الجزائر

جعفر يفصح يستحضر ذكرى شقيقه ويصرّح لـ''الخبر'' ''تغيّبت عن عرس إسماعيل فحضرت جنازته بعد أيام''


يسترجع عدد من أصدقاء وأهل الإعلامي الراحل، إسماعيل يفصح، ذكريات حميمة وجوانب  من الحياة الشخصية والمهنية لهذا الرجل الذي أنهت رصاصات الغدر حياته قبل 18 عاما، حيث أجمع كل من تحدّثت إليهم الخبر على طيبة إسماعيل وتواضعه وتفانيه في العمل.  بعد ثمانية عشر عاما من رحيله، مازالت ملامح ذلك الوجه التلفزيوني البشوش والطافح بالبراءة مطبوعة في الذاكرة، كأنما رحل أمس. كثيرٌ من شباب الحي الذي يحمل اليوم اسم شهيد الصحافة إسماعيل يفصح، بباب الزوار، تجمّعوا أمام المكان الذي استُشهد فيه يوم 14 أكتوبر 1993، حيث تم إحياء الذكرى بحضور عدد من أفراد عائلته وأصدقائه ورفقاء دربه، رغم أنه لم يسبق أن رأوه، سواء أمامهم أو على الشاشة، لكنهم سمعوا الكثير عن ذلك الرجل الطيّب والمتواضع، ذي القسمات الهادئة والبريئة، الذي كان نجما تلفزيونيا بلا منازع خلال أكثر المراحل دموية في التاريخ الجزائري المعاصر، قبل أن تسكته ثلاث رصاصات غادرة. كان بإمكان إسماعيل يفصح أن يغادر المكان إلى آخر أكثر أمنا، لكنه آثر البقاء.  ويؤكّد عمّي بوعلام الذي كان صديقه وجاره بباب الزوار، طيلة خمس سنوات، أنه طالما سأله: لماذا لا ترحل عن هذا الحيّ، وتذهب إلى مكان آمن؟ ، فيجيب إسماعيل وقد رسم على شفتيه ابتسامة واثقة: من سيفكّر في إيذائي يا بوعلام؟ لم أؤذ أحدا، والله أكرمني بمحبة الناس . فعلا، كان محبوبا من طرف الجميع، يؤكّد عمّي بوعلام. قبل أن يستطرد قائلا: كان في قمّة اللطف والتواضع والتهذيب. لم يكن متكبّرا البتّة، وهذا ما أكسبه حب الناس. كما كان عفويا وصادقا، وكلامه يدخل القلب. كنا نلتقي كل مساء تقريبا قبالة الجامعة لارتشاف القهوة مع بعض الأصدقاء. ولن أنسى اليوم الذي وصلت فيه إلى مكان لقائنا فأخبروني بأن صديقي قُتل. هرعت إلى مكان الجريمة غير مصدّق ما حدث. والحقيقة أنني بقيت غير مصدّق طيلة سنتين . مات إسماعيل يفصح تاركا في سيارته هديّة  أحضرها لبوعلام، وكثيرا من الذكريات السعيدة والمريرة أيضا. كما ترك غصّة في قلب الأخ الأكبر، جعفر، الذي لم تسعفه التزاماته المهنية لحضور عرس شقيقه، لكن الأقدار شاءت أن يحضر جنازته بعد أيام فقط: لم أتمكّن من حضور حفل زواجه بسبب العمل، وبعد 45 يوما بالضبط وجدتُني أمشي في جنازته. كان موقفا مؤلما للغاية، لم أستطع نسيانه إلى غاية اليوم . ويعتقد جعفر أن إسماعيل يفصح أصبح رمزا بفضل استشهاده في سبيل أفكاره ومبادئه التي آمن بها ودافـع عنـها، وفي سبيـل الجزائر التي تفانى في خدمتها، مضيفا: صحيح أنه مدفون، لكن أفكاره وابتسامته ما تزال حيّة، بدليل هذا الحضور الكبير في ذكرى استشهاده، سواء الذين عرفوه عن قرب أو الذين لم يعرفوه .  
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)