أكد المشاركون في الملتقى الوطني الذي نظمته مديرية الثقافة بعنابة في إطار الصالون الوطني للكتاب، بونة للكتاب والفنون، أن اللغة العربية مازالت محصورة في خانة اللغات الأجنبية، الأمر الذي يشكل خطرا على عملية التعريب التي تسعى الجزائر لانتهاجها وتطبيق برامجها.
وفي هذا الشأن؛ أكد الأستاذ محمد طبي من جامعة الجزائر أننا متأخرون كثيرا في احتواء مسألة الترجمة، وذلك بحكم الصعوبة في وضع مقابلات الاصطلاحات الأجنبية باللغة العربية، وهو عمل - على حد تعبيره - صعب ويخضع للمتابعة والاستمرار، وأضاف خلال مداخلته حول ''الترجمة التقنية وكيفية وضع الاصطلاحات''، أنه أصبح من الضروري إصلاح اللغة العربية مما سيتيح اصطلاحات أخرى تصلح لبناء المجتمع والدولة معا.
أما الأستاذ لزهر بوسالم في تقديمه لـ''مقاييس تقيييم وتقويم الترجمة''؛ فاعتبر أن هذه الأخيرة خيانة للنص الأصلي وهو يحبذ استعمال كلمة ناقل للتعبير عن المترجم، ويضيف رئيس الغرفة الجهوية للمترجمين الرسميين لناحية الشرق أن اللغة أكثر من ضرورية في عملية الترجمة، وعليه يتوقف تقييم النص المترجم على معايير متعلقة أساسا باللغة ومتصلة بقواعدها، كما تعتمد عملية التقييم على معاينة مخطط المصطلحات الذي اعتمده المترجم، إلى جانب حضور عنصر الإبداع شرط عدم مخالفة المعنى.
وفي سياق متصل؛ قدم الأستاذ حميد عطوي علاقته مع النشر عن طريق عرضه لتجربته في موريتانيا والسنغال وتحدث عن كيفية توصله إلى طبع كتابه ''تعليم اللغة العربية للناطقين بالفرنسية'' وكذا ''المساعد على إحكام القواعد'' بعد سلسلة من المراسلات لدور النشر في موريتانيا.
وصنف - من جهتهم - بعض الناشرين، الناشر بالجزائر إلى ثلاثة أصناف، الأول يقوم باستيراد الكتاب وبيعه، والثاني يقوم بطبع بعض الإصدارات لبعض الكتاب ويقوم الصنف الأخير بطبع مؤلفات كتاب جزائريين، أما المشكل المطروح - على حد تعبيرهم - فهو التذبذب في عملية توزيع الكتاب على المستوى الوطني.
يستعين الفنان التشكيلي الشاب محمد جووا بلغة الحوار البصري لإيصال أفكاره وقناعاته إلى الجمهور، متعمقا في الميتافيزيقا التي يلجأ إليها لعبور الآفاق المحدودة بحرية تامة، والمعرض الذي سيستمر إلى غاية 26 فيفري الجاري عبارة عن نظرة فلسفية، مجردة لواقع ملموس.
يضم المعرض 26 لوحة بعناوين مختلفة تكشف مضمونها الذي قد يغيب عن الجمهور؛ فاللوحة ليست دائما عند محمد سرا مكشوفا.
لا يرسم محمد لمجرد الرسم، بل إن هذا الفن الراقي الذي عرفته الإنسانية منذ بداياتها هو بمثابة تنفيس وانعكاس لما يجري داخل النفس البشرية من أفراح وآلام واضطرابات وانفعالات، والرسم مثله مثل الشعر والغناء والموسيقى مجال واسع وصادق للتعبير قادر على أن يكون أيضا مجالا مشتركا مع الآخر، خاصة إذا ما تم حسن اختيار الوسائل لذلك والتي تساعد على تدعيم التواصل والحوار مع الجمهور كالشكل واللون والايقاع والحركة.
معرض محمد جووا عالم من الجمال والانسجام الكامل بين الإنسان والفن، والحرية المطلقة فيه للخيال وحده ليأتي التجسيد (الرسم) فيما بعد. يتقيد جووا في هذا المعرض بالمدرسة التجريدية، وقد اختارها عمدا كي تعكس نظرته الخاصة للفن وبكونه علاجا؛ فالفن ما هو إلا وسيلة علاج وجعل هذا الفنان من هذه النظرية شعارا له.
