الجزائر

تهريج و قرقعة



كيف تم الاحتيال على الحكومة الجزائرية من قبل مستثمرين أجانب؟الموضوع لم يلق ما يليق به من مناقشة داخل قبة البرلمان، مع أنه يتعلق بتحويل أموال تعد بملايير الدولارات. وبدلا من البحث في الأسباب، تحولت النقاشات إلى ما عهدناه من مزايدات. وبسبب كلمة مدح للرئيس بوتفليقة، تسبب تدخل ممثل كتلة جبهة التحرير في خروج كتلة التجمع الوطني الديمقراطي. كتعبير منهم عن غضبهم من عدم توجيه الشكر للوزير الأول الذي هو أمين عام الحزب.أصبحنا وبشكل لا إرادي نعيد الانتقادات الموجهة لدور البرلمان بغرفتيه، مع أن الملل نال منا من انتظار تطور أو تحرك، أو ما يشبه التغيير، فإننا نجد أنفسنا أمام سؤال: ماذا يفعل البرلمان؟ ثم نتسائل: ماذا تفعل الأحزاب الممثلة في البرلمان؟ وهل تشعر فعلا بأنها ممثلة لشريحة شعبية أم راضية بقسمة توازن سياسي؟أسئلة تعاد وتعيد نفسها، وأحوبة عاجزة، ناقصة وعديمة الفعالية.في الوقت الذي كان يناقش فيه نواب الشعب قانون مالية ,2011 كان ولا يزال مرضى السرطان يصارعون مصيرا مجهولا بسبب تأجيل العلاج بالأشعة. وهي حقيقة لم يتم الإعلان عنها هذا الأسبوع، ولكن منذ زمن. وفي ذات الوقت أيضا، يعترف وزير الصحة بوجود 5700 جهاز طبي غير مستغل، بعضها معطل، وبعضها أكلها الصدأ، وبعضها لا زال محفوظا وملفوفا، لأنه لم يفتح أصلا منذ سنوات. وبطبيعة الحال، لا أكشف سرا عندما أقول بأن كل هذه الأجهزة مستوردة. ولا يوجد من ضمنها ولا قفل ولا زر من صنع جزائري، اللهم الا ما دفع من ريع البترول، ومن حساب جزائري.فما هو دور البرلمان أمام ظواهر بحجم تبذير وتبديد ما يستورد، وغفلة الحكومات عما يهرب؟ هل يكتفي بأداء أدوار على شكل التنديد والاستنكار من جملة أو من كلمة؟ بكل تأكيد لا يمكن انتظار تغيير في وظيفة البرلمان بمجرد رغبة، فالأمر يتعدى المؤسسة، وهو فوق الأحزاب. واعتبار المواعيد الانتخابية المقبلة هي السبب في وجود احتقان حزبي ونيابي، هو قفز على حقيقة أن المواعيد ما هي الا محطات لترسيم إرادة فرض أمر، ووضع ورقة عمل لتوازنات مقبلة. فالتغيير إن وجد وإن جاء فإنه يأتي لتعديل توازنات بين أجنحة النظام الذي استطاع إدخال ثم احتواء التعددية الحزبية لتقوم بدور واجهة من دون أن تكون هذه التعددية مؤثـرة أو مؤدية إلى تغيير في طبيعة النظام. فالمواعيد الانتخابية هي مناسبة لترسيم خيارات سياسية. ثم تأتي الأعراس الانتخابية في مهمة إضفاء شرعية قانونية على الارتباط.جرت العادة على توجيه النقد لأحزاب فاقدة للقرار، ولمؤسسات غير قادرة على مسايرة واقع. قد تكون الرغبة في رؤية الأمور تتحسن هي التي تدفع وتشجع على توجيه النقد إلى الحلقة الأضعف في البناء. والأكيد أن المتحكمين بقواعد النظام السياسي والاقتصادي يعون محدودية هامش الحركة. فالمطالب تتراكم، والحلول عاجزة.. والاعتماد على واجهة لا تحل ولاتعقد يشجع في الترويج لقيم الانتهازية، وتعزيز طبقات الانتهازيين الذين تحولوا إلى رحالة، يستكشفون مداخل تمكنهم من ضمان مستقبل مهني في السياسة. ولن تعرف الأحزاب والمنظمات فترة هدوء، فهي مرتبطة بشكل إرادي، وبعضها نتيجة العدوى، بمحيط يشجع على اللاجدية، ويكافئ من يجتهد في ذلك.فـ ثورات التصحيح هي مواقع بين متخاصمين، هم في حاجة إلى تقويم قبل التصحيح.والظاهرة تشجع على الهروب من الواقع، والتلاعب بالمواقع داخل الأحزاب وبشكل خاص تلك المكلفة بتمثيل واجهة النظام السياسي. وبين تهريج أحزاب، و قرقعة نواب. تخطو السياسة على وقع سرعة مترو العاصمة .والتحكم في ملف الاستثمار الأجنبي، وتكرار تهريب الأرباح والتهرب الضريبي، بالتدليس، وجدت في هذا المحيط، الفرصة المواتية. هي الشعبوية القوية بمزايداتها. وتنوع نماذجها. فورقة تجريم الاستعمار والنفخ فيها ثم إطفائها مؤسساتيا. هي عملية غطت على الكثير من الملفات، ودحرجت المهم إلى سلة المهملات. وإن كانت النية خالصة، فقد تلقفتها أقدام أكثـر من لاعب، ليتقرر الأمر بركلها إلى حيث يجب أن تركل . وذلك باسم أن لا يزايد أحد على وطنية آخر.. لم يفكر واضعو قانون تجريم الاستعمار إلا فيما يخدم مشاعرهم وتاريخهم. ويعجز أندادهم في الجزائر عن الرد ولو بطلقات بارود أبيض ، في محاولة تمثيل دور المقاوم.واستحضار صور تمثيل الأدوار يطول سرده. فوجوه التنكر عديدة، تزيد في عمر اللافعالية. وتعيق جدية تحسين أداء وظائف مرافق الدولة. والإشكالية اليوم، هو في الرضا الذاتي بإنجازات كان يمكن أن تكلف أقل، أو بنفس التكلفة والمدة كان يمكن أن تأتي ثمارا أكبر و أكثـر. وهناك مثل شعبي يقول حوحو يشكر روحو ، ويتوافق مقصده مع ابتسامات إنجازات حكومة اليوم والأمس.  hakimbelbati@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)