الجزائر

ثلث الجمعيات تنشط على الورق فقط! 800 ألف تنظيم معتمد بينها 80 ألف محلي



ثلث الجمعيات تنشط على الورق فقط!                                    800 ألف تنظيم معتمد بينها 80 ألف محلي
تشدد مراجع على صلة بمنظومة الحركة الجمعوية في الجزائر، أنّ البلاد أضحت تستوعب في النصف الأول من العام الجاري ما يربو عن 800 ألف جمعية معتمدة بينها 80 ألف تنشط على مستوى البلديات والولايات، بينما تتوزع أخرى على مناحي نقابية، رياضية وجوارية.
بيد أنّ المثير الذي يكشف عنه فعاليات تحدثت ل «السلام»، أنّ ثلث هذه الجمعيات تنشط على الورق فقط، ما يستدعي تصحيح مسار وتكفل من نوع مغاير للنشاط الجمعوي الذي يتخذه البعض مظلة لاستنزاف الأموال وممارسة سلوكيات مشبوهة.
مرافعات لتكفل هيئة «باباس»بالنشاط الجمعوي
تباينت ردود أفعال ساسة ورجال قانون ورؤساء الجمعيات المعتمدة بالبلاد من سيرورة الحركة الجمعوية منذ إقرار القانون الجديد 06/2012 الذي جاء ضمن حقبة الإصلاحات السياسية والتشريعية التي أجراها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتطبيقاته مقارنه بقانون 90/31، فهناك من ثمنه واعتبره بمخلص النشاط الجمعوي من التبعية للأحزاب السياسة فيما فتح آخرين النار على الإدارة التي تعمدت بحسبهم عرقلة تطبيق بنوده وبالتالي الحيلولة دون مساهمته في إعادة بعث النشاط الجمعوي وتفعيله كبديل لعمل التشكيلات السياسية التي فشلت في احتواء الشعب، والبقية رأو بأن القانون الجديد بحاجة إلى مراسيم تنفيذية ومجلس وطني يتكفل بتسيير الحركة الجمعية مرافعين لصالح تكفل المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي بالمهمة.
تأطير ناشطي الجمعيات.. حتمية تفرض نفسها
رافع «حسين خلدون» الرئيس السابق للجنة الشؤون القانونية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني لصالح إنشاء هيئة وطنية تكون بمثابة مجلس مختلط يضم ممثلي عن كل من الجمعيات المعتمدة والإدارة المركزية وكذا الوزارات، حيث توكل إليه مهمة تأطير الحركة الجمعوية ومنحها الاعتمادات بالتنسيق مع المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي.
وشدد الرئيس السابق للجنة الشؤون القانونية والحريات بالغرفة السفلى على تكفل المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي الذي يرأسه باباس بالحراك الجمعوي بالبلاد، مقترحا أن تتحول الجمعيات ومختلف مكونات المجتمع المدني من نقابات وتنظيمات إلى فروع ل»الكناس» على غرار ما هو معمول به دوليا أين ظهرت المنظمات غير الحكومية التابعة لهيئة الأمم المتحدة، مستعرضا تجربة الدول الأجنبية والاتحاد السوفياتي الذين راهنوا على أداء الجمعيات وجعلوها «بديلة» عن الأحزاب، حيث فتحوا المجال لنشاطها بعدما أثبتت مختلف التشكيلات السياسية فشلها في احتواء الشعب والاكتفاء بالالتفاف حوله عند المحطات الانتخابية.
وعاد «حسين خلدون» للحديث عن مضمون قانون الجمعيات الجديد بعدما اعتبره بأنه جاء كمحطة تقييمية لتقييم إفرازات جملة من اختلالات الجمعيات الغير المؤطرة والتائهة على حد تسميته لها واصفا في تصريحاته ل»السلام» قانون 06/2012 بالمخيب للآمال مضيفا «كنا ننتظر منه أن يقضي على اختلالات قانون 1990الذي فتح المجال لبروز أكثر من 90 ألف جمعية»، مستطردا: «جاء في ظروف الانفتاح الديمقراطي والسياسي» وخلق عدة إرهاصات عجز الجمعيات المعتمدة عن أداء رسالتها بسبب انعدام الإمكانيات والوسائل وتأتي في الصدارة بحسبه معضلة المقرات، مبرزا في سياق حديثه الفراغات القانونية التي استغلها بعض «الانتهازيين» بعدما لجأوا الى استئجار مقرات مؤقتة وخدمة مصالحهم ليقرروا بعدها توقيف نشاطات جمعيتهم التى تتسم بالموسمية بالرغم من المنطق يستلزم أن تزول الجمعيات بزوال مقراتها.
