الجزائر

جبهات ثلاث تنتظر "قتال" السلطة في الجزائر



جبهات ثلاث تنتظر
لم يتبق في جعبة الحكومة الكثير من احتياطات الصرف بعد الهزة التي ضربت أسعار النفط وتراجعها إلى مادون الخمسين دولارا، وهو انهيار لم يكن في الحسبان. وفي هذا الظرف الاقتصادي المشحون تطل من الجبهة الشرقية للبلاد هواجس أمنية أخطر من تلك التي عانت منها في منطقة الساحل على إثر انهيار الحكم في مالي، فضلا عن جبهتي الأمن والاقتصاد، فإن حراك الداخل السياسي ومطالب المعارضة بالحوار والإصلاح باتت تشكل تحديا آخر سيكون محرجا إن لم تتم معالجته وفق توافق سياسي بين كافة الشركاء. ولم يتبق الكثير في جعبة الحكومة من احتياطات مالية يمكن أن تواجه بها فارق الأسعار التي باتت تهدد التوازنات الاقتصادية الكبرى وسياسة التهدئة الاجتماعية التي أطلقتها الحكومة منذ انتفاضة الزيت والسكر حيث ضخت أموالا طائلة لشراء السلم الاجتماعي، وقد اعترف تقرير لأحد خبراء البنك الدولي بأن الجزائر نجحت في تجنب ما يسمى الربيع العربي بفعل تلك السياسة. الرئيس بوتفليقة ولتدارك الوضع على الجبهة الخارجية شرع منذ أسابيع في إرسال مبعوثين إلى قادة الدول المنتجة للنفط خارج وداخل منظمة الأوبيك. ويرى البعض أن الجزائر تراهن فعلا على نتيجة إيجابية قد تكبح المؤشرات المنخفضة لأسعار النفط لترتفع عند حدود معقولة تجنب دولا كثيرة مثل الجزائر انتكاسة سياسية واقتصادية واجتماعية، ومن الواضح أن أي استمرار لتراجع أسعار النفط قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الجبهة الاجتماعية التي تعاني توترا كبيرا بفعل الإضرابات في قطاعات عدة كالتربية والصحة والتعليم العالي، فضلا عن انتفاضة الجنوب ضد الغاز الصخري. وقد ترجمت الاجتماعات الخاصة التي ترأسها بوتفليقة لأكثر من مرة حرص السلطة على المسك بالملف الاقتصادي بطريقة لا تحتمل الأخطاء التي قد تزيد من تعميق أزمة تداعيات أسعار النفط. أما على الجبهة السياسية فإن مواصلة المعارضة تحريك قطع الشطرنج في الجنوب باستغلال حالة الغضب الشعبي على عمليات البحث واستغلال الغاز الصخري، هذا التحريك أصبح حالة مزعجة للسلطة التي اعتمدت مؤخرا حزب المرشح السابق للرئاسيات علي بن فليس وهو واحد من محركي تنسيقية الانتقال الديمقراطي، لكن الأكيد أن أمرا لا تعرفه سوى السلطة ومن يدور في فلكها ويخص مستقبل هذه التنسيقية التي باتت مهددة بالانفجار في أي لحظة، ولعبة تفكيك القطع التي تحركها المعارضة من اختصاص السلطة في بلادنا، وهي لا تراهن على تفكيك المعارضة أو تجريدها من أسلحة الهجوم، بل تراهن أيضا على تراجع الفعاليات الرئيسية في المعارضة نحو الفعل الفردي بعيدا عن التحرك الجماعي، ولا يمكن للمعارضة المتفككة والباحثة عن المكاسب أن تتمكن من رأس السلطة في مثل هذه الظروف التي تحرك فيها الحكومة ومن ولاها كل شيء.أما على الجبهة الأمنية فتلك مسألة تشكل إجماع داخلي لا يختلف حوله الجزائريون، حيث الوضع في ليبيا يهدد بتمدد جند الخلافة وهوتنظيم موالي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" الذي أعدم قبل أيام 21 شخصا من أقباط مصر، مما دفع نظام السيسي إلى تنفيذ ضربة جوية بحق داعش في ليبيا. التطورات تجر الملف الليبي نحوالتدخل العسكري، وفيما كانت الدبلوماسية الجزائرية تحرص على إقناع فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية بتفادي الحل الأمني، جاءت الضربة من مصر التي تدرك جيدا إلى أين سيسير الوضع الليبي بعد ذلك، وهوما دفع بالجزائر إلى تنفيذ جملة من الإجراءات الأمنية العاجلة لضمان أمن الحدود، وإذا كانت الجزائر قد تمكنت من التحكم في الوضع بمنطقة الساحل وعلى الحدود مع تونس فإن الحالة الأمنية تفتح بابا واسعا أمام المزيد من الحرص على أن لا يكون هذا الباب وابلا من المشاكل الأمنية الحادة على بلادنا.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)