الجزائر

جزائريون يخربون بيوتهم بأيديهم!



جزائريون يخربون بيوتهم بأيديهم!
لا يجد الكثير من الجزائريين حرجا في تخريب الأملاك العمومية دون تأنيب ضمير، وشعارهم في ذلك “هي أملاك البايلك”. فإن تعطلت آلة سحب النقود في وجه أحدهم فحتما سوف يفرغ جام غضبه فيها، وإن رسب أحدهم في امتحان أو مسابقة فمن الطبيعي تمزيق ورقة كشف النتائج..! هي تصرفات وأخرى غير مبررة استوقفت “الخبر” في جولة استطلاعية قادتها إلى بعض المرافق العمومية بالعاصمة.يجلس بشير في مدخل مركز البريد بشارع حسيبة بن بوعلي بقلب العاصمة على كرسيه، يستقبل الزبائن ويوجههم. يبدو شخصا متفهما يحسن الحديث مع جميع فئات المجتمع، وما إن فاتحناه في الموضوع استرسل يقول: “هناك من يصب غضبه على آلة سحب النقود، في حال ما لم تدفع له المبلغ المطلوب، ظنا منه أنها تسرق أمواله”.حتى التماثيل لم تسلمتركنا بشير واتجهنا نحو فضاء عمومي آخر، حيث الحركة لا تكاد تنقطع فيه، كانت حديقة التجارب بالحامة تعجّ بالعائلات التي تقصدها يوميا للاستمتاع بجمال طبيعتها. ورغم أن التحفة الطبيعية تحظى بحماية أمنية مشددة، إلا أنها لم تسلم من التخريب، كحال أحد التماثيل المنتصبة بداخلها والتي تعتبر تحفة لأخذ الصور التذكارية، لكن للأسف هشم الزوار أطرافها، واستغربنا من كيفية تسلق أحدهم أعلاها ليشوه صورتها بكتابة اسمه فوق سطحها الأبيض. كما أن بعض الزائرين يجلسون فوق خلفية المقعد ويدوسون بأحذيتهم على المساحة المخصصة للجلوس. استوقفنا مشهد مماثل لمجموعة من الشباب كانوا جالسين بالطريقة نفسها، فأبينا إلا أن نستفسر منهم الأمر، فرد علينا أحدهم متهكما “الكل يجلس بهذه الطريقة وجميع الكراسي متسخة بسبب ذلك، فلماذا أصنع أنا الاستثناء”. المشهد عينه يتكرر يوميا داخل مدرجات ملاعب كرة القدم، وفي المباراة التي جرت خلال الأيام الماضية بين اتحاد الحراش ونصر حسين داي بملعب 5 جويلية بالعاصمة، هناك كنا شاهدين على مشهد مماثل، حيث شاهدنا بعض الأنصار يمشون فوق الكراسي التي تم تجديدها مؤخرا، رغم أن سلالم المدرجات كانت شاغرة، ناهيك عن تكسيرها والرمي بها فوق أرضية الميدان في حال خسارة فريقهم كتعبير عن رفضهم للخسارة.ليست مراكز البريد وحدائق التسلية الوحيدة التي تُركت فيها بصمات التخريب عليها، بل تشمل كل ما تعلق بأملاك “البايلك” كما يحلو للبعض مناداتها. فمحمد عامل نظافة بمحطة القطار “آغا” بقلب العاصمة، أنهكته هو الآخر تصرفات المسافرين الذين يقصدون المحطة يوميا. يسترسل صاحب 27 سنة قائلا: “إذا انتهى من شرب قهوته فحتما سيرمي بها في أي مكان إلا داخل سلة المهملات”. ويروي محمد مشهدا لايزال راسخا في ذهنه “أذكر يوما شاهدت أحدهم يرمي بفضلاته على القاعة، فلم أتمالك نفسي وتحدثت معه بلطف، فرد علي بأسلوب فض قائلا: إن لم أرم فضلاتي فما جدوى تواجدك هنا إذن؟”. تحسر محمد لسماعه تلك العبارات الجارحة، ومنذ ذلك اليوم قرر أن لا يتكلم مع أحد لتفادي المشاكل التي قد تضيع مصدر قوت عائلته، وما كاد يتمم محمد كلامه حتى لمحت أبصارنا أحدهم يرمي بكوب قهوته فوق السكة بعد ما انتهى من احتسائها، فابتسم محدثنا واعترف قائلا: “حتى أنا كنت أتصرف بحماقة مثله قبل أن أصبح عامل نظافة، ولم أكن أعر اهتماما كبيرا لهذه التصرفات التي كانت تبدو لي غير مهمة”.روح انتقامية“لا يدفع ثمن تذكرة سفره، لأنه يرى أن صنَّاع القرار في الجزائر سلبوه حقه، ولا يحافظ على نظافة وسلامة الأماكن العمومية لأنه متأكد أن خزينة الدولة مملوءة بالملايير، بل هناك فئة أكثر خطورة لا تتوانى في إفساد وتخريب الممتلكات العمومية كانتقام وكأسلوب تعبير عن كرههم للسلطة”، كانت عبارات تدل على أفكار قرأها لنا سامي وهو واقف بمدخل محطة القطار “آغا” يراقب تذاكر المسافرين، وواصل يشرح الأمر قائلا: “هي أفكار سلبية ترسَّخت في ذهن أغلب الجزائريين وتوارثوها جيلا عبر جيل”. وأضاف متسائلا “ألا يعلمون أن المسؤولين الذين يتحدثون عنهم لا يتنقلون في هذا القطار؟ أليست الطبقة البسيطة هي الخاسرة الأولى والأخيرة؟”. من خلال جولتنا الاستطلاعية، أجمع أغلب من تحدثنا معهم على أن غياب الوعي وفقدان الثقة لدى أغلب الجزائريين هو ما يدفعهم للتصرف بتلك الطرق السلبية، ولكن لزينب وهي طالبة علوم التسيير بجامعة دالي إبراهيم، رأي آخر في الموضوع، حيث أردفت متسائلة “كيف تفسر التصرفات الفضة لبعض الطلبة الجامعيين المقبلين على تولي مناصب حساسة بعد تخرجهم، حيث يقومون بتمزيق أوراق نتائج الامتحانات الملصقة على جدران الجامعة كتعبير عن عدم رضاهم عن النتائج التي تحصلوا عليها، فيحرمون باقي الطلبة من الاطلاع على نتائجهم؟”. وتشاركنا صديقتها سمية الحديث بسرد قصة مماثلة جرت في الحي الذي تقطن فيه بباب الزوار في العاصمة “أذكر يوما كنت داخل المنزل وفجأة شاهدت أنبوب الغاز النحاسي ينجذب من خارج المنزل حتى اختفى وراء الجدار، وفي الأخير كان أحد أبناء الحي من قام بسرقة جميع الأنابيب النحاسية للعمارة”.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)