من المقرّر أن يتواصل النّقاش حول قائمة السلع والمنتجات التي يمنع استيرادها ويحظر دخولها الأسواق الوطنية بين القطاعات المعنية، حتى بعد دخول نظام رخص الاستيراد والتصدير الجديد حيز السريان خلال الأيام القليلة المقبلة أي في غضون العشرة أيام الاولى من شهر جانفي الجاري، ويعوّل كثيرا على هذه السبل التقنية المدروسة بشكل دقيق لكبح المنحى التصاعدي للواردات، وإعطاء الفرصة للمتعامل والصناعي الجزائري لإثبات قدرته على مواجهة تحدي تغطية الطلب الوطني بمنتوج لا يقل جودة عن نظيره المستورد، ويطرح بسعر معقول إلى جانب تحقيق هدف جوهري آخر يتمثل في ترشيد نفقات العملة الصعبة.سجّل خلال السنوات القليلة الفارطة تدفق رهيب لمختلف السلع من عدة بلدان قريبة وبعيدة جغرافيا مسجلة اكتساحا على أسواقنا، وهناك سلعا لم تكن تطابق المعايير وسوقت بأسعار مغرية مسيلة لعاب ذوي الدخل المتوسط والمحدود، لكن البعض منه يهدد صحة وسلامة المستهلك، وهناك من ذهب إلى وصف الوضع بفوضى الاستيراد الذي سهّل بمرور منتجات توفّرها الآلة الإنتاجية الوطنية، هذا ما كان يهدّد صمودها في السوق بسبب مواجهتها لتنافسية العشرات من السلع. وشكّل الاستمرار بالتدفق للسلع الأجنبية الطريق الذي سيقضي بموت وإفلاس العديد من المؤسسات الوطنية الخاصة والعمومية. والجدير بالإشارة فإنّ قرار السلطات جاء واضحا وصارما لوضع حد للوتيرة السريعة لتدفق الصادرات، في ظرف اقتصادي ومالي يتّسم بالكثير من الصعوبة عقب انهيار سعر برميل النفط في سوق المحروقات. ولعل تنظيم عملية دخول السلع وخروجها من خلال تشجيع المصدر الوطني على اقتحام أسواق خارجية، وقبل ذلك تغطية الاحتياجات الوطنية يعدّ من الخطوات التي تؤسّس بالفعل لاقتصاد متنوّع يخلق الثروة خارج قطاع المحروقات. وقف الكماليات وتشجيع اقتحام الأسواقوينتظر من كل هذه الإجراءات رسم خارطة جديدة تتغيّر فيها العديد من المعطيات، لاسيما تلك المتعلقة بوقف إنفاق رقم كبير من إيرادات العملة الصعبة في استيراد مواد استهلاكية متوفرة أو يمكن إنتاجها في الجزائر، بل إنه لا ينتظر ترشيد النفقات لوحده بل السير نحو الانفتاح على التصدير، وتشجيع كل من تتوفّر في منتجاتهم الشروط بطرح السلع المصنعة محليا ثم في الأسواق العربية والإفريقية، حتى وإن كان بعض الخبراء يعتبر أنّ النظام الجديد لرخص الاستيراد مهم كونه يضغط على عملية استيراد الكماليات، ويفرض رقابة تقطع الطريق أمام المستورد الانتهازي والغشاش لكنه غير كافي، على اعتبار أنّ الظرف يحتّم إيجاد البدائل الحقيقية والملموسة المتمثلة في الانطلاق في إغراق السوق الوطنية بمنتوج وسلع محلية ذات تنافسية عالية، ولن يتحقق كل ذلك إلا من خلال توفير نسيج مؤسساتي كثيف، ولديه قوة الصمود وروح الابتكار.وتسجّل دعوات عديدة ومقترحات مختلفة في هذا المقام، تصبّ باتجاه ضرورة التعجيل نحو تفعيل بطاقة خاصة بالمستوردين يرافقها في نفس الوقت فرض الرقابة على التحويلات المالية نحو الخارج، لوقف تهريب العملة الصعبة نحو البنوك الخارجية وتفاديا للتصريحات الكاذبة. وأكبر معني بهذا النظام من بعيد أو قريب المتعامل الاقتصادي الوطني وصاحب المؤسسة بدرجة أولى للمساهمة في توفير المنتوج، ومن ثم القيام بتصديره وخلق ثقافة جديدة لم يتعوّد عليها الجزائريون، متمثّلة في إدخال العملة الصعبة بدل إخراجها وإيداعها في بنوك أجنبية. وكان قد صدر في العدد رقم 66 من صفحات الجريدة الرسمية مرسوم تنفيذي تضمن شروط تطبيق أنظمة رخص الاستيراد والتصدير للمنتوجات والسلع، عقب المصادقة عليه في مجلس حكومي من أجل الشروع في تنفيذ وسريان أحكام نص قانون التجارة الخارجية الجديد. رخص مؤقّتة صالحة لمن يستصدرها فقطعلما أنّ نظام الرخص تشرف عليه لجنة وزارية، يترأسها الأمين العام للوزارة وتضمّ ممثلين عن وزارة المالية أي من مديريتي الضرائب والجمارك وممثل عن كل من وزارة الصناعة والفلاحة وكذا التجارة، ونصّ ذات المرسوم على أنّ رخص الاستيراد أو التصدير التلقائية تمنحها القطاعات الوزارية المعنية على أساس طلبات ترفق بملفات إدارية، يتوفر فيها شرط المطابقة للمنتجات والبضائع حسب طبيعتها مع توضيح فعلي للوضعية القانونية للمتعاملين الاقتصاديين.