استقطبت باخرة "الدلفين" بعين البنيان، الكبير والصغير، لاستكشافها والاستمتاع بجولة خلال عطلة الشتاء، مسرحها البحر وحدودها السماء، وواجهتها الساحل الغربي للعاصمة، حيث تفضل بعض العائلات "العاصمية" وحتى القادمة من الولايات الأخرى، الاستمتاع بهواء وزرقة وهدوء البحر، والتقاط صور تذكارية، حسبما رصدته "المساء" في جولة عبر الباخرة. اربط باخرة "الدلفين"، بين ميناء الجميلة بعين البنيان إلى سيدي فرج، فضلت "المساء" القيام برحلة على متنها، للاطلاع على الأوقات والأجواء التي تقضيها العائلات خلال عطلة الشتاء.رحلتين في اليوم كل مساء تستقطب الكبار والصغار
كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف مساء، حيث دخلنا إلى ميناء "الجميلة"، وأول ما شد انتباهنا، أرقام السيارات القادمة من مختلف الولايات، حيث الجو كان مشمسا وزرقة البحر مثيرة ونسمات البحر لا تفارقنا، ونحن نقترب منها، وجعلنا دخول "الميناء"، نكتشف ديكورا مميزا، مع وجود الصيادين وأدواتهم المتناثرة بجانبها.
يتوفر الميناء على مكان مخصص للانتظار وشباك لبيع التذاكر، حسبما لاحظناه، علقت به ملصقات بها كل المعلومات التي يبحث عنها المسافرون فيما يخص الرحلات، الأولى تنطلق على الساعة الثالثة، والثانية على الخامسة مساء، والتي تتزامن مع غروب الشمس.
وعلمنا من أحد المنظمين، أنه تم تغيير البرنامج خلال العطلة الشتوية استثناء، حيث أصبحت الباخرة تعمل يوميا بدل مرتين أو ثلاث في الأسبوع، لتمكين العائلات من التنزه والاستمتاع بزرقة البحر، حيث استحسنت بعض العائلات التي التقينا بها، الفكرة، وعبرت إحدى السيدات قائلة: "بما أن الجو جميل، فإن الخروج إلى البحر عبر سفينة الدلفين، فرصة لا تعوض أيام العطلة، من أجل تغيير الجو وتمكين الأطفال من أخذ صور تذكارية واكتشاف الرحلات البحرية، لذا أنصح العائلات بزيارة المكان".
الهدوء والنظام بدون زحمة.. سمة الرحلة
الزائر للمحطة البحرية بعين البنيان، يلاحظ المشاهد التي عادة ما ترتسم في مخيلتنا، منها التدافع والتسابق المحموم بين العائلات والشباب والأطفال، من أجل الفوز بتذكرة الرحلة عبر الباخرة ، لكن لدى وصولنا، وجدنا مشهدا مخالفا، حيث لاحظنا عددا ليس بالكبير، اشترى التذاكر ب500 دج للصغار، و1000 دج للكبار، ينتظرون انطلاق الرحلة وسط أجواء هادئة.
اقتربنا من أحد أعوان الأمن على المحطة، وأخبرنا أن المسافرين يفضلون الرحلتين الأخيرتين، أي ما بعد منتصف النهار، حيث تمتلئ المحطة عن آخرها، مضيفا أن الأيام الأولى عرفت إقبالا منقطع النظير، وهذا راجع، كما قال، إلى لهفة الجميع لركوب الباخرة واكتشافها. تركنا رجل الأمن وبائع التذاكر يقومون بعملهم، واتجهنا نحو بعض المسافرين الذين أتوا من مناطق مختلفة من العاصمة وخارجها، وعبروا لنا عن مدى تشوقهم لتجريب السفر عبر الباخرة، واكتشاف سحر الجهة الغربية للعاصمة، وقالت سيدة إنها تعيش رفقة أبنائها لحظات تاريخية انتظرتها طويلا.
الطابق العلوي المكشوف للباخرة سحر من نوع آخر
قبل ربع ساعة من انطلاق الرحلة، بدأ الجميع يصعد الباخرة في هدوء، وبمجرد امتطاء الباخرة يقابلك باب الدخول للطابق السفلي، وسلم يصعد منه الذين يرغبون بالجلوس في الأماكن المكشوفة الموجودة بأعلى الباخرة. دخلنا الطابق السفلي من الباخرة ووجدناه تقريبا خاليا على عروشه من المسافرين، والمتواجدون به لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، رغم شساعة المكان، ويعود هذا العزوف عن الجلوس في الأسفل، إلى تفضيل أغلب المسافرين البقاء في الأعلى، لانتهاز الفرصة من أجل بلوغ المنصة المكشوفة، وأخذ الصور ورؤية الساحل بشكل أفضل.
وعلى الساعة الثالثة مساء بالضبط، بدأت الباخرة في فك ارتباطها باليابسة استعدادا للانطلاق، واستمرت العملية ببطء لحوالي 5 دقائق، تتمايل يمينا شمالا، ثم انطلقت بسرعة يصاحبها صوت مدوي، مع موجات تتعالى من الجهة الأمامية والخلفية، وطيور تتبع الباخرة، هنا وقف الكل في الخارج لأخذ صور للذكرى.
وما شد انتباهنا ونحن نتجول داخل الباخرة؛ لهفة جميع المسافرين لأخذ الصور في كل جزء من الباخرة، حتى السلالم كان لها نصيب من التصوير، وهناك من لم يقتنع بذلك، حيث راحت امرأة تفتح باب حجرة القيادة تطلب فيها من الربان أخذ صورة معها، ومع أبناؤها، فلبى طلبها. كما لاحظت "المساء"، أيضا، أن أغلب من هم بالباخرة أطفال، حيث وصف لنا بعضهم أن الرحلة في نظرهم تاريخية، لأن ركوب باخرة بحرية بالنسبة لهم كان حلما وهو اليوم يتحقق.
من سيدي فرج لميناء الجميلة نهاية وجهتنا
وصلت الباخرة في حدود الرابعة مساء إلى عين البنيان، وبدأ الجميع ينزل في هدوء، لكن بنظرات تشعرك أن متعتهم لم تكتمل، أو أنهم نسوا شيئا داخلها، وعلى جنبات محطة الجميلة مسافرين ينتظرون لحظة الصعود في الرحلة الثانية، مع وجود فضوليين يلتقطون صورا للباخرة وهي ترسو بالميناء. وجدنا داخل محطة الميناء الترفيهي، عددا لا بأس به من أشخاص جاؤوا ليسألوا عن توقيت الرحلات، وشاهدنا مسافرين كانوا معنا في الرحلة يشترون تذاكر العودة، للاستمتاع أكثر بالرحلة وإشباع فضولهم.
ولم تكن الرحلة عبر باخرة "الدلفين" مألوفة، حيث تلمسنا خلالها شعورا عجيبا لدى من رافقونا في مساء مشمس، تَنَّسموا روائح البحر العليلة، ولمحوا بريق جمال العاصمة المشع، وترسمت لديهم صور أصوات الأمواج وتمايلاتها، مليئة بالشوق والحنين إلى البحر زادتهم ارتباطا به، لسان حالهم، يقول "البحر من ورائنا وميناء الجميلة نهاية وجهتنا".
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/12/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : نسيمة زيداني
المصدر : www.el-massa.com