطلاب اليهود ذهب إلى علبة ليلية للسهر، حسبما أخبرني به أحد الأصدقاء ، يقول حميد سيد علي. كما يكشف سيد علي عن زيارة قادت محمد مراح إلى الجزائر، وتحديدا مستغانم عام 2007، والعاصمة عام 2010، ويقول في هذا السياق قرأت في الإعلام أنه لا يعرف الجزائر وأنا أصحح وأقول إنني التقيته شخصيا بمستغانم وذهبنا إلى السابلات، حيث لديه أصدقاء كثيرون هنا في تولوز وجهوا له الدعوة لزيارة الجزائر . وبالمناسبة أوضح المدرب حميد سيد علي أن محمد غاب فعلا عن الأنظار لمدة معينة لكن لم نلاحظ عليه تغيرا في سلوكه كما يقولون .
ونظرا لحالة البسيكوز الكبيرة التي حلت بسكان حي ليزيزار، أبدى حميد سيد علي استياءه الشديد من تهمة الإرهاب التي ألصقت الآن بالحي وليس بمحمد مراح فقط، وهنا قال ما قام محمد إذا كان حقيقة فهو أمر مرفوض ويتحمل لوحده مسؤوليته، ولسنا كل المهاجرين .
أما بخصوص شقيقه عبد القادر الموجود رهن الحبس والتحقيق الآن في تولوز، فيقول الجيران إنه شخص مسالم أيضا، وقد أبدت إحدى السيدات في حي ليزيزار إصرارا على أن تتحدث لـ الخبر عما تعرفه عن عبد الشيخ عبد القادر ،
حيث قالت السيدة دنيا -وهي سيدة ملتزمة- إن الإعلام الفرنسي كذب كثيرا على عبد القادر، فهو شخص طيب جدا ، وتضيف قائلة يسألون ماذا يعمل (كادار)، أنا أقول لكم: إنه يعمل راقٍ، وقد رقاني لمدة خمس ساعات كاملة ذات مرة، فهل شخص مثل هذا يقتل الناس . وتواصل دنيا الحديث بحزن لقد سجنوه وقالوا إنه كان يبكي، أقول لكم لماذا: أنا أعرف زوجته يمينة، وهو متزوج بها منذ 2006، وهما يعانيان من مشكلة الإنجاب، وكان عليه الانتظار ست سنوات كاملة ليقوم بالتلقيح الاصطناعي، وللأسف هذه هي السنة التي يفترض أن يقوم بها ليحقق أمنيته في رؤية طفل، فهل شخص مثله ينتظر سنوات طويلة ليرى ابنا يمكنه أن يساهم في قتل الأطفال، وأقصد الأطفال اليهود . ويرى جيران آخرون من أصول جزائرية يسكنون بالقرب من منزل طفولة محمد مراح وشقيقه عبد القادر أن الكلام الذي نقل على لسان مراح بأنه سيركع فرنسا، كلام لا يوجد في قاموس أبناء الضواحي، بل هذا كلام السياسيين ، ويضيف أحدهم رفض الكشف عن هويته لماذا لم نر صورة محمد وهو مقتول، ولماذا لم نشاهد أمه أو أخاه يتكلم . ولا يختلف الوضع في أحياء العرب بتولوز، كما هو حال باغاتال وميراي و راينيري . ففي هذه الأحياء التي زارتها الخبر يمكنك الوقوف على حجم الضياع الذي يعاني منه الشباب، وفي هذا السياق كشفت مسؤولة بحي راينيري من أصول جزائرية أن أهم المشاكل التي يعاني منها الشباب هنا هو البطالة، فهي تصل حتى 45 بالمائة من سكان الحي، وهناك مشكلة الاندماج والتمييز، فهي حقيقة مشكلة قائمة رغم ظروف الحياة التي تتحسن شيئا فشيئا .
محمد بن علال والد مراح محمد لـ الخبر
لا أريد مقاضاة فرنسا وتمنيت لو حوكم ابني ولم يقتل
- سأتحدث عن مقتل ابني وساركوزي ما كان ليسكت لو قتل ابنه
- أتمنى أن يدفن ابني بمقبرة العائلة في المدية
- أنا خسرت ابني وفرنسا خسرت حقيقة ما جرى
نفى والد محمد مراح المتهم بقتل العسكريين الثلاثة واليهود الأربعة في تولوز ومونبتان بفرنسا، أن يكون قد هدد برفع دعوى قضائية ضد الدولة الفرنسية لقتلها ولده، وشدد على أنه لا يوجد له أي إشكال مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أو وزير خارجيتها ألان جوبي، وإنما هو غير راض تماما ومغتاظ من الأمن الفرنسي الذي قتل ولده في وقت كانت لديه الإمكانية لأن يقبض عليه حيا ويقدمه إلى العدالة ليلقى المصير الذي يستحقه.
وقال السيد محمد بن علال مراح في حوار مع الخبر .. أنا أطالب باسترجاع جثة ابني ودفنها هنا في الجزائر، لم أفكر في مقاضاة فرنسا وليس لدي نية في فعل ذلك، لكن أنا لم أقبل كيف أن الأمن الفرنسي بكل الإمكانيات التي يمتلكها، قتل ابني ولم يقبض عليه حيا، خاصة وأنه كان قادرا على أن يقبض عليه وهو نائم . وأضاف كيف للشرطة الفرنسية التي تملك كل الإمكانيات أن تقتل ابني في عمر 24 سنة هذا غير معقول! .