تمتاز لوحات الفنان الست والعشرين بكونها تحمل نفس الحياة الذي ينفجر في أشكال هندسية وخطوط متوازية أو متقاطعة وملتوية وبأطياف متعددة.
يؤمن الفنان بالربيع الذي يولد من عتمة الشتاء لذلك تطل من لوحاته أشعة الشمس المذهبة ونور السماء اللامع لينتهي الكون عنده في لوحته التجريدية التي لا تقبل الحدود ولا الأطر، وما كل لوحة إلا لقطة من الحياة ومرآة تعكس جذور الحياة والطبيعة.
عبر الألوان المتدرجة تمر الأزمنة المتعاقبة وصولا إلى لوحة »الزمن الحر«.
لوحات أخرى تعكس الأحاسيس والانفعالات وتطرح مشاكل نفسية ومكبوتات ومشاكل موجودة على أرض الواقع، بعضها الآخر يعكس تطور الفن المعاصر ومدى الاحترافية التي حققها من خلال الأشكال والتقنيات المختلفة.
كل لوحات جووا ''حنين''، ''إحساس''، ''إعصار''، ''الحديقة''، ''سر الطبيعة''، ''ردود الفعل''، ''الزمن الحر''، ''تكريم المعوق'' و''إغراء'' وغيرها تمتاز بالحركية والحياة والانفعالات التي تظهر وكأنها تحرك وتنشط قماش اللوحة مع وجود بصمات الانطباعية في بعض أركان اللوحات.
الفنان دائم الاستغلال لظاهرة الزمان والمكان ويحاول توظيفها فيما يعرف عنده بـ''الفن العلاجي''، تمتاز حركة ريشته بالخفة والابتعاد عن الألوان المركبة الغامضة، يعمد إلى الأزرق والأخضر المصفر، والأصفر والأبيض وأحيانا الأحمر الداكن.
للإشارة؛ فإن حمد جووا من مواليد 29 سبتمبر 1974 بمدينة حجوط بتيبازة ومتخرج من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بمستغانم ووهران ومتحصل على ديبلوم الدراسات الفنية العامة.
ينظم جووا معارضه منذ سنة ,1993 إضافة إلى إنجازاته لبعض المعالم التاريخية بتيبازة والعاصمة وكذا بروزه في مجال الديكور.
يأمل هذا الفنان في أن يتعمق في دراساته وبحوثه في ''الفن العلاجي'' لأنه لا يزال محتشما عندنا ويجب النهوض به ونشره وتقريبه للجمهور، إضافة إلى حلمه بأن يتمكن من اقتناء ورشة كبيرة ينجز بها لوحات كبيرة أو عملاقة لم لا ، كي يفجر مواهبه أكثر عوض التقيد بالمساحة التي يرسم فيها الآن بمنزله العائلي.
''مرسيليا بالجزائر''؟ هل تحولت إلى الولاية 49 للبلد مثلما تقوله النكتة؟ لا، لم يحدث هذا، بل كل ما في الأمر أن هذه المدينة التي تحتضن عرقيات وأجناسا مختلفة، حاضرة بأرض الشهداء، ولكن في شكل صور أخذها الفنان الفرنسي إيف جانموجا، تعرض بالمعهد الفرنسي بالجزائر وهذا إلى غاية آخر يوم من الشهر الجاري.
لا توجد مدينة فرنسية تضمّ مواطنين من أصول مختلفة بنسب كبيرة مثل مرسيليا، أبعد من ذلك، فهي تفتخر بذلك وتعتبره ثراء وليس عبئا عليها مثلما تعتقده المدن الفرنسية الأخرى، لهذا لم يجد الفنان المصور ايف جانموجا بدا من من البقاء جامدا أمام جمال هذه المدينة وسماحة سكانها وذهنهم المتفتّح، فأراد أن يستشهد بهذه الخصال من خلال صور تمزج بين الفن والتاريخ، بل يمكن لها أن تكون مادة للدراسات والبحوث الاجتماعية أيضا. وفي هذا السياق، لم يستثن إيف أي جانب من الحياة اليومية وحتى التي تتعلّق بالمناسبات في مرسيليا، رافضا في السياق كلّ تأنّق وتلميع للمواضيع المصورة؛ بل أصرّ على عامل العفوية فجاءت صوره قمة في البساطة والجمال في آن واحد، وتنبض بالحياة وتعبرّ عن تنوّع أصول وأعراق سكان مرسيليا، كما يلعب بعضها دور السفير من خلال رمزها لجمال المناظر الطبيعية والمباني التراثية لهذه المدينة.
