الجزائر

تواصل معرض دليلة دالياس بوزار بالمعهد الفرنسيهل النسيان العلاج الأمثل لمداواة جروحنا؟




لم ينتظر وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان طويلا ليؤكد أن سبب تأجيل المناورات العسكرية التي كان من المقرر تنظيمها بين قوات إسرائيلية وأمريكية الربيع القادم كان بسبب التوتر وعدم الاستقرار الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط على خلفية البرنامج النووي الإيراني.
وقال ليبرمان إن ''الجميع يعلم انه كان من الضروري إرجاء هذه المناورات بسبب انعدام الاستقرار السياسي والإقليمي والتوتر في كامل المنطقة'' ولكنه أكد أنها ستنظم نهاية العام الجاري''.
وذهبت تأكيدات ليبرمان إلى نقيض التبريرات التي قدمتها إسرائيل أول أمس عندما أرجعت تأجيلها إلى عجز في الميزانية وخاصة أنها كانت ستعرف تجربة مختلف أنظمة الاعتراض الصاروخية الإسرائيلية والأمريكية.
ولكن وسائل إعلام دولية أرجعت أسباب هذا التأجيل الى خلافات أمريكية-إسرائيلية حول طريقة التعامل مع الملف النووي الإيراني في ظل سعي إسرائيل الى تغليب الخيار العسكري لحسم هذا الوضع بينما تعمل الولايات المتحدة على تشديد العقوبات الدولية ضد طهران.
وأكدت صحف إسرائيلية ان هذه المناورات التي من المفروض ان تكون الأضخم بين الجانبين بمشاركة آلاف الجنود الأمريكيين والإسرائيليين تهدف بالأساس إلى توجيه رسالة تحذير إلى إيران.
هذه الأخيرة التي هددت بغلق مضيق هرمز الذي يضمن مرور قرابة 40 بالمئة من صادرات النفط العالمي في حال قرر الغرب فرض عقوبات تحظر بيع النفط الإيراني.
وهو ما صعّد المخاوف من إمكانية اندلاع نزاع مسلح في منطقة الشرق الأوسط لن يضر بهذه المنطقة فحسب بل بالعالم اجمع.
وحول إمكانية شن إسرائيل هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية قال ليبرمان ان ''إسرائيل ليست مكلفة بمهمة، من المفروض ان يكون من واجب المجموعة الدولية ولكن يجب إبقاء كل الخيارات على الطاولة''، في إشارة واضحة إلى الرغبة الإسرائيلية الملحة في ان توجه المجموعة الدولية ضربة عسكرية لإيران التي تنظر إليها إسرائيل على أنها عدوها اللدود في المنطقة ويجب القضاء عليه.  وفي مسعى لإقناع المجموعة الدولية بالتصدي لإيران اعتبر رئيس الدبلوماسية الإسرائيلية ان ''إيران لا تشكل تهديدا فقط لإسرائيل وإنما أيضا بالنسبة لدول الخليج''. وزعم ان ''إيران هي المشكل رقم واحد كونها بسطت سيطرتها على العراق وهي تحاول فعل الشيء نفسه بالنسبة للعربية السعودية''.

تباينت المواقف والتصريحات بخصوص كيفية التعاطي مع الوضع في سوريا، فبينما راح البعض يؤكّد على تمكين الجامعة العربية من إتمام مهمة ملاحظيها قبل البت في أية خطوة لاحقة راحت بعض الأطراف المعارضة إلى إرسال وحدات عسكرية إلى هذا البلد أو التعجيل بتحرك مجلس الأمن الدولي من أجل اتخاذ موقف متشدّد إزاء النظام السوري لإرغامه على الرحيل.
وبين هذه المواقف بدأت دمشق تدرك صعوبة الموقف وراحت تكثر من رسائل التهدئة كان آخرها إصدار الرئيس بشار الأسد لقرار عفو رئاسي عن ''مقترفي الجرائم'' خلال المدة الممتدة ما بين منتصف مارس من العام الماضي ومنتصف الشهر الجاري والتي لها علاقة بالأحداث الدامية التي تشهدها بلاده.