كما اعترف ذات المتحدث باستحالة تمكن وزارة الداخلية من مراقبة نشاط جميع الجمعيات المعتمدة على المستوى الوطني لشساعة مساحة البلاد وعدد الجمعيات، متوقعا أن يرتفع تعداد الأخيرة في ظل القانون الجديد الذي يشجع في شقه الإيجابي الجمعيات ذات المصلحة العامة حيث تحضي بإعانات مالية من قبل الدولة في مقابل دفتر شروط على غرار الهلال الأحمر والكشافة الإسلامية.
وفيما يتعلق بتأخر حصول بعض الجمعيات على الاعتماد أوضح حسين خلدون بان الإشكال لا يكمن في الاعتماد بل إلى النظام التصريحي «من المفروض أن يكون تقديم ملف الاعتماد إلى الإدارة آخر مرحلة، بحيث يسبقه النظام الإعلامي للعمل الجمعوي المعمول به في الأنظمة الديمقراطية» واصفا الاعتماد بالعقد»الكاشف» وليس «المنشأ».
واستحسن ذات المتحدث، ما تعلق بإعطاء الإدارة للراغبين في تأسيس جمعيات في تقديم طعونهم في حالة رفض الوصاية لطلباتهم، حيث يعتبر عدم ردها على الطلبات المودعة قبولا غير أنه ربط استحسانه بإصدار السلطة لمراسيم تنفيذية وتنظيمية توضح من خلالهما بعض النقاط المبهمة بالقانون 06/2012.
محمد حديبي: «حل الجمعيات مساس صارخ»
من جانبه فتح محمد حديبي الناطق الرسمي باسم حركة النهضة النار على التعديلات التي طالت قانون الجمعيات رقم06/2012المعدل والمتمم لقانون 90/31، مؤكدا في تصريحاته ل»السلام»بان بنود القانون تعرقل من مهام وحريات الحركة الجمعوية بالبلاد والتي يفوق تعدادها بحسب أقواله800ألف جمعية منها 80 ألف محلية بعدما ذكر بموقف التشكيلة السياسية التي ينضوي تحت لوائها فيما يتعلق بتأخر الإدارة في الرد على طلب العيد من الأشخاص فيما يتعلق بتأسيس جمعياتهم طبقا للقانون الجديد، مضيفا: «باتت بيروقراطية الإدارة تربط عملية منحها الاعتماد بدرجة ولاء مؤسسي الجمعيات لتشكيلات سياسية معينة» مستطردا: «توظف لأجندة أحزاب السلطة وفقا لمنطق الولاء».
ورجع حديبي للحديث عن قانون الجمعيات وعن مواده التي تعطي للإدراة المركزية أو اللامركزية الحق في حل الجمعيات بقرار إداري وهو ما اعتبره ذات المتحدث بالتدخل الصارخ في الشؤون الداخلية للجمعيات، واصفا إياها بالممارسات القمعية ضد الحريات والمبادرات الإنسانية والتي تتنافى برأيه مع مبادئ وقيم الأنظمة الديمقراطية الدولية في إشارة منه إلى أن الإدارة تمارس دور القضاء عليها نيابة عن الهيئات القضائية وهو ما يراه ذات المتحدث بمساس بأهم بند من بنود تسير المؤسسات الجزائرية القائم على مبدأ الفصل بين السلطات بعدما حمل الوصاية مسؤولية الحركات التصحيحية أو التقويمية باختلاف تسمياتها التي تظهر داخل بيت الحركة الجمعوية في حالة خروجها من أجندتها السياسية والأمر نفسه داخل التنظيمات ومختلف شرائح المجتمع المدني حيث استشهد محدثنا بالدولة البريطانية التي تمنح الاعتماد ل100أشخاص عكس الجزائر التي تشترط تواجد فروع لها عبر معظم القطر الوطني وآلاف من المنخرطين.
وعن تقيمه لنشاط الحركة الجمعوية بالبلاد انتقد العضو القيادي بحركة النهضة أداء الجمعيات مبديا عدم رضا تشكيلته السياسية على هذه الأخيرة، حيث يرى بأن من مجموع الآلاف من الجمعيات الوطنية المتواجدة على الساحة الوطنية توجد أربعة جمعيات تنشط فعليا، في إشارة منه إلى أن البقية تستغل في تسخين المحاطات الانتخابية وأخرى موسمية تظهر في مناسبات معينة من اجل خدمة مصالحها الشخصية دون أخذها انشغالات ومشاكل الشريحة التي تمثلها بعين الاعتبار.
استخلاص الدروس يمرّ بتأطير ناشطي الجمعيات
قال قاسا عيسي الناطق الرسمي باسم الآفلان بأن قانون الجمعيات الصادر في بداية السنة الجارية اخذ بعين الاعتبار تجربة التسعينات حيث أعطى فرصة للتحسين مشددا بان عملية الإصلاح دائمة ومستمرة.
