لنلق نظرةَ معايَنة على الحالة التي آلت إليها المجموعات الحضرية المعاصرة وهي في حالة تهافت قصوى. الذي سيبدو للعيان عند استمرار هذه الحالة على ما هي عليه، هو تكريس الظاهرتين الآتيتين :
- تكاثرٌ متصاعدٌ لمدن الصفيح في النصف الجنوبي من المعمورة؛
- واستمرارُ إحاطة مدن الشمال بضواحي متناهية الخطورة.
وقد تنبأ الإحصائيون، إن تمادت الأحوال على ما هي عليه، بحضرنة سّكان الأرض جميعاً في أفق : 2065
هل لهذا الغلو في العمران من نهاية ؟
وإذا كانت لهذه الحضرنة نهايةً، فما هي خصائص ما بعد الحضرنة ؟
هل من أمل في أن تبرز خصائص عمران جديد ؟
إن المشكل الذي يفرض نفسَه علينا، حين نتعرض للمسألة الحضرية، ليس مشكلاً إعلامياً، لكنه مشكل منهجي. لذلك، سنعمل على إصدار مسلمات حتى نبتعد عن صدام الأفكار ونهيئ أرضية للتفاهم.
ثم سنباشر تشخيصاً موجزاً للمسألة من خلال حالة مدننا في هذا العصر، ولنا أن نتساءل :
أي منطق حضري يتحكّم بلادَ المسلمين في المغرب الكبير؟
لقد عرفت بلدان المسلمين في المغرب الإسلامي ثلاثة نماذج للتمدن :
1. النموذج الأصيل
2. النموذج الدخيل
3. النموذج الهجين
نماذج أفرزت نماذج سلوكية مستهجنة : فما المخرج ؟
إن الإشكالية تتلخّص في كون التحضر سؤال حضاري ؛ فما معرفة أي حضارة إلا معرفة بقيمها ومبادئها. والمدنية مضمار يقاس كل شيء فيه بمقاييس الإنسان الذي لا يخلق القيمةَ، بل يستحقها. وبما أن التحضر الراهن حركة تركيمية ومادية، لا مقصد لها، أمكننا أن نطرح سؤالاً محرجاً :
لماذا لم تستطع المجتمعات المسلمة إنتاج نموذج حضري استبدالي ؟
إن صدمة الحداثة والغزو الاستعماري خلّفا في المغرب الإسلامي نمطاً حضريا مشوّها لا يعكس السمتَ الحضاري للأمة، ولا يعبّر حتى عن صورة المدينة الأوروبية. فهو نموذج يكاد يكون خالياً من القيم والمبادئ الثابتة للمجتمع.
فالمسألة إذن ليست مسألةَ غرب أو شرق، قديم أو عصري، حداثي أو رجعي، إنها مسألة إنسان هذا العصر :
كيف يمكن للإنسان المعاصر أن يرفع التحدي ؟
بأي مبادئ وبأي قيم نتحضر ؟
ما هو النموذج الحضري الاستبدالي ؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/03/2011
مضاف من طرف : tlemcenislam
صاحب المقال : Prof. Bouayad Larbi / أ.د بوعياد العربي المعهد العالي للهندسة المعمارية - الرباط - المغرب
المصدر : ملتقى دولي حول الإسلام في بلاد المغرب ودور تلمسان في نشره خلال ' تظاهرة تلمسان 2011 عاصمة الثقافة الإسلامية '