الجزائر

ثقافة الكذب على النفس••



الثقافة كما عرفها مالك بن نبي هي تلك المنارة التي تبرق بضوئها على الجانب المظلم من جزيرة عقولنا لتنيرها بنور المعرفة، لكن الحياة علمتنا أن هذا الضوء يختلف وهجه وأثره باختلاف العقول، هناك من سعى للثقافة فتشبع منها واستعملها سراجا وهاجا ينير طريقه فتراه إذا حدث أقنع وإذا تعلم عمل وسعى لتجسيد ماعقل، وهذا هو حال غيرنا مع الثقافة، فثقافتهم الكروية مثلا جعلتهم يسهرون على تجسيد الوعي الذي وصلوا إليه في أرض الواقع، فراحو يجتهدون لتطوير كرتهم فمنهم من أصاب ومنهم من أخطأ السبيل لكنه مازال مثابرا في اجتهاده، إلا نحن فقط سلكنا غير دربهم وتتبعنا ثقافة غير ثقافتهم، ثقافة من نوع آخر ومفصلة على مقاس الجوانب المظلمة من عقلنا، ثقافتنا هي ثقافة الكذب على النفس والتي تبنيناها ورفعناها شعارا فتجذرت فينا حتى انقلبنا كمن يكذب كذبة ثم يصدقها، ثقافة كانت بدايتها من تلك الزيارات الميدانية للمسؤولين، حيث تقام الأعمال على قدم وساق لتزيين ماتقع ناظريه عليه وفقط، وحتى التزيين يكون بالبريكولاج، أفليس كذبا على النفس من طرف المزين والمزين له، فالمزين يوهم مسؤوله ونفسه بأن الأمور على أحسن مايرام والمسؤول يعلم ذلك ولكنه يسايره في كذبه بل يزيد عليه ويبرع في الكذب على النفس لتختتم الزيارة على وقع أنغام عبارات المدح والثناء والإغداق بالهدايا والميزانيات التي تصرف من أموال الشعب ···· هذا مورد ثقافتنا في الكذب على النفس والتي ضربنا لها مضربا في واقعنا الرياضي، حيث أبدعنا في الكذب على أنفسنا حتى صحونا على واقع مرير أدخلنا في غيبوبة رياضية ··· أليس كذبا على النفس لما نقول إن للمحليين مكان في المنتخب الوطني وهم الذين أهدرو الفرصة تلوى الأخرى فحتى هداف البطولة لم يبلغ عتبة ال17 هدفا، أليس كذبا على النفس لما نتغنى بمحترفينا ونقول إنهم خيرة لاعبي الكورة في العالم لدرجة أننا صرنا نراهم أفضل من كريستيانو وميسي وماتري؟أليس كذبا على النفس لما ننساق بأحلامنا بعيدا ونقول إننا أفضل منتخب في العالم حتى صرنا نعاتب لاعبينا لأنهم لم يفوزوا بكأس العالم، أليس كذبا على النفس لما نقصد الملعب لنشجع أندية تبخلنا في المتعة الكروية وتزيد همنا هما على هم، أليس كذبا على الأنفس لما نهمل مواهبنا وننساق وراء استيراد الجاهز من وراء البحار، أليس كذبا على النفس لما نتغنى بامتلاء خزيتنا ورقا وفضة ونحن لا نملك ملعبا واحدا يحفظ ماء وجه كرامتنا، أليس كذبا على النفس لما نتغنى بالاحتراف وهو بريئ منا براءة الذئب من دم سيدنا يوسف عليه السلام، أليس كذبا على النفس لما نضيع المباراة بأرجلنا ونلقي اللوم على الحكم·
هكذا نحن لم نأخذ من الثقافة الا الكذب على النفس فتفرغنا لها وعملنا جهد أيامننا على أن لا نلتقي بالواقع المرير لأنه مظلم وحالك ولأنه ليس هناك من يأخذ على عاتقه تسليط ضوء المنارة على غياهب عقولنا الحالكة والظلمة لذلك سنبقى في غفلتنا نعيش أوهاما لن نصحو منها إلا على وقع تتويج الغابون وغينيا واتو تنزانيا بكأس إفريقيا أو كأس العالم وسننبهر ببنيتهم التحيتية في عالم الرياضة وذلك ليس ببعيد لأني أذكر أن غينيا وتانزانيا كانوا يقيمون الليالي الملاح لما ينهزمون أمامنا
بأخف الأضرار لكنهم أصبحوا يستأسدون علينا في عقر دارنا، وبالأمس القريب كانوا يتسابقون لأخذ الصور في ملاعبنا وأعينهم مدهوشة من عظامة ملعب 5 جويلية لكنهم الآن أصبحوا يشتكون من عدم ملاءمة ملاعبنا لممارسة الكورة لما يحلون بأراضينا ذلك أن ملاعبنا تجاوزها الزمن بينما ملاعبهم واكبوا العصر·
فلنستمر في الكذب على أنفسنا حتى نستفيق على واقع مرير يعصف بنا ويبعثنا في غيبوبة رياضية لن نفيق منها أبدا··· لأننا كما قال صاحب مقولة (الحمد لله أنكم لم تضعوا الحذاء في الثلاجة : بطولة قريقش لن تكون حلوة إلا تهريجه ومنتخب الغلابى لن يستقيم إلا بتولي أموره واحد من الغلابى وملاعبنا لن تواكب العصر إلا إذا تسلم زمام أمرها من أفنى عمره على مدارجاتها وعانى الويلات لتشجيع منتخبه أو ناديه·
* العضو: ناس تفهم فالبالون/ منتديات كرة جزائرية


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)