ويبدو أن القرار وعدد من سيشملهم لم يرق لإرضاء الجامعة العربية التي رأت في ذلك وبطريقة غير مباشرة انه مجرد ذر للرماد على اعتبار أن من بين شروط الهيئة العربية إطلاق سراح كل الأشخاص الذين اعتقلوا على خلفية موقفهم من النظام الحاكم والمقدر عددهم حسب مصادر المعارضة بأكثر من أربعين ألف معتقل. ويكون ذلك هو الذي جعل الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي يؤكد في اتهام مبطن أن السلطات السورية لن تنفذ بشكل كامل الالتزامات التي أخذتها على عاتقها ضمن ما أصبح يعرف ببرتوكول الجامعة العربية حول سوريا. وهي تهمة شدد الأمين العام الاممي بان كي مون التأكيد عليها بالعاصمة اللبنانية أمس عندما أكد أن ''طريق العنف طريق مسدود''.
وتحمل تصريحات العربي وبان كي مون رسائل مشفرة باتجاه السلطات السورية وبما قد يمهد الطريق للانتقال إلى المرحلة الثانية في كيفية التعامل مع تداعيات الوضع في هذا البلد من خلال إرسال قوات عسكرية عربية تضع حدا لأعمال العنف المستفحلة في مختلف المدن السورية.
وبدأت فكرة القوة العسكرية تجد طريقها إلى التداول بعد أن طالب بها أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل الثاني واعتبرها الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى بالمقترح ''الهام جدا'' حاثا الدول العربية إلى مناقشته بهدف البدء في إيجاد آليات تجسيده ميدانيا. ولا يستبعد أن تحظى هذه الفكرة باهتمام خاص خلال اجتماع وزراء خارجية اللجنة العربية المكلفة بمتابعة الأوضاع في سوريا يوم السبت القادم لتقييم عمل بعثة الملاحظين ومعاينة تقاريرها النهائية حول مهمة انطلقت منذ 26 من الشهر الماضي وان كان الأمين العام للجامعة العربية أكد على مراجعة شاملة لعمل بعثة المراقبين العرب في سوريا ستجرى خلال اجتماع للجنة الوزارية. ولم يسبق أن سارت تصريحات مسؤولين عرب باتجاه الانتقال إلى تجسيد فكرة إرسال وحدات عسكرية إلى سوريا بقناعة أن العنف لم يتوقف والقتلى يسقطون يوميا وبوادر انفراج الأزمة ليست ليوم غد وفي موقف ضمني أن دمشق أخلت بالتزاماتها بإزالة كل مظاهر السلاح في المدن السورية ضمن بادرة حسن نية من اجل إنجاح مهمة الجامعة العربية. وعندما نعلم أن سوريا ستعارض معارضة قطعية مثل هذه الفكرة فإن الموقف العربي مرشح لأن يعرف تحولا نوعيا أيضا بما قد يفتح الباب واسعا أمام مجلس الأمن الدولي للتدخل وفرض منطقه بإرغام السلطات السورية على انفتاح ديمقراطي حقيقي.
ولا يستبعد أن يأخذ الموقف مثل هذا المنحى وخاصة وان فرنسا بدأت تتحرك بقوة من اجل الدفع بتبني قرار يخص الوضع في سوريا بعد أن انتقد وزير خارجيتها ألان جوبي أمس ''الصمت'' الذي التزمه مجلس الأمن الدولي بخصوص سوريا التي قال إن الوضع فيها ''لم يعد يطاق''. والانتقاد موجه بشكل مباشر إلى موسكو وبكين اللتين رفضتا إلى حد الآن كل فكرة لاستصدار قرار يدين السلطات السورية وهو ما جعل روسيا تتقدم بمشروع قرار طالبت فيه السلطة والمعارضة السورية على السواء إلى التزام التعقل والكف عن استعمال القوة وهي العبارة التي لم تستسغها الدول الغربية التي تريد من جهتها توجيه الاتهام إلى النظام السوري وتحمليه مسؤولية مباشرة على كل ما يجري هناك.

ضمن مهرجان القرين الثقافي الثامن عشر بالكويت، أحيت الفنانة الجزائرية نسيمة أمسية موسيقية وصفت بالطراز الفريد، حيث صالت وجالت بصوتها على وقع العود والقانون لتشجي الحضور بمسرح ''الدسمة''، ليبقى حفل الفنانة الجزائرية علامة مميزة في مهرجان ''القرين'' لما انطوى عليه من ألوان غنائية عدة ساهمت في تقريب المسافات بين شعوب عربية فرقتها السياسة وأبعدتها المسافات ولكن على أرض الكويت اجتمعت على حب الموسيقى.