جاء النص التشريعي واضحا بخصوص مدة صلاحية رخص الاستيراد التي لا يتعدى عمرها ستة أشهر، ويمهل للمستفيد منها إعادة إيداعها في فترة لا تتعدى العشرة أيام من تاريخ نهاية صلاحيتها، ويمكن تجديدها كما يمكن توقيفها وإلغائها، ومن أهم ما تتميّز به لا يمكن لغير من استصدرها باسمه استغلالها، فلا تمنح الفرصة لمن يتاجر برخص الاستيراد والتصدير بركوب الموجة، وبهدف القضاء على ظاهرة الدخلاء الذين يستثمرون في الفراغات القانونية ويستغلون الانفتاح لتهريب العملة الصعبة نحو الخارج. وكان وزير التجارة قد صرّح مؤخّرا أنّ قائمة السلع التي سوف تمنع من الاستيراد حدّدت مبدئيا ب 63 منتوجا فلاحيا وشبه فلاحي، مع اعترافه باستمرار النقاش طيلة الأسبوع الجاري، حيث ستساهم الوزارات المعنية بإضافة المنتجات التي ترى أن الآلة الإنتاجية قادرة على تلبيتها وتحقيق وفرتها. وتبقى القائمة قيد التنقيح على مدار شهرين كاملين حتى تكون شاملة ودقيقة تحقق الأهداف المسطرة، فبإمكان إدراج سلع وحضر أخرى حسب الطلب الوطني، وعلى ضوء أي مستجد يسجّل ويتحدّث القانون عن وضع حد لتجنب الندرة وارتفاع أسعار بعض المواد المنتجة محليا، وأخذ بعين الاعتبار كل التفاصيل تجنبا لأي طارئ يحدث.وتعدّ الرخص في النص الجديد إجراءات إدارية مطابقة لقوانين المنظمة العالمية للتجارة، وتهدف إلى ضمان وتحقيق أمن وجودة أفضل للمنتجات، وتجنبا لحدوث أي خلل أو ندرة بالسوق. القرض الاستهلاكي آلية ناجعةإذا لن يقتصر مطلع السنة الجديدة على إطلاق رخص التصدير والاستيراد، بل القرض الاستهلاكي الذي ينتظره الملايين من الجزائريين سيرى النور بحر الأسبوع الجاري، وينتظر منه الكثير على صعيد امتصاص مديونية العائلات وتشجيع الادخار لدى الأفراد، وبعث من جديد الأمل للمؤسسة الإنتاجية لتسويق حصة معتبرة من منتجاتها محليا، على اعتبار أنّ القرض الاستهلاكي سيمس فقط المنتجات الوطنية والتي تحدّدت طبيعتها وقوائمها نهاية الأسبوع الفارط عقب الموافقة على شروط منح القرض الاستهلاكي من طرف ثلاث وزارات، ويتعلق الأمر بكل من وزارات التجارة، الصناعة والمالية، حيث تمّ الاتفاق على منتجات سبعة شعب صناعية محلية، لكن لن تشترط فيها أي نسبة اندماج بخلاف ما روّج في السابق، ومن بين السلع المعنية نذكر السيارات و الحواسيب وأجهزة التلفاز والأثاث المنزلي الخشبي، وكذا مواد البناء. وينتظر أن تساهم هذه الآلية الجديدة في ضبط ميزانية الأسر، والرفع من القدرة الشرائية والتشجيع على استهلاك العلامة الجزائرية، التي ستشجّع المؤسسة على تكثيف إنتاجها الذي سيسمح دون شك برفع تنافسيته والتقليص من كلفته وإكسابها خبرة معتبرة. ويمكن للمستفيد أن يسدّد قرضه الاستهلاكي في مدة أدناها3 أشهر وأقصاها 60 شهرا، وسيوفّر نظام مركزية المخاطر الذي أدرجه بنك الجزائر الحماية الكافية لضمان تسديد الزبون لقرضه الاستهلاكي لتسهيل عملية التحصيل فيما بعد بالنسبة للمؤسسات المالية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/01/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : فضيلة بودريش
المصدر : www.ech-chaab.net