الجزائر

جونيشيرو تانيزاكي يطرح حالة نفسية معقدة في "اعترافات خارجة عن الحياء"



جونيشيرو تانيزاكي يطرح حالة نفسية معقدة في
يصوّر الكاتب الياباني جونيشيرو تانيزاكي، في رواية "اعترافات خارجة عن الحياء"، حالة نفسية معقدة قريبة إلى المرضية، يعاني منها أستاذ جامعي أمضى حياته يحاول إصلاح علاقته بزوجته ما جعله يخوض ألاعيب خطرة كانت نتائجها وخيمة.ويسرد تانيزاكي في 144 صفحة، قصة أستاذ جامعي في السادسة والخمسين من عمره أمضى حياته يترقب جمال زوجته ورضاه عنه، متجاهلا أنه يكبرها بعشر سنوات وأنها لا تزال فتية وهو الذي يعاني من توترات تمنعه من أن يكون زوجا كاملا.يعيش الزوجان اللذان تجمعهما سنوات في منزل بارد وأثمرت علاقتهما فتاة شابة تدرس في الجامعة، ولأنهما يخجلان من طرح مشاكلهما الحميمة أمام بعضهما، الزوج لأن زوجته صارمه ويهاب مفاتحتها في الموضوع، وهي بدورها تحتفظ بالحشمة التي كبرت عليها في ظل أسرة إقطاعية عريقة، فيعمدان إلى كتابة مذكراتهما كوسيلة للحديث غير المباشر عن مشاكل علاقتهما العميقة، فيكتب كل منهما موجها حديثه بطريقة مواربة للآخر، لأن كل طرف يعلم أن كل منهما يطلع على مذكرات الآخر، بينما يدعيان أنهما لا يقرآن لبعض في حين يفعلان ذلك "خلسة"، حيث تفضحهما بعض التلميحات من خلال المذكرات.يتقدم لابنتهما شاب يدرس معهما، لكنه ينجذب للأم، هذه الأخيرة التي لا تترك الشاب وحده مع ابنتها وترافقهما في كل مكان، ليكتشف في الأخير أنها أقامت معه علاقة، ورغم أن الأستاذ الجامعي كان يشعر بالقهر إلا أنه كان يرى في أن هذه الغيرة يمكنها أن تعيد علاقته بزوجته.لعب تانيزاكي، على الاحتراق الرباعي، وكل طرف لا يبوح للثاني بما يخالجه، ومن شدة الضغط يمرّ الزوج بأزمة عاطفية وجسدية نتيجة فشله في إرضاء زوجته وبسبب الخطوة الخطرة التي اختارها كمنقذ لعلاقتهما، لكن الأمر يؤثر على صحته لتُختتم الرواية بموته بجلطة.تبدأ الرواية بلعبة المذكرات، أراد من خلالها الزوج أن يوصل همومه لزوجته وأنه مازال يهتم بها مثلما كان وأكثر، وكان هوسه بها كبيرا جعله يكرس وقته لاستعادتها في حين هي لم تكن تبدي اهتماما به، ولم تكن تنوي تحسين الأمور معه والاستمرار في ذاك الجو البارد، بل وأكثر من هذا استسلمت لأول نزوة بعد أن أُعجب بها خطيب ابنتها.الرواية نسخة من الأدب الياباني العميق، الذي يعالج القصص والحكايات من الناحية النفسية، ولا ينسى أن يظهر تقاليد المجتمع المحافظة والتي لا تسمح بالبوح بالمشاعر، هذا الأمر صعب علاقة الأستاذ الجامعي بزوجته، إلا أنه كان الخاسر في النهاية حيث رحل بعد صراع طويل لتحسين علاقته بزوجته التي لم تهتم بالأمر والتي طلبت منه الطلاق في أول فرصة سنحت لها بعد أن خانته مع شاب في عمر ابنتها، ولم يستطع أن يبوح لها أنه اكتشف خيانتها له.طرح الكاتب الرواية في شكل مذكرات بالتاريخ، بالتناوب بين الزوجين، ولكن بعد موته، تكلم بصوت الزوجة التي قررت قراءة مذكرات زوجها على لسانها، وراحت تقارن بينهما، وتذكر كل ما كتب من قبلها في الوقت ذاته، لتذكر في الأخير أن هذه المذكرات تظهر كيف أحبّ كل طرف الآخر، حيث اعترفت أنها كانت تثير غيرته عمدا، لكنها أحبت خطيب ابنتها فعلا وأقامت علاقة معه، لتنتهي إلى ذكر أن ابنتها وخطيبها سيتزوجان للحفاظ على صورة العائلة، ما يجعل القارئ يحس بأنانية الزوجة التي لم تقدم لزوجها فرصة لبعث الدفء الذي افتقده منزلهما منذ أن ارتبطا.جاء العنوان مختلفا وجذابا وشاعريا، يعبر عن محتوى الرواية التي سردها تانيزاكي في شكل مذكرات مُوثقة بالتاريخ، وهذا نوع جذاب في الرواية لا يدعو إلى الملل عند القراءة، بالإضافة إلى عنصر التشويق الذي ركز عليه الكاتب، ولن نقول أن الرواية سيرة ذاتيه، واختصرت المذكرات السنة الأخيرة قبل موت الزوج، لكنها نسخة مكررة عن سنوات حياته مع زوجته، الأمر الذي يجعل القارئ يتخيل كيف أمضى حياته، خاصة وأن قبل الزواج لم يكن هناك الكثير من الأمور سوى أنه ذكر عراقة عائلة زوجته التي جعلتها تتمتع بتلك الشخصية.ووصف جونيشيرو تانيزاكي، التقاليد والعادات الآسيوية من خلال ذكره للأطباق التي تبرمجها زوجته خلال الأسبوع، وكذا الألبسة التي كانت رائجة ومتنوعة بين الأوروبية البسيطة والكيمونو الياباني.زينة بن سعيد


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)