في بداية الحفل أعربت نسيمة عن سعادتها للتواجد في الكويت متوجّهة بالشكر إلى المهرجان الذي أتاح لها التواصل المباشر مع الجمهور، ثم تراص أعضاء فرقتها على المسرح، لتشرع صاحبة الحس المرهف في فقرتها الأولى بمجموعة من الأغنيات الأندلسية، حيث قدمت ''أنا الحب'' للأمير عبد القادر، ''ساعة'' لابن حزم الأندلسي و''خلاص سيكا'' فتفاعل معها الجمهور، ثمّ انتقلت نسيمة إلى التراث الشعبي الجزائري، حيث شدت بأربع أغنيات لاقت استحسان الحضور هي ''ختن يا ختان'' من كلماتها وألحانها، ''يا بلارج'' من التراث الشعبي، ''راح الغالي'' من كلمات وألحان محبوب باتي وكذا ''مجّدت بلادي'' من كلمات وألحان نسيمة وعلقت عليها نسيمة قائلة إنها كتبتها ولحنتها عندما خرجت من الجزائر قبل سنوات، حيث عبرت من خلالها عن مدى عشقها لوطنها.
وفي الوصلة الثالثة من حفل الفنانة الجزائرية أدت مجموعة من الموشحات الصوفية بتمكن واقتدار فأشجت الحضور وخيمت على القاعة أجواء روحانية وقدمت ''ليلى'' للشيخ أحمد العلاوي، ''لقد زالت الحجب'' للشيخ أحمد العلاوي و''الحرم يا رسول الله'' للشيخ محمد بن مسايب، لتقدم في الوصلة الرابعة تحت عنوان ''مدلي''، أغنيتين هما ''يا أمي'' التي أثارت الشجن في نفوس الجمهور الذي تفاعل معها واتبعتها بأغنية ''قولو شهلة الأعيان''، قبل أن تختتم حفلها بأغنية الشيخ سليمان عازم ''أيا فروخ  إفرلس''.
وأجمع الحضور على أنّ الموسيقى تبقى لغة الشعوب المتحضرة التي تتحطّم على صخرتها الحدود بين الأمم لتجمع تحت لواء الابداع كل من تصبو نفسه للرقي والتحليق في أفق أرحب من الصفاء والبحث عن السكينة، فلتلك النغمات التي تعزفها أنامل مبدعين جبلوا على حب الفن ووقع السحر على الأنفس، حيث يجلس الحضور وكأن على رأسه الطير للاستمتاع بالمقامات المختلفة بغض النظر عن مدى الإلمام باللغة-.

من أجل خدمة أفضل وأسرع للمواطن، ومن أجل توظيف التكنولوجيا الحديثة واستغلالها لمسايرة العصر المتحول بسرعة نحو الفتوحات العلمية الحديثة؛ من مبتكرات وإبداعات لم تحدث تغييرا على الحاجة في حد ذاتها، بل امتد تأثيرها إلى تغيير أساليب الحياة عند الإنسان وضبطه مع المستجدات العلمية الحديثة، ومما دخل حياة الإنسان وأدخل عليها تغييرا جذريا، الرقمنة في نظام الإدارة الإلكترونية، وهذا ما جعل المجلس الأعلى للغة العربية يسخر طاقته لهذا الموضوع من خلال يوم دراسي تحت عنوان ''المحتوى الرقمي بالعربية في نظام الإدارة الالكترونية''، ويصدر المجلس أشغال هذا اليوم في كتاب جمع فيه الدراسات والبحوث التي دارت حوله.
الكتاب الذي صدر مؤخرا، يحتوي على موضوعات ذات اهتمام واسع سواء تلك التي تشتغل على هذا الجانب أو التي تحاول الإطلاع على هذه التجربة ''المحتوى الرقمي بالعربية في نظام الإدارة الالكترونية''، ومن الموضوعات التي توزّعت على صفحات هذا الكتاب، نجد مداخلة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور محمد العربي ولد خليفة ''المحتوى الرقمي بالعربية في الجزائر''، حيث أشار الدكتور إلى تقدّم المواقع العربية ضمن المواقع المائة الأكثر تصفحا في الجزائر، داعيا في نفس الوقت المختصين إلى العناية بمثل هذه الإحصائيات التي تشير إلى انتشار العربية، واستغلالها في تحسين المحتوى الرقمي العربي الجزائري.
وقال رئيس المجلس: ''إن المحتوى الرقمي تتنوع أشكاله من نصوص ومستندات وصور ومقاطع فيديو، يستفاد منها في تقديم خدمات التعلم والتعليم، والإعلام والاتصال والتواصل الإجتماعي بين الأفراد والشعوب، وكذا خدمات التجارة الإلكترونية والخدمات الحكومية''.