ويواصل والد مراح الذي رد على أسئلة الخبر بصعوبة، حديثه قائلا أنا كنت أريد أن يقبض عليه ويتم التحقيق معه من قبل وكيل الجمهورية الفرنسية ويصدر في حقه أي حكم قضائي سواء السجن 15 سنة أو 20 سنة أو حتى المؤبد، المهم أنه لا يقتل بهذه الطريقة ويبقى على قيد الحياة . وأضاف نعم كان من المفروض أن يقبض عليه ويتم التحقيق معه في القضاء والضغط عليه، ربما كان سيعطيهم معلومات مهمة تفيدهم، وربما لم يكن هو من قتل ويوصل القضاء الفرنسي إلى من ارتكبوا الجريمة . يتوقف محمد بن علال مراح قليلا عن الكلام ليسترجع أنفاسه، ثم يواصل قائلا الأمن الفرنسي بقتله ابني محمد لن يحصل على أي دليل، فأنا خسرت ابني وهم خسروا الوصول إلى الحقيقة وتفاصيل ما جرى .
وفي رد محمد بن علال على سؤال بخصوص عزمه على مقاضاة فرنسا بسبب مقتل ابنه، رد قائلا أنا لم أقل إني سأقاضي فرنسا، أنا لا أريد مقاضاتها، لكني حزين على طريقة مقتل ابني، وأنا ليس عندي أي مشكل لا مع ساركوزي ولا أتدخل في شؤونه ولا في شؤون الوزير ويعني هنا وزير خارجية فرنسا ألان جوبي الذي طالب والد مراح بالسكوت وعدم الحديث عن مقاضاة فرنسا، في حين أدان الرئيس ساركوزي عزم والد مراح مقاضاة بلاده.
ويقول محمد بن علال في رده على ساركوزي وألان جوبي كيف يريدني أن أسكت أنا لن أسكت وسأتكلم، الذي قُتل هو ابني، لو قُتل ابن ساركوزي هل كان سيسكت؟ نعم كان سيتحدث عن ابنه .
وانتقد المتحدث الأصوات المسيئة لابنه ولعائلته وكل الكلام الذي قيل ضدهم، بالقول ابني الله يرحمه هو بين أيدي ربه، إذا ارتكب أفعال شر فإن الله سيعاقبه ويدخله النار، وإذا فعل في حياته الخير فإن الله سيضعه في الجنة .
وعن مشاورات العائلة حول مكان دفن جثمان ابنه قال لقد اتصلت مـــع إخوته في فرنسا أمس -يعني أول أمس- ولا يوجد أي جـــديد إلى حـــد الآن، لكن أنا أريــد أن يدفن في مقبرة عائلته وأجداده بولاية المدية .
رشيد أخ مراح محمد لـ الخبر
محمد كان يبحث عن معهد في الجزائر للتفقه في الدين
محمد قال لي بأن سبب تخلف الجزائر هو فرنسا
وصف رشيد، أخ محمد مراح، من جهة الأب بأنه تفاجأ بخبر مقتل أخيه إلى درجة أن الهاتف سقط من بين أصابع يده، وقال لـ الخبر .. لم أصدق الخبر إلا بعد أن اتصلت بوالدي .
رشيد الأخ الأكبر( 40 سنة ) التقته الخبر بمدينة أولاد سلامة الواقعة بشرق البليدة، تحدث خلال اللقاء عن أخيه بإعجاب كبير لصفاته النبيلة التي كان يتمتع بها، وقال إن والده تزوج 5 مرات، وأنجب 15 ابنا وبنتا، وكان محمد الأقرب إلى والدهم، حيث فرح بميلاده وأسماه على اسمه ، وورث عن والده الكرم وحب فعل الخير. وأوضح أخ محمد الذي رفض أن تنشر صورته، أن آخر زيارة له كانت منذ سنتين حل محمد وقتها ضيفا في فصل الربيع وقضيت معه أوقاتا جميلة، ولاحظت فيه حبه للجزائر وطبيعتها التي سحرته، لكنه في الوقت نفسه كان ينتقد مظهر الأوساخ المنتشرة ويعلق عليها باشمئزاز، وقبل زيارته طلب مني في مكالمة هاتفية أن أجد له معهدا متخصصا في علوم الدين على شاكلة الأزهر الشريف بالجزائر ليكوّن نفسه، لكن ذلك لم يحدث .
وعن صفات أخيه قال كان عطوفا جدا ، وذكر قصة حدثت لهما سويا حينما وجدا كلبا صغيرا بالطريق، حمله محمد ورعاه طيلة فترة إقامته وأخذ له حماما وجففه بقميص له، لأنني رفضت أن أعطيه منشفة ، ويضيف عند عودته إلى فرنسا ترك لي مبلغا ماليا وأوصاني برعايته وإطعامه ، وقال له وهو يغادر بأن سبب تخلف الجزائر هي فرنسا.
يقرّ رشيد أيضا بتدين والتزام محمد عند دخول السجن بسبب مخالفة مرورية قاد فيها سيارة دون رخصة، وهي مرحلة عمرية مغايرة تماما لمرحلة مراهقته، التقى في فترة حبسه بمجموعة تعرف عليها وتلقن على يدها معاني الإسلام وحقيقته، وكانت فعلا محطة تغير فيها كثيرا ولاحظها أفراد العائلة، بدليل أنه خلال زيارته الأخيرة كان يتألم عند مشاهدتنا لمقاطع فيديو حمّلها على هاتفه النقال حول القصف الذي تعرضت له غزة، وكان ينتف شعره ويصرخ بسبب المشاهد المروعة للقتلى من الفلسطينيين .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : البليدة: ب. رحيم / الجزائر: رضا شنوف / تولوز: مبعوث ''الخبر'' رمضان بلعمري
المصدر : www.elkhabar.com