الجزائر

تهاون المواطن يسبب ضغطا رهيبا للمنظومة الصحية


* email
* facebook
* twitter
* linkedin
وجه نقيب ممارسي الصحة العمومية إلياس مرابط، في حوار مع "المساء" نداء للمواطنين، دعاهم من خلاله إلى التحلي بروح المسؤولية للحد من انتشار كوفيد 19، حيث أوضح أن استمرار التهاون وإهمال المواطن للتوصيات والإرشادات المعمول بها في إطار الوقاية من انتشار الفيروس، تسبب في هلاك المنظومة الصحية وأدخلها في ضغط رهيب نتيجة تزايد الإصابات من جهة ونقص الإمكانيات البشرية في السلك شبه الطبي، فضلا عن قلة الأطباء والمراكز الصحية، من جهة أخرى. كما دعا النقابي إلى ضرورة إعادة النظر كلية في المنظومة الصحية وجعلها ضمن أولويات الحكومة في أجندتها المستقبلية التي يستلزم نجاحها، حسبه، إشراك الشركاء الاجتماعيين على كل المستويات.
المساء: تعاني الطواقم الطبية ضغطا رهيبا بسبب التزايد اليومي لعدد المصابين بفيروس "كوفيد 19"، ماذا يمكنكم أن تقولونه للمواطن الذي هو في عمق هذه الأزمة ؟
الياس مرابط: على المواطن اليوم، أمام الأزمة الصحية المعقدة أن يتحمل مسؤوليته كاملة، حتى نصل إلى تكسير سلسلة الوباء، كون المواطن يمثل الحلقة الفاعلة في هذه السلسلة. وإهماله أو عدم انخراطه في المخطط الوقائي الوطني يعقد الوضع يوما بعد يوم، ويضع الطواقم الطبية في ضغط رهيب. وقد استمعنا إلى صرخات مستخدمي الصحة ورأينا معاناتهم اليومية في مختلف ربوع الوطن.
اليوم المواطن هو المسؤول الأول عن انتشار الوباء، لعدم احترامه للإجراءات الوقائية البسيطة. وهذه أنانية منه، لأنه ساهم في تأزيم الوضع بالمراكز الصحية التي كانت تعاني من عجز قبل انتشار الوباء .
س/ أزمة كورونا عرت بعض العجز الذي تعاني منه المنظومة الصحية، ماهي أهم النقائص المسجلة؟
ج / المؤسسات الصحية العمومية تعاني منذ عدة سنوات، من عدة نقائص، تعقدت أكثر وتعمقت مع ظهور الفيروس "كوفيد 19" وتزايد الإصابات به. فعلى سبيل المثال، نحصي عجزا بنحو 50 ألف منصب في سلك شبه الطبي، بالإضافة إلى النقص المسجل في تغطية الأطباء العامين والمتخصصين وسوء توزيعهم عبر الوطن، الأمر الذي جعل المراكز الاستشفائية تعرف ضغطا متواصلا وغير محدود سنة تلو الأخرى، لا سيما وأن عددا كبيرا من الأطباء يلتحقون بالقطاع الخاص، بعد ممارسة مهنية أقصاها أربع سنوات في القطاع العمومي. كما أن القطاع الصحي العمومي يستقبل نحو 80 بالمائة من المرضى، لعدم قدرة أغلبيتهم على تأمين نفقات العلاج بالقطاع الخاص، لعدم استفادتهم التعويض عن بعض الكشوفات في إطار التأمين الصحي.
باعتبارنا من ممارسي قطاع الصحة، لسنا ممن يطلقون النار على سيارة الإسعاف، لأن الواجب الوطني اليوم يفرض على الجميع التخلي عن الأمور القابلة للتأجيل والالتفاف حول ما هو أهم.. وهو محاربة الوباء، لكن بعد هذه المرحلة يجب إعادة النظر في الأمور المذكورة بطريقة جذرية.