ومن الفوائد المحصلة من الخدمات الإلكترونية في الإدارة، أن هذه الأخيرة تجعل المواطن يحصل على ما يريد بشكل حر وغير مكلف، باعتبار أن هذه الإدارة تزيل الحدود التنظيمية بين المؤسسات وتوحّد تقديم الخدمات، وتنسق المعلومات بين المصادر الحكومية المختلفة، وهذا كله يندرج في هدف مفاده التفاعل والتبادل بين الحكومة وقطاع الأعمال، بين الحكومة والمواطن، بين الإدارة المحلية والمواطن وبين الدوائر الحكومية نفسها.
وقد احتوى الكتاب على دراسات ومداخلات في الموضوع الذي طرح للبحث، ومن المداخلات كلمة السيد وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال موسى بن حمادي.
كما نجد من الموضوعات المطروحة ''إشكالية المحتوى والفجوة الرقمية في العالم العربي''، للأستاذة حسينة عليان، و''الإرتقاء باللغة العربية في وسائل الاعلام الإلكترونية'' لإدريس قديدح بالاشتراك مع عبد الرحمن حموش، كما تم تقديم ''المجلة التقنية'' من قبل يوغرطة بن علي.
أما الأستاذ جيلالي حنيفي مفتش في التربية والتكوين في مادة الرياضيات، فقد بحث في ''إسهامات المحتوى الرقمي باللغة العربية، أرضيات التعليم الإلكتروني باللغة العربية''.
وتناول الأستاذ طه زروقي من المدرسة الوطنية للمعلوماتية ـ الجزائر ''تعريب أسماء مواقع الأنترنت حقيقة واقعة''.
وقد يجد المتصفّح لهذا الكتاب عدة موضوعات منها ''البوابة الالكترونية للجزائر: خطوة نحو الحكومة الالكترونية'' و''خدمات البلدية الإلكترونية'' و''أهمية المعالجة الآلية للغة العربية في نظام الإدارة الالكترونية''، إلى جانب برمجية لتعليم اللغة العربية''، وغيرها من الموضوعات التي احتوى عليها الكتاب.
الكتاب من القطع العادي ويتوزع على 681 صفحة، بما فيها الفهرس والملاحق والكتاب، من إصدارات المجلس الأعلى للغة العربية.

للجزائر جراح وليس جرحا واحدا، استعمار دام 132سنة، أدمى الأجساد والأرواح، إرهاب وضع أجيال الاستقلال في دائرة الرعب والموت وغيرها من الجروح الحارقة، ولكن كيف يمكن لهذا البلد الأبيّ أن يداوي جراحه؟ هل بتركها للزمن؟ هل بنسيانها أم بتناسيها؟ أسئلة طرحتها الفنانة التشكيلية دليلة دالياس بوزار في معرضها الذي تقيمه حاليا في المعهد الفرنسي بالعاصمة، تحت عنوان ''الجزائر سنوات الصفر.. أين أنا؟'' فهل وجدت الإجابة عليها؟
لم تستطع دليلة أن تقف موقف الصامت اللامبالي أمام معاناة شعبها، بل أبت إلاّ أن ترسم جراحه التي هي جزء من جراحها، فكانت النتيجة ثلاثين لوحة تحكي بعض الفترات التاريخية المؤلمة للجزائر، وتطرح فيها ولو بطريقة غير مباشرة، إشكالية النسيان من عدمه.
ورسمت دليلة لوحتين عن بوضياف، الأولى سنة 1957كأحد أهم قادة الثورة الجزائرية ومخططيها، أما الثانية فأطلقت عليها عنوانا حساسا ألا وهو ''ثانية قبل الموت''، أي ثانية قبل أن يغتال بوضياف عندما كان يلقي خطابه الأخير في عنابة. وفي هذا السياق، أرادت دليلة أن تسجل أقوى لحظات الجزائر الجريحة، والتي تضمنت أيضا تضحيات أبنائها التي كانت وما تزال إلى اللحظة ومن بينهم أيضا الشهيد عميروش الذي قدّم روحه فداء للوطن، كما رسمت لوحة أخرى لعدد من المجاهدين أطلقت عليها تسمية ''أخوّة''، وترمز حسب عنوانها إلى الأخوة التي كانت تربط المجاهدين وكانت بحق قوة لا يستهان بها.
