جرار "سيرتا"... مستقبل الفلاحة الوطنية يحتضر

لاتزال الشركة الجزائرية لصناعة الجرارات الفلاحية " إيتراغ" بمنطقة الحميميم ببلدية الخروب بقسنطينة، تعرف العديد من المشاكل التي أثرت سلبا على عملها، والتي تُعد رمزا للصناعة الجزائرية، خاصة "جرار سيرتا" الذي يُعد بمثابة مستقبل الحبوب والمنتجات الاستراتيجية.تعرف الشركة منذ سنة 2016، وضعية صعبة بسبب العديد من المشاكل، يأتي على رأسها الخلافات المتواصلة بين العمال والإدارة؛ بسبب ما وصفوه ب"التعسف وإغلاق باب الحوار"، وهو الوضع الذي وصل إلى أروقة العدالة؛ الأمر الذي عرّض الشركة التي كانت مصنفة من بين أكبر مركبات الميكانيك بالجزائر وإفريقيا، لأزمات حادة، نتج عنها توقف الإنتاج نهائيا، والتخلي عن تصنيع 7500 جرار، كانت مبرمجة لسنة 2019، والتي لقيت منافسة شديدة من المنتوج الصيني، الذي تمكن من السيطرة على السوق المحلية والأسواق الإفريقية، مما أدى إلى تكدس 2300 جرار في مخازن الشركة، وهو ما أدى بالنتيجة، إلى دخول المؤسسة في وضعية مالية صعبة جدا.
ولعل ما زاد في تأزم وضعية الشركة، الحالة المادية، التي حرمت العمال من تقاضي أجورهم، وهو ما جعلهم يدخلون في إضراب عن العمل لعدة أسابيع. وأمام هذا الانسداد تدخّل والي قسنطينة شخصيا، واستقبل المدير العام للمركّب الأسبوع الماضي، بمقر الديوان، بعد دخول 650 عامل في إضراب نتيجة عدم تقاضيهم أجور شهر نوفمبر، لإيجاد حلول سريعة، والتكفل بمشاكل الشركة، وعمالها.
وطمأن المسؤول التنفيذي الأول بالولاية، خلال الدورة العادية الرابعة للمجلس الشعبي الولائي التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي، عمال المؤسسة بإيجاد حل سريع لشركتهم، التي اعتبرها من أهم الشركات الجزائرية، مؤكدا أن جرار "سيرتا" لن يتم التخلي عليه. وكشف أنه سيرفع ملف الشركة الجزائرية للجرارات الفلاحية "إيتراغ"، إلى الوزير الأول قريبا؛ من أجل إيجاد حلول سريعة لها، والتكفل بها.
وأكد المسؤول في رده على سؤال أحد المنتخبين حول مشكل الشركة ونتائج لقائه بالمدير العام للمركّب، أن المشكلة التي تواجه الشركة ليست بسبب عدم تلقي العمال أجورهم فقط، وإنما بسبب تطبيق دفتر الشروط الجديد، الذي حرم الشركة من استيراد جزء من المادة الأولية المندرجة في تصنيع الجرار؛ مما أدى إلى انخفاض إنتاجها إلى 300 جرار بعدما كانت تنتج 5 آلاف جرار، مشيرا إلى أن نسبة إدماج الجرارات المصنعة تصل إلى 60 ٪، فيما ينطوي نشاط المركب على شراكة أمريكية.
وأضاف المسؤول أن وزارتي الصناعة والمالية رخصتا للفلاحين باستيراد الجرارات في قانون المالية لسنة 2023؛ حيث اتجه بعضهم إلى أوروبا من أجل استيرادها، لكنهم لم يقتنوها بسبب أسعارها التي تفوق قيمة جرار "سيرتا"، فضلا عن انعدام قطع الغيار الخاصة بها، في حين أكد الوالي أن جرار "سيرتا" مطلوب جدا من قبل الفلاحين في إطار مكننة القطاع، خصوصا الفلاحة الصحراوية.
للإشارة، يتميز جرار "سيرتا" بسمعة جيدة لدى الزبائن داخل الجزائر وخارجها، حيث يتم استعماله من قبل الفلاحين منذ السبعينيات؛ باعتبار أن صيانته سهلة، ومحركه بسيط. كما صُمم على طريقة التكنولوجيا الألمانية.