الجزائر

جامعة بلا ورق..الثّورة الرّقمية تنتصر



إصلاحات عميقة غير مسبوقة في قطاع التّعليم العالي
لعلّ أبرز ما ميّز السنوات الأربع الماضية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي هو تعزيز مكانة الجامعة، حيث سعى رئيس الجمهورية استرداد المكانة الحقيقية للجامعة كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومؤسّسة مفيدة في خدمة الاقتصاد والمجتمع، وذلك بوضعه قيد التنفيذ مشاريع كبرى لم تعرفها الجزائر منذ الاستقلال، ترمي إلى جعلها قاطرة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومحرّكا رئيسيا لاقتصاد المعرفة.
أولى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون منذ رئاسته للبلاد، عناية خاصة بقطاع التعليم العالي في شقّه البيداغوجي والخدماتي، وهو ما برز خلال السنوات الأخيرة من قرارات وإصلاحات جوهرية بدأت ملامحها تتجسد وتتحقق في الميدان، حيث ركّز والتزم الرئيس في برنامجه الانتخابي بإصلاح الجامعة الجزائرية ومعالجة الاختلالات التي شابتها.
مكّنت الإصلاحات التي قام بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال أربع سنوات من حكمه البلاد، من إرساء أسس ودعائم جديدة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، حيث شهدت الجامعة حركية وفاعلية حقيقية، واضعة بذلك حدّا لركود دام طويلا، بعد أن تمّ فتح الآفاق أمام الجامعة كي تستعيد مكانتها الطبيعية في البناء الوطني، واستطاعت الجامعات الجزائرية تجسيد جزء كبير من تعهّدات ورؤية الرئيس في هذا المجال.
بداية الإصلاحات كانت بمنح الاستقلالية للمؤسسات والمراكز الجامعية، ومنح سلطة التقدير لرؤساء الجامعات بغرض تكثيف عروض التكوين ونشاطات البحث العلمي مع الرؤية الجديدة، إضافة إلى استحداث قطاعات وزارية جديدة، تمكّن الطلبة وخريجي الجامعات، أصحاب الفكر الابتكاري من تجسيد مشاريعهم.
ولتحقيق هذا المشروع، تمّ تأسيس وزارة لاقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، وتمّ إصدار قوانين ونصوص تنظيمية لتهيئة البيئة الحاضنة، التي تمكّن حاملي أفكار المشاريع من تجسيدها في وقت وجيز، وبجهد ونفقات أقل، ولكي تنجح الجامعة في هذا المشروع الكبير، أعطى رئيس الجمهورية توجيهات من أجل القيام بإصلاحات عميقة على مستوى المؤسسات الجامعية لجعلها مؤسسة مفيدة، يمكن أن تساهم في إنتاج الثروة من خلال التركيز على التكوين في العلوم الدقيقة والتكنولوجية وتطوير البحث التطبيقي، وإعادة النظر في خريطة التخصصات الجامعية، بحيث يصبح التكوين بحسب الطلب، وبحسب حاجيات القطاعين الاقتصادي والاجتماعي.
وبالفعل بدأت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كقطاع معني باقتصاد المعرفة، إلى جانب قطاعات أخرى مثل التكوين المهني والمؤسسات الناشئة والمصغرة والصناعات الصيدلانية، في تجسيد هذه الإصلاحات، وتمّ إنشاء مدرستين للذكاء الاصطناعي والرياضيات، ومدرسة للفلاحة الصحراوية، كما أنّ المشاريع قيد التنفيذ تصب كلها في تشجيع المقاولات المبنية على الأفكار العلمية وعلى الاختراع، مثل مشروع شهادة مؤسسة ناشئة وشهادة براءة اختراع، ومشروع طالب خمس نجوم، من أجل تشجيع التكوين المكتمل للمتخرج من الجامعة.
