أليس حري بنا اليوم، ونحن نحتفل بالذكرى السابعة والخمسين لتفجير ثورة التحرير المباركة، أن نعيد إنتاج توصيفات جديدة لمفهوم الوطنية، الذي مُيـّع على امتداد عقود، ولوثه الأفاقون والسراق والممتطون لجياد الثورة المباركة بعد ترجل المجاهدين الحقيقيين المنهكين، ببضع توليفات لفظية منافقة تطلق عند كل مناسبة في شتم ''سلسفيل'' فرنسا وفي مجاهرتها بالحرب والعداء، وهم في السر يعالجون ويستجمون ويتسوقون ويدرس أبناؤهم المدللون فيها، حتى إن بعضهم يروي نكتة عن أحد أساطين ''الأسرة الثورية'' الذي يقل الطائرة باتجاه باريس بعد كل حلاقة يصيب وجهه فيها بجرح سطحي وبسيط.
هؤلاء المتلونين و''الخبزيست'' و''الفرامجية'' شوهوا أيضا مفهوم الوطنية عندما ربطوها بمصالح بطنية دونية ''حقيرة'' من قبيل تراخيص المقاهي والبارات و''الطاكسي'' واستيراد السيارات. وشوهوها أيضا عندما قسموا الشعب الجزائري إلى طائفتين، الأولى منحت لنفسها كل الحقوق لأن أفرادها نجحوا في استخراج بطاقات تثبت مشاركة الكثيرين منهم ''إداريا'' فقط في ثورة التحرير، أما الثانية فسحبت منها كل الحقوق لأن أفرادها لا يحوزون على البطاقة السحرية التي تؤكد مساهمتهم ''الإدارية'' في دحر الاستعمار. ولولا ثقل التاريخ ووزن الحقيقة لضم ''المرحـّل'' محمد بوضياف إلى الفئة الثانية لأنه مات وليس في جيبه وثيقة رسمية صادرة عن وزارة المجاهدين تثبت انتماءه إلى جيل الثوار.
إرجاع الثقة إلى الجزائريين في عبقرية ثورتهم واعتزازهم برموزها وعشقهم لما آلت إليه من حرية وكرامة وسيادة و''نيف'' يمر اليوم حتما عبر إعلان الثورة على مختطفي الثورة.. ثورة هادئة ومتمدنة وذكية تتفجر في المنتديات وفضاءات المجتمع المدني ومساحات الإشعاع الثقافي والفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والإعلامي، السلاح فيها القلم والريشة والكلمة القوية الصادقة، تكشف زيف منتحلي صفة الوطنية وتفضح نفاقهم وتسقط أوراق التوت عن عوراتهم.
الوطنية في 1 نوفمبر 1954 كانت حمل البندقية لإرغام المحتل على الخروج صاغرا ذليلا من الجزائر، أما الوطنية في 1 نوفمبر 2011 فهي حمل الكلمة القوية الصادقة لإرغام جحافل الانتهازيين على الخروج من دواليب صناعة القرار.. إنه المفهوم الجديد الذي لا مناص لنا اليوم من إنتاجه لعلنا نحتفل في السنوات القادمة بذكرى ثورة التحرير بعيدا عن طقوس ''سي المخلوف'' و''كرنافال في دشرة''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 01/11/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : محمد بغالي
المصدر : www.elkhabar.com