وأبرز العضو القيادي بالمكتب السياسي للحزب جبهة التحرير الوطني في تصريح ل»السلام» الجوانب الإيجابية التي تضمنها القانون المعدل لقانون 90/ 31 والمتعلقة بظهور جمعيات بلدية لم تكن موجودة من قلب فضلا عن كون رئيس البليدة التي تنشط في نطاق إقليمه من يمنح لها الاعتماد، موضحا في سياق حديثه تكفل الوالي بمنح الاعتماد للجمعيات الولائية فيما ترجع الجمعيات الوطنية الى اختصاص وزارة الداخلية والجماعات المحلية التي كانت في القانون القديم الهيئة الوحيدة التي تتمتع بصلاحيات النظر في طلبات منح الاعتماد للحركة الجمعوية من عدمها.
قسنطيني: «قانون 06/2012 استوعب اختلالات 90/31»
من جانبه اعتبر فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، بأن قانون الجمعيات 06/2012 الصادر في جانفي 2012، استوعب الاختلالات التي جاء بها قانون 90/31 حيث ثمن النقيب قسنطيني مضمونه بقوله «لا توجد مشاكل وموانع لتشكيل وتكوين الجمعيات عكس الماضي»، مؤكدا بأن الحركة الجمعوية بالبلاد في تحسن وتطور مستمرين، حيث تعمل القوانين على التكيف مع المستجدات الحاصلة على الساحة الوطنية والدولية في إطار ديمقراطي.
محاذير التمويل الخارجي وتدخلات الإدارة
قال مصطفى نواسة الأمين العام للاتحاد الطلابي الحر، بأن قانون الجمعيات الجديد زاد بعض القيود على نشاط الجمعيات من ناحية التمويل، مشيرا الى أن وزارة الداخلية تتدخل في مصادر تمويل الحركة الجمعوية وبالأخص ما تعلق منها بالخارجية، حيث لا يحق للجمعيات الحصول على الدعم الخارجي إلا بموافقة الوصاية.
وأوضح نواسة في تصريحات ل»السلام»بان تنظيمه وعديد الجمعيات تتحصل على تمويل في شكل مساعدان تتلقاها من قبل مؤسسات متواجدة بالاتحاد الأوروبي وإفريقيا والعالم العربي بالإضافة الى مؤسسات الأمم المتحدة،مقللا من تخوف السلطات من تمويل الهيئات المذكورة أنفا بقوله»كان بإمكانها مراقبة تمويل الجمعيات بمجرد إخطار صاحبة الشأن»، مضيفا «نحن نحضر لمجموعة من المقترحات سنضعها على طاولة الداخلية فيما يتعلق بقضية تلقي التمويل الخارجي».
وفي موضوع جديد ما حمله قانون 06/2012 مقارنة مع قانون31/90 ثمن نواسة تحذير وزارة الداخلية للأحزاب السياسية من مغبة استغلال الجمعيات، مؤكدا بأن معظم التشكيلات السياسية كانت تستثمر فيها وفي وعاء التنظيمات في كل محطة انتخابية، وبأنها لا تزال تسعى الى استقطابها وهو ما اعتبره بأنه انحراف عن مسار العمل الجمعوي بالبلاد.
رئيس جمعية «جزائر الخير»: «يجب تكييف القوانين مع مهام العمل الجمعوي»
أشاد «علي بن الأخضر» رئيس جمعية «جزائر الخير» التي حصلت على اعتمادها في نهاية شهر جوان الماضي بقانون الجمعيات الجديد الذي حمل على حد تعبيره تحسينات من الناحية القانونية، فضلا عن كونه حدد أكثر من سابقه طبيعة الجمعيات الوطنية والمحلية والجهوية من خلال المدة التي تستغرقها وزارة الداخلية والهيئات اللامركزية الممثلة في الولاية والبلدية في منح الاعتماد بقوله «تستغرق مدة دراسة ملف منح الاعتماد للجمعيات الوطنية شهرين والجهوية 45 يوما والولائية 30 يوما والمحلية 15 يوما»، بالإضافة إلى كونه وضح إجراءات تعامل مسؤولي الجمعيات الراغبة في إنشاء فروع لها بالخارج أو بالعمل مع نظيراتها الأجنبية ومع الجهات الداخلية للوطن والخارجية.
واعترف رئيس جمعية «جزائر الخير» الاجتماعية الخيرية، بأن قانون 06/2012 لم يحقق مقترحات الحركة الجمعوية مبرزا العراقيل التي تواجهها مع الإدارة وتسييرها الذي يربط العمل الخيري وعمل الجمعيات بترسانة القوانين التي تشترط على مسؤولي الجمعيات الحصول على تراخيص ومبررات في حالة طلبها إقامة نشاط معين يصب في إطار طابعها، مطالبا بضرورة تكيف القوانين مهام المجتمع، مضيفا «نضطر في كثير من المرات إلى إلغاء برامجنا وخرجاتنا بعدما يتعذر علينا الحصول على مقر».


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)