توظيف 8 آلاف أستاذ جامعي
في سبيل الحديث عن الإنجازات والقرارات، فإن أهم قرار اتخذه رئيس الجمهورية هو توظيف أزيد من 8000 أستاذ جامعي قسم "ب" بهدف إرساء الاستقرار الاجتماعي في قطاع التعليم العالي، وأعاد الأمل للدكاترة البطالين الذين عانوا من شبح البطالة لسنوات عديدة، فلأول مرة في تاريخ الجامعة، أمر الرئيس تبون بفتح مسابقة توظيف لحاملي الماجستير والدكتوراه، وأمر أيضا بمراجعة أجور أساتذة التعليم العالي والباحثين الجامعيين على اختلاف درجاتهم العلمية، وهو ما سيصبح واقعا مطلع 2024.
ومن بين القرارات المهمة أيضا دعم نظام "أل أم دي"، فكان القرار حاسما وبداية لورشة من الإصلاحات التي تنتظر القطاع، خاصة وأن الرئيس تبون شدّد على إصلاح هذا النظام بصفة دقيقة من أجل تدارك الثغرات التي شابت نظم التعليم في الجامعة الجزائرية.
الرّقمنة..لتحقيق صفر ورق في التّعاملات
وبتعليمات من رئيس الجمهورية، تمكّن القائمون على القطاع تنفيذ المخطط الرئيسي الذي يستند على 7 محاور استراتيجية كبرى، منها إدراج الرقمنة في مختلف الجوانب البيداغوجية منها والخدماتية، وأطلق القطاع منصات رقمية من شأنها تسهيل التعاملات بين فواعل الأسرة الجامعية، ونجح في اعتماد سياسة صفر ورق في جميع مراحل التسجيلات البيداغوجية، وتلقين ثقافة الدفع الإلكتروني لجميع الأطوار في الجامعة، ممّا جعل القطاع يقدّم نموذجا في استخدام الرقمنة.
إضافة إلى منصة رقمية خاصة بمتابعة الإشراف على الأطروحات وأخرى خاصة بتربصات الإداريين والتقنيين، ومنصّة رقمية خاصة بتسيير وتسهيل حركية الطلبة من وإلى الجزائر التي تشهد تزايدا في وتيرتها.
حرصت الوزارة الوصية على تحسين قطاع الخدمات الجامعية، حيث أطلقت عديد المنصات الرقمية قبل التحاق الطلبة بالإقامات الجامعية، وتتعلق هذه المنصات بتوزيع تذاكر الإطعام من خلال تقنية التعرف على وجوه الطلبة، وتسمح هذه الخدمة التي دخلت حيز التنفيذ خلال الموسم الجامعي الحالي، بتسهيل عملية حصول الطلبة على تذكرة الطعام من جهة، وتساهم في مراقبة تسيير الخدمات من قبل المسؤولين من جهة أخرى، إضافة إلى إطلاق منصة رقمية تساهم في تعزيز الأمن بالإقامات الجامعية من خلال مراقبة دخول وخروج الطلبة عبر تقنية البصمة الإلكترونية، فضلا عن منصات تراقب تسيير مصلحة النقل، ومنصات أخرى لتعزيز الأمن في الأحياء الجامعية.
اعتماد الإنجليزية في التّدريس
ورفع منحة الطّالب
وتمكّنت الجامعة الجزائرية من خلال الإصلاحات الخاصة بالقطاع من تعزيز اللغة الانجليزية، حيث تقرر اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة للتدريس في الجامعات الجزائرية، ابتداء من هذا الموسم، وعلى هذا الأساس ألزمت الوصاية الطلبة الجديد تعلّم الإنجليزية من مختلف الوسائط الرقمية المناخية (من الفترة 20 جويلية إلى غاية 20 سبتمبر الماضي).
وفيما يتعلق بالشق البيداغوجي، فقد رفعت الوصاية من عروض التكوين، لتصل في الطور الأول إلى 104 عروض تكوين في الطور الأول و245 في الطور الثاني، ومن المنتظر أن يتم تعزيز هذه العروض الجديدة بملحقات تابعة للمؤسسات الجامعية، كما تم تسجيل أزيد من 10 آلاف فكرة مبتكرة، واستطاع الطلبة مناقشة 2400 مذكرة مؤسسة ناشئة، وكلها مؤشرات ثمّنها رئيس الجمهورية خلال لقائه بالشباب المقاول شهر نوفمبر الماضي.
ولتعزيز التخصصات الجديدة، تمّ استحداث عدة مدارس وطنية، فضلا عن تعزيز التعليم عن بعد وإدراج الشهادة المزدوجة التي تتيح للطالب دراسة تخصصين في آنٍ واحد، كما شهدت الجامعة تعزيز التكوين في ميدان علوم التكنولوجيا، وكذا في مجال الذكاء الاصطناعي.
ولتدعيم شبكة المدارس العليا، تعزّز القطب التكنولوجي بسيدي عبد الله بمدرستين جديدتين في العلوم والتكنولوجيا، ومدرسة وطنية عليا في الأنظمة المستقلة، كما تمّ تدعيم منظومة المدارس العليا للأساتذة في العلوم والتكنولوجيا بعيدة
وحرصا منه على تحسين الظروف الاجتماعية للطلبة، أمر الرئيس تبون بداية من الموسم الجامعي الجاري برفع منحة الطلبة من 1400 إلى 2000 دج شهريا.
ولتعزيز الرياضة الجامعية، أمر الرئيس بتنشيط الرياضة الجامعية والتظاهرات الثقافية التي من شأنها تنمية روح المواطنة والمبادرة لدى الطالب.
الجامعة تربط الطّالب بعالم الشّغل
عمل القائمون على قطاع التعليم منذ تولي عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر، على إرساء نظام قائم على الابتكار والبحث، يحفّز مختلف الفاعلين بالأسرة الجامعية على تحويل أفكارهم المبتكرة إلى مشاريع اقتصادية ناشئة منتجة للثروة ومناصب العمل، من خلال تحديد آليات إعداد مذكرة تخرج قابلة للتحويل إلى مؤسسة ناشئة، أو تمكن من إبداع براءات اختراع، وذلك بالتعاون مع الوزارة المنتدبة المكلفة باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات الصغيرة.
والمتتبّع للشأن الجامعي، يدرك تماما أنّ الانفتاح على المحيط الدولي أضحى يشكّل أهم تحديات الجامعة الجزائرية لتحقيق مسعى الجودة ومرئية الشهادات، حيث يسعى القائمون على القطاع إلى تكثيف التبادلات الجامعية، وتنويع اتفاقيات التعاون والتوأمة مع الجامعات الأجنبية.
وأطلقت الوزارة برنامجا خاصا لإنشاء أقطاب الامتياز ما بين الجامعات، في إطار مشروع جديد لجمع الجامعات وفق معايير محددة، وتمّ نصيب اللجنة الوطنية التنسيقية لمتابعة الابتكار وحاضنات الأعمال الجامعية.
وفي مجال البحث العلمي والبحث، ارتفعت براءات الاختراع، حيث بلغت 73 براءة اختراع، نشر منها 9874 مقال مفهرس في قاعدة بيانات (سكوبيس)، فضلا عن مشاركة 24 مشروعا دوليا في البحث والابتكار لباحثين دائمين بمراكز البحث الوطنية واستفادتهم من تمويل وطني وخارجي.
كما تمّ فتح عدة أرضيات إلكترونية للمساهمة في رقمنة القطاع، من بينها البوّابة الرقمية الموحدة للمجلات العلمية الجزائرية المصنفة والتي تضم 817 مجلة، وكذا إنشاء وحدات ومخابر وفرق بحث من طرف المؤسسات الاقتصادية، الجمعيات والمؤسسات ذات الطابع العلمي.
إصلاح الشّق الخدماتي
وبتعليمات من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي برنامجا خاصا لإصلاح المنظومة الجامعية في جوانبها المتصلة بالنقل والإيواء والإطعام، وكذا فتح التكوين فيما بعد التدرج للراغبين في ذلك، مع تأكيده على وجوب التوجه نحو استقلالية الجامعات وتفتحها على العالم الخارجي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)