في إطار آخر، هل يمكن أن نقول بأن الجزائر تخلصت  من آلامها بعد ظفرها بالهدف الأسمى... ''الاستقلال''، لكن هيهات، فما خفي كان أعظم، فقد عاش البلد سنوات طويلة في جحيم الإرهاب، وهنا أيضا توقفت دليلة ورسمت ثلاث لوحات عن مجزرة ''الرايس'' (1997)، التي راح ضحيتها عشرات من المواطنين، فرسمت في لوحة رجلا يحمل طفلا في ساحة غمرتها الدماء، أما اللوحة الثانية فرسمت فيها موتى ممددين على الارض، أما في الثالثة فرسمت انسانا يغطي رأسه برداء أحمر يعبرّ عن الدماء، وبالقرب من هذه اللوحات، وضعت دليلة لوحة سمتها ''معطوب'' رسمت فيها معطوب ميتا بعد اغتياله في مرحلة الإرهاب.
ولم تتخل دليلة عن اللون الأحمر الذي يعبرّ عن الدماء وبالتالي عن الموت، فطغى هذا اللون على لوحتين بدون عنوان تتوسطهما لوحة بعنوان ''أصل'' التي يغلب عليها اللون الابيض رغم وجود الاحمر، إلا أن هذا الأخير فقد قوة لمعانه ولم تبق منه إلا نجمة حمراء صغيرة، وهكذا عبرّت الفنانة عن جزء من الدماء التي سالت على هذه الارض الطيبة التي لم ولن تستسلم وستظل متمسكة بقواها، وظهر هذا أيضا في استعمالها للون الأصفر في أكثر من لوحة تعبيرا عن النور أي عن الحياة مثل  لوحة ''أطفال الشمس''.
ووضعت دليلة أكثر من لوحة تحت عنوان ''كتابة''، كتبت فيها عن حيرتها في التعامل مع الآلام وطريقة تجاوزها، فهل يجب أن ننسى آلامنا ونتخطاها؟ حيث  يقال أنّ الإنسان لم ينقرض على كوكب الأرض رغم كل ما عاشه منذ آلاف السنين من أهوال ومصائب، لأنه تعلّم أن ينسى كل معاناته النفسية والجسدية وان يستمر في الحياة.
وجاء في وثيقة عن المعرض أن هناك اربعة انواع من النسيان، حسب الدراسات حول الذاكرة وهي: عدم قدرة تذكر واقعة حدثت في الماضي، طغيان ذاكرة على ذاكرة أخرى وبالتالي محوها، استحالة تخزين معلومة وأخيرا النسيان الإرادي، والذي تهدف إلى نسيان حدث مؤلم لكي يستمر الشخص المعني في الحياة بدون جراح عميقة.
وطرحت دليلة أيضا، إشكاليات تخص المجتمع المدني وقدرته على تحمل الصدمات التي تنشأ من الصراعات والحروب، وهل يمكن وضع آثار الصدامات العنيفة تحت بساط الصمت؟ هل يمكن أن ننسى الجراح، وهل هي الطريقة المثلى لمداواتها، أم يجب علاجها عند المختص والتحدث عنها والتغلغل في اعماقها حتى يمكن لنا أن ننزعها كلية؟ وهل يمكن للجراح أن تعالج عبر الزمن وتصبح مجرد درس أو ذكرى لا أكثر؟ دليلة ومحاولة منها الإجابة على كل هذه الأسئلة الصعبة، قرّرت أن ترسم بالقلم احيانا وبالألوان احيانا أخرى، واختارت مواضيع مؤلمة في التاريخ الجزائري لتؤكد دور الفنان في ترجمة ما يحدث في محيطه عن طريق الفن، فيضفي على الحدث ولو كان مؤلما، لمسة فنية خالدة، فإذا تعوّدت الإنسانية  النسيان لكي تستمر في العيش، فإن دور الفن هو عدم النسيان في تخليد أقوى اللحظات بحلوها ومرّها.
للإشارة، دليلة دالياس بوزار، ولدت سنة 1974بوهران، هي خريجة الفنون الجميلة بباريس ومتحصلة على ليسانس في البيولوجيا وحاليا مقيمة ببرلين (ألمانيا)، أقامت العديد من المعارض الفردية والورشات من بينها ورشة ''الرسم الزيتي للنساء'' بوهران.
للإشارة، ينظم المعهد الفرنسي هذه السنة العديد من النشاطات الفنية المتعلقة بالذاكرة التاريخية الجزائرية.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)