س / شهدنا الكثير من الطواقم الطبية تشتكي من تعنيف بعض عائلات المرضى لها، بسبب عجز في الاستقبال وقلة الأسرة ونقص الإمكانيات، ما هو الحل في نظركم ؟
ج / أولا، هذه الوضعية ليست جديدة على الطواقم الطبية، التي كثيرا ما تدفع ضريبة الضغط في عدد المرضى وقلة الوسائل. أما بالنسبة لقضية غياب الأمن بالمراكز الاستشفائية، فإن ذلك راجع لعدم تكوين الأسلاك المشتركة المكلفة بالاستقبال، حيث يتم توظيفها في إطار عقود التكفل الاجتماعي ولا يتلقون التكوين اللازم والتأهيل المناسب الذي يوائم طبيعة عملهم ومهمتهم المتمثلة في حماية وتأمين الطواقم الطبية والمؤسسات الصحية. وهذه مناسبة لكي أجدد الدعوة إلى ضرورة إخضاع أعوان الأمن والاستقبال لتكوين متخصص، لانهم يمثلون الواجهة الأمامية وحزام الأمن للطواقم الطبية.
س / في رأيكم ما الذي يتوجب فعله لتصحيح الوضع ؟
ج / الطواقم الطبية واجهت ولازالت تواجه تحديا كبيرا جدا، حيث خاطرت بنفسها وضحت بعائلاتها من أجل تأدية واجبها الإنساني، واليوم أمام الضغط الكبير الذي تشهده، هناك أمران ينبغي أن يتحققا للتخفيف من الضغط عليهم، وهما التزام المواطن بمسؤوليته الكاملة باتخاذ كل تدابير الوقاية وهي أمور بسيطة وممكنة جدا وليست معجزة. وثانيا أن تعيد السلطات نظرتها الكاملة اتجاه المنظومة الصحية والقطاع ويكون ذلك باشراك النقابات وممثلي المهنيين، لإقرار الحلول الجدية التي يمكن من خلالها بناء منظومة صحية صحيحة، بعيدا عن الوعود التي سمعناها منذ 20 سنة دون أي تطبيق فعلي..
فليس من المعقول أن تصرف مثلا منح رمزية لطواقم طبية، تبذل كل ما بوسعها لمحاربة وباء عالمي فتاك.
س / عرفت الجزائر خلال السنوات الماضية هجرة المئات من الأطباء إلى الخارج، بسبب قلة الإمكانيات ووضعية المنظومة الصحية في البلاد، ما تعليقكم على هذا الأمر ؟
ج / المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد أن الهجرة المهنية للأطباء الجزائريين في منحى تصاعدي وهي تتوسع نحو وجهات جديدة. وعلى سبيل المثال يوجد بفرنسا وحدها أزيد من 15 ألف طبيب جزائري، ونسجل كل سنة قرابة 400 طلب هجرة مهنية للأطباء، والجديد اليوم هو أن الأطباء أصبحوا يقصدون وجهات جديدة لممارسة المهنة، كألمانيا مثلا، التي فتحت أمامهم المجال بسبب العجز المتواجد لديها. كما تستقطب تركيا هي الأخرى أعدادا معتبرة من الأطباء الجزائريين، فضلا عن استمرار مغادرة الأطباء الجزائريين نحو كندا ودول الخليج. حتى أننا أصبحنا نلاحظ اليوم أن الطلبة الجزائريين في سلك الطب بمختلف تخصصاته، يستعدون للهجرة المهنية قبل الانتهاء من مشوارهم الدراسي..
س / ما هو الحل في رأيكم، لوقف هذا النزيف في الكفاءات الطبية الوطنية؟
ج / مثلما قلت سابقا.. على السلطة أن تعيد النظر في سلم الأولويات، بإعطاء المكانة المناسبة لقطاع الصحة ولممارسيه على اختلاف مستوياتهم. وأعتقد أن هذا يتم باشراك أهل الاختصاص في أي سياسة إصلاحية شاملة للقطاع. وقد اعترف السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بأن الصحة مريضة في الجزائر..
في تقديري، الإصلاح لا يمكن لأن يتم بمن تسببوا في هلاك المنظومة الصحية الجزائرية طيلة سنوات، هؤلاء يجب إبعادهم من التسيير، مقابل هذا، يجب تؤخذ مطالب النقابات المهنية للصحة بعين الاعتبار لأنها ممثلة للعمال، وينبغي أن تمنح لها الكلمة، للمشاركة في تشخيص نقاط الضعف وصياغة الحلول التي يكون أساسها الطواقم الطبية. كما يتوجب إعادة الاعتبار لها ومنحها كل الحقوق، حتى نعيد بناء منظومة صحية تضمن الخدمة للمواطن وتمكن الطبيب من تأدية واجبه بعيدا عن الضغط.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)