وصمّم ايف في معرضه هذا بعنوان ''مرسيليا.. مدينة الجنوب'' الذي يضم 43 صورة بالأبيض والأسود، على أن يخلّد لحظات من حياة أبناء المدينة التي احتضنته بعد مغادرته مسقط رأسه مدينة الدار البيضاء (المغرب)، وجمع بين اللحظات العابرة ونظيرتها القوية التي تغيّر من حياة الإنسان، فصوّر إيف ولع المرسيليين برياضة كرة القدم وظهر ذلك في صورتيّ ''سهرات كرة القدم على الميناء'' و''نصر فريق أولمبيك مرسيليا''، كما سجلّ بالصور لحظات حاسمة لسكان هذه المدينة الجميلة والمتمثّلة في صور عن الزواج، فها هي صورة ''زواج على رصيف بالج المطل على البحر''، وتظهر هذه الصورة سعادة الزوجين وهما يقودان مركب العروس المتكوّن من دراجات نارية، أما صور ''زواج'' و''خطوبة'' و''زواج'' فتظهر تقاليد عرس مغاربي.
ولم يستطع ايف عدم تصوير جمال مناظر ومباني المدينة الساحرة، فرسّخ في أكثر من صورة ميناء مرسيليا القديم الشهير الذي كان من بين أهم الموانئ الأوروبية وأقدمها، إذ تم إنجازه في القرن السادس قبل الميلاد، أمّا اليوم فقد تحوّل إلى فضاء للترفيه والتسلية دون أن يفقد روحه وأصبح مكانا يلتقي فيه الأحباء والأصدقاء وكل من يريد أن يمضي أوقاتا لا تنسى.
وقام الفنان أيضا بجولة في أحياء مرسيليا، فصور حي ''كنابيار'' وهو الحي الأكثر شهرة في المدينة؛ بل هو مركزها الذي لا ينافسه فيه أي حي آخر، وصوّره وهو يعج بالحركة ويحتضن الاحتفالات والمناسبات السعيدة، وغير بعيد عنه يوجد حي بلزانس، وهو حي يسكنه المهاجرون بنسبة كبيرة، وعبرّ عنه في صورة لرجل جالس يرتدي زيا عربيا تقليديا.
ولم ينس إيف أن يصور حي ''لا باترنال'' الخطير، فصوّر مشهد أطفال يدخنون، فيما يضم حي''استاك'' ميناء صغيرا ويقع بين البحر والربوة، كما شكلّ هذا الحيّ مصدر الهام العديد من الفنانين التشكيليين المعروفين مثل أوغست رونوار وجورج براك وبول سيزان، بالمقابل وحبا في تصوير مظاهر الحياة في مرسيليا بدون إقصاء، عبرّ ايف عن مظاهر التدين الإسلامي مثل صورة ''العودة من مكة.. حي بلان دو''، ''قاعة الصلاة''، ''مسجد قمري''، ''قمريون عائدون من مكة''، كما صوّر أيضا الغجر في صورة ''شاب غجري ووالدته''. كما مست معظم صور إيف الفئة الكادحة من الشعب والتي ورغم عدم سهولة حياتها، تظلّ الابتسامة في محياها وها هي صورة ''مدينة لا بترنال'' يظهر فيها رجل يحمل على ظهره امرأة وكلاهما يبتسم، وصور أخرى لديدي وزهرة من حي استاك.
للإشارة، إيف جانموجا فنان مصور خاض عالم التصوير في وكالة فيفا سنة ,1973 خصّص عمله لموضوع الإنسان، فصور الطبقة العاملة بفرنسا والأطفال العمال بنابولي والأقليات التي تعيش في مرسيليا والأماكن الخالدة في الجزائر وغيرها، فكان همه ومازال، الاهتمام بالأماكن العامرة بالتاريخ، كما قام سنوات التسعينيات بتصوير عن طريق الفيديو للمعوقين، أما حاليا فيعمل حول موضوع التراث السياسي والثقافي لأوروبا، كما تم نشر العديد من أعمال إيف جانموجا، من بينها ''حدثني عن الجزائر العاصمة''، ''مرسيليا الجزائر في مرآة الذاكرات''، ''ليلة بيضاء'' و''صور عن السجن''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 13/02/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : لطيفة داريب
المصدر : www